فيما تتصدر أنباء الحرب التي تشنها «إسرائيل» على لبنان نشرات الأخبار وعناوين الصفحات الأولى، تتراجع أخبار الساحة العراقية إلى الأنباء الثانوية والصفحات الداخلية، على رغم ان البعض يرى أن أحد أسباب اندلاع الأولى سببه وصول الاوضاع إلى ما وصلت إليه في الثانية.
وتشدنا في خضم ذلك الخسائر المالية والاقتصادية التي تكبدها لبنان من جراء الغارات الوحشية التي شنتها آلة الحرب الإسرائلية على المؤسسات المدنية اللبنانية، بما فيها الهياكل التحتية التي تم بناؤها بعد العام 2000 إثر الانسحاب الإسرائيلي من لبنان. وأن كانت «إسرائيل» تتحاشى نشر خسائرها سواء كانت بشرية أو اقتصادية، فإن الولايات المتحدة لا تملك إلا ان تفتح ملفاتها وتكشف الخسائر التي تتكبدها من جراء وجودها في الساحة العراقية، والتعزيزات العسكرية والسياسية المنغمسة فيها. فبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على غزو الولايات المتحدة العراق، يثور جدل حاد في واشنطن بشأن كلفة هذه الحرب. ولا يقتصر الجدل حول دراسة وحسابات المكاسب الجيواستيراتيجية والسياسية فقط، بل تزداد الأصوات التي تنظر إلى الأبعاد المالية للحرب تفصيليا، وتحلل حسابات المكسب والخسارة من الناحية الحسابية الصرفة. حياة أبوصالح، إحدى مراسلات تقرير واشنطن (www.taqrir.org)، تنقل وقائع الندوة التي نظمها أخيراً معهد أميركان انتربرايز (American Enterprise Institute) في واشنطن حول الرؤى الاقتصادية لحرب العراق.
تقول أبوصالح إن الندوة استغرقت يوما واحدا فقط وناقشت ثلاث أوراق عمل، استهلها الباحث كيفن هاسيت، مدير وحدة الدراسات السياسات الاقتصادية في المعهد، بالقول بإن حساب فوائد وكلف أي حرب عملية معقدة يصعب تقديرها. وأضاف أن هنالك الكثير من عدم الاستقرار والضبابية حول تلك المسألة، الأمر الذي يصعب على الاقتصاديين المتخصصين عملية الانخراط في تحليل سياسات الدفاع. وطرح الباحث السؤال المحوري لموضوع النقاش حول كيفية حساب كلفة الحرب الاقتصادية مقابل أرباحها.
وتحدث أمام الندوة حسبما نقلتها صالح - كل من: ستيفن دافيس: أستاذ الاقتصاد والأعمال الدولية بجامعة شيكاغو، والزميل الزائر بمعهد أميركان إنتربرايز. ألن كرويجر: أستاذ الاقتصاد والعلاقات العامة بجامعة برنستون. ديفيد لوغران: أستاذ الاقتصاد بكلية باردي راند وباحث اقتصادي بشركة راند. كريستوفر فوتي: عالم اقتصاد بقسم البحوث التابع لبنك الاحتياط في بوسطن. وكاترينا كوسك: باحثة بمعهد بروكينغز.
كان أول المتحدثين هو ستيفن دافيس الذي فضل استخدام مبادئ اقتصادية أساسية، وقد تبنى طريقة كمية لمقارنة كلفة الحرب مقابل كلف احتواء الأزمة مع العراق ما قبل الحرب. وذكر انه من الصعب فصل وتحديد موازنة خاصة بكلفة سياسة الاحتواء. وتطرق دافيس لاحتساب فترة احتواء نظام صدام حسين المستقر بالأخذ في الاعتبار بأن النظام كان سيدوم لـ 57 عاماً بدءاً من فترة صعود صدام إلى السلطة العام 1979. وحتى لو نجحت سياسة الاحتواء، فقد كانت سياسة مكلفة للغاية.
ويستطرد دافيس قائلاً إن هناك تقديرات متفائلة تنبأت بأن كلفة الحرب قد تصل إلى 106 مليارات دولار. وهو تقدير أقل من كلفة اتباع سياسة الاحتواء حسبما ذكرت تقديرات مكتب موازنة الكونغرس، خصوصاً مع وصول كلفة الحرب لما يزيد عن 450 مليار دولار، إلا أن هذه التقديرات تركزت بشأن كلفة الحرب أكثر من كلفة الاحتلال والبقاء وإعادة إعمار العراق
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1430 - السبت 05 أغسطس 2006م الموافق 10 رجب 1427هـ