قال الخبير في شئون المنطقة والمستشار السابق للأمم المتحدة في لبنان تيمور غوكسل إن الخطط التي تدعمها الولايات المتحدة لنشر قوة إرساء سلام في جنوب لبنان ليست سوى «ضمادة» لمعالجة النزاع بين حزب الله و«إسرائيل». وقال غوكسل (تركي) الذي عمل مع الأمم المتحدة 24 عاما، إن «دبلوماسية خلاقة» هي وحدها الكفيلة بإنهاء النزاع الذي كلف حياة مئات المدنيين في لبنان منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد ذلك البلد في 12 يوليو/ تموز. وأوضح غوكسل الذي عمل متحدثا باسم قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) من 1979 إلى 2003 أن «الفكرة في وضعها الحالي لن تفلح وأفضل ما يمكن أن تحققه هو شراء الوقت وتهدئة الخواطر». وأضاف غوكسل الذي يعرف جنوب لبنان أكثر من أي شخص أخر باستثناء حزب الله ربما، أن نشر مثل تلك القوة «ضمادة وليست حلا».
ورأى انه يمكن تعزيز قوة الطوارىء الدولية في جنوب لبنان لتصبح قوة حفظ سلام مقبولة من قبل الأطراف اللبنانية كافة، مضيفا أن حزب الله اللبناني «يمكن أن يقبل ذلك. لكن (إسرائيل) تريد قوة قتالية». وحذر من أن قوة ردع حسب المفهوم الأميركي والبريطاني، تقوم بنزع سلاح حزب الله وتمنعه من إعادة التزود بالأسلحة من الجهات التي تدعمه في سورية وإيران، ستكون «قوة احتلال». وبعد عام من غزو «إسرائيل» للبنان في 1982 قتل 241 من عناصر مشاة البحرية الأميركية في هجوم في بيروت. كما قتل 58 من المظليين الفرنسيين التابعين للقوة المتعددة للجنسيات نفسها في هجوم مماثل على ثكناتهم. ورأى غوكسل أن طريق السلام يمر من دمشق. وقال «إذا كان أحد يعتقد أن قوة فعالة ستنتج عن ذلك من دون كلمة ودية من دمشق، فإنه لا يعرف الشرق الأوسط»، مضيفا «إذا أردت معروفا من سورية، فعليك أن تدفع مقابله». وضرب مثلا على ذلك الدبلوماسية الغربية التي شملت فرنسا كذلك التي أوقفت عملية «عناقيد الغضب» العسكرية التي شنتها «إسرائيل» على جنوب لبنان العام 1996. وقال «بعد زيارات متعددة إلى دمشق قام بها وزير الخارجية الأميركية السابق وارن كريستوفر، تم إنشاء مجموعة مراقبة من دول غربية وأطراف النزاع بهدف حماية أرواح المدنيين وأثبتت تلك المجموعة فعاليتها».
وتأتي تصريحات غوكسل بعد زيارة قامت بها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى المنطقة في مسعى جديد لإيجاد حل للازمة في لبنان وقبل اجتماع لمجلس الأمن لاتخاذ قرار بشأن حجم وتركيبة وصلاحيات القوة المتعددة الجنسيات التي يقترح نشرها في لبنان. وقال غوكسل إن أي قوة جديدة لإحلال السلام في المنطقة تحتاج إلى «صلاحيات واضحة وغير ملتبسة، والتزام جدي من الأطراف كافة». وأضاف «يجب على اللبنانيين أن يتخذوا قرارا بشأن نشر جيشهم على الحدود مع «إسرائيل». اللبنانيون أذكياء دعوهم يحلوا هذه المسألة بينهم»، مشيرا إلى أن الحوار بين اللبنانيين جرى على مدى أشهر قبل النزاع. وأكد غوكسل (63 عاما) أن فرص السلام تحسنت الآن بعد أن خفضت «إسرائيل» من هدفها الأصلي المعلن وهو القضاء على حزب الله «ولكنهم لا يرغبون في رؤية الأعلام الصفراء على حدودهم مرة أخرى». وقال إنه بخطف جنديين إسرائيليين في 12 يوليو/ تموز «غير حزب الله قوانين اللعبة. لقد اخطأ الحساب. كان ذلك في غاية الإذلال للجيش الإسرائيلي ولا يوجد أي جيش يقبل بذلك».
من جهة أخرى حذر خبراء عسكريون من أن تعزيز قوات الجيش اللبناني المعروف بحياديته وسط التنوع الطائفي في لبنان، يمكن أن يكون مليئا بالأخطار، إذ أن 65 في المئة من الجنود هم من الشيعة ومن غير المرجح أن يدخلوا في مواجهة مع أبناء ملتهم من عناصر حزب الله. وقال غوكسل انه غير متفائل، موضحا «لقد تم انتهاك الكثير من المحرمات خلال السنوات العشر الماضية. وسيزيد هذا النزاع من الانقسامات، وهذا أمر يخيفني»، في إشارة إلى الانقسام المحتمل في لبنان بين الشيعة من جانب والسنة والمسيحيين من جانب أخر
العدد 1425 - الإثنين 31 يوليو 2006م الموافق 05 رجب 1427هـ