العدد 1429 - الجمعة 04 أغسطس 2006م الموافق 09 رجب 1427هـ

أهمية الدعم المعنوي للبنان والمقاومة

عثمان الماجد comments [at] alwasatnews.com

-

صعب جداً ونحن نتوغل أكثر وأكثر في متاهة الحرب بحثا عن انتصار يعيد لنا شيئا من هيبة مغدورة وكرامة مهدورة، فيداهمنا استعداد استهلالي لحفلة موت آخر معمد تاريخها الثاني بدم ضحايا قانا الأول، وما أدراك ما قانا، فعلا ما قانا؟ ولنيسر على كل من تبلد حسه فنقول: هي تلك البلدة التي استجمعت أحزان كربلاء ودم المسيح لترشها رشا في فضاء العرب، على مرحلتين، ولكل مرحلة آثارها البشرية الفجائعية، على أمل ايقاظها وبعث شيء من الإحساس بالكرامة لمداواة جروحها وغسل عارها بطهورية المقاومة، لكن، لا حياة لمن تنادي، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. صعب جدا والناس منشغلون بمضاجعة أحلامهم واجترار مشاهدها، وعد سجايا أبطالها ومآثرها، فمنا من هو موهوم بمقولات فترة امتدت حتى فواتح السبعين من القرن الماضي، واستنفدت معينها الثقافي وتآكلت تربتها الحضارية لتتعاكس مع حقائق مرحلة جديدة تنبذ الهيمنة والاستبداد تحت أي مسمى حتى لو اقترن ذلك بالوطنية. صحيح أنها كانت مرحلة مغايرة عما سبقها من فترات واتسعت بالقدر الذي اقترب منها الآخرون، وكانت، أيضا، المرحلة الضرورة لانبعاث العزة الوطنية ما أثرى حركة التحرر الوطني وأسهم في استقلال كثير من الدول العربية، لكنها تظل حقبة سالبة للناس حريتها. كانت مرحلة وطنية، لكنها لم تكن مواطنية! وهذا مبحث آخر.

ومنا أيضا من هو غارق في قراءة سيد قطب ليشغل نفسه ويشغل الآخرين عبثا بعدالة الدولة الدينية، في خط يعاكس التوجهات العالمية في فصل الدين عن الدولة، حتى توالدت من فكره إياه فرق تتسابق في ربط الحركة الاجتماعية بكوابح لا تتيح له التقدم إن لم نقل أبقته حيث هو يعاني ما يعانيه من اعتراكات وخصومات مع الحكومات ومع مخالفيه من الناس، وقس على ذلك بقية الفرق والطوائف التي لا تجد الحقيقة إلا في ثنايا مقولاتها، وربطها بخرافات بطولية لم ننل منها إلا الانكسار والهزيمة منذ تقسيم فلسطين في العام 1948، مرورا بكل محطات الألم ومرافئ الفقد والفجيعة. صعب جدا، بالتبعية لما تقدم، أن نتلمس الواقعية في ردود فعل الناس وننشد لحظة حقيقية متفاعلة مع محيطها.

اللحظة التاريخية الحاسمة والتي تملأ سماء العرب هي تلك التي تختزلها حقيقة واحدة على صعيد البقاء والعيش الإنساني الكريم وهي صمود لبنان بقواه الوطنية كافة في وجه العدوان الإسرائيلي الآثم، ودعم المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله. دعك عن صحة أو خطأ حزب الله في إمساك زمام الأمور والخشية من تثوير واقع المنطقة، إذ إن الحكومات بتجاهلها ما يتعرض له الشعب اللبناني هو الذي يقود إلى عدم الاستقرار في الأوطان ويهيئ الفرصة إلى تنامي التيارات الراديكالية المختبئة في ثنايا الثقافة المنتجة محليا. ودعك، أيضا، ممن تملكهم الخيال وشطح بهم إلى القول بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وهم أولئك الذين أشرت إليهم في مفتتح المقال، والذين يزايدون على واقعية أمين عام حزب الله السيدحسن نصرالله، والتي أظهرها في إحدى مقابلاته المقنعة، واقعية وضعت سقفا وطنيا يتفق مع الواقع، وكان محل إجماع وطني كانت له صلابة الجبهة الداخلية انعكاسا صارخا قمينا بنا الاحتذاء به. وتشير الوقائع إلى إمكان تحقيقه له في إطار صفقة سياسية يتم التحضير لها، بغض النظر عن من انتصر في الحرب ومن انهزم، ما يعين المواطن اللبناني هو استرجاع أسراه وأرضه ليبني بهم وعليها كرامته، فما المطلوب منا كي نقدم له المساعدة في هذا الإطار؟

بكل تأكيد يأتي الدعم المادي وعلى كل المستويات أهم أنواع الدعم وقد سارعت بلدان كثيرة في تقديم ذلك الدعم ونشير إلى الدعم القوي الذي قدمته دول مجلس التعاون وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التي تقود على الجبهة الأخرى مع دول صاحبة قرار دولي جهوداً من أجل وقف إطلاق النار، الذي هو مطلب مهم للحكومة والمقاومة اللبنانية.

رفيع جداً ذلك الخيط الذي يفصل بين الرأي المدين والشاجب وبين الرأي المناصر والمقدر للشعب اللبناني الذي يواجه الحرب العدوانية تحت غطاء ضرب حزب الله وشل فعله المقاوم، وحزب الله في راهن مأمول قراءته للوقائع الدائرة على أرض المعركة الخروج من الحرب مظفرا، وخصوصاً أن الحرب تركض مسرعة نحو أسبوعها الرابع من دون أن يتمكن العدوان من تحقيق أهدافه، يغير ذلك، في أقل تقدير، من مواقف الحكومات العربية من تلك الحرب لصالح الدعم والمؤازرة ولا نقول المشاركة لأن ذلك حساباته مختلفة.

أعتقد أن أحد أوجه الانتصار المهم الذي ينبغي على المقاومة الإسلامية أن تعتني به، وعلى خلفية طلب الرجل الثاني في تنظيم القاعدة بتقديم الدعم النابع من تحت مظلة الإسلام، كما يدعي، هو منع هذا التنظيم من أن يدخل في المعادلة لينأى بالنتائج المتحققة عن جادة الحق ليدخلها في عدمية مخططاته وسوء تقديراته التي جلبت الويلات للعرب ويفسدها عن بكرة أبيها. فهذا تنظيم إرهابي لا علاقة له بعمليات المقاومة، وأظن أن الفرق واضح بين مقاومة حزب الله في لبنان ومقاومة القاعدة في أماكن كثيرة وأنضج مثال وأقربه هو العراق الذبيح بأدوات تنظيم القاعدة. فالدعم المعنوي والدفع باتجاه إيقاف الحرب هو، في اعتقادي، المطلب المرحلي لفتح باب التفاوض على القضايا التي اندلعت من أجلها الحرب. كما يأتي من باب الدعم المعنوي للمقاومة تقوية التعاون بين الأحزاب العربية ومنع تداعيات الحرب من أن تنال من وحدتها وتقوية تحالفاتها، ومنع دابر الطائفية من أن تطل برأسها عبر الشائعات مثل تلك التي تشاع عندنا في البحرين، من أن السيدحسن نصرالله ينحدر من أصول إيرانية، وأنا لا اعترض على أصوله التي، أيضاً، لا أعرفها، كما أنها لا تهمني، لكن من هو صاحب المصلحة في ذلك غير أن يكون سنيا طائفيا أو قوميا عروبيا هز كيانيهما هذا الفعل الجبار للمقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله

العدد 1429 - الجمعة 04 أغسطس 2006م الموافق 09 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً