العدد 1425 - الإثنين 31 يوليو 2006م الموافق 05 رجب 1427هـ

الإرهاب من نيويورك إلى قانا

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

لا اجد فرقا بين عملية قصف قانا التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء ومعظمهم من الأطفال، وبين ما جرى في عملية تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك العام 2001، الا بموقف واشنطن ازاء العمليتين.

في عملية قانا أعلنت واشنطن اسفها عن قتل المدنيين لكنها رفضت بشكل قاطع ادانتها، كما رفض ممثلها في الأمم المتحدة قيام مجلس الأمن باصدار بيان يدين هذه العملية، وهو موقف يعبر عن موافقة ضمنية لما قامت به «إسرائيل» من قصف المدنيين وقتلهم بدم بارد.

اما في عملية تفجير برجي التجارة العالمي فقد اعلن الرئيس الأميركي جورج بوش حينها ما اسماها «الحرب الصليبية» على القائمين بهذه العملية الارهابية، وباشر بغزو افغانستان والعراق ومن بعدهما أعلن عن قائمة تتصدرها حاليا إيران وكوريا الشمالية وربما سورية قبل ان تباشر «إسرائيل» في شن عدوانين في وقتين متقاربين احدهما ضد «حماس» الفلسطينية والثاني ضد حزب الله اللبناني ضمن شعار شن «الحرب على الإرهاب».

تعريف الارهاب مازال يثير جدلا وخلافا بين الدول والحكومات، لكننا قد نجد في تعريف «نادي مدريد» الذي عقد بحضور زعماء سياسيين ورؤساء سابقين لدول وحكومات وخبراء من كل العالم ما يمكن ان يعد الاقرب الى تضمين معظم وجهات النظر حتى وان اختلفت الدول بشأن المشمولين بهذه التسمية.

ووفقا لهذا النادي الذي عقد اجتماعاته بعد العملية الإرهابية التي طالت احد القطارات في اسبانيا العام 2004، فان الإرهاب «هو جريمة ضد الإنسانية، يتعدى على حياة الاشخاص الابرياء، ويخلق جوا من الكراهية والخوف ويساهم في تكوين فجوات بين الديانات والمجموعات العرقية على مستوى عالمي، ويشكل احد أخطر الانتهاكات للسلام والقانون الدولي وقيم الكرامة الإنسانية».

وبحسب هذا التعريف فان الإرهاب ينطبق تماما على عملية قصف قانا بعد أن قامت بها دولة ذات ديانة معينة ضد ابرياء من ديانة أخرى وخلقت جوا من الكراهية والخوف، لكن يبدو ان واشنطن ترفض بدعمها اللامحدود لـ «إسرائيل» ان تسمي الاشياء باسمائها، فهي حين تعد «تنظيم القاعدة» وزعماءه إرهابيين لقيامهم بتفجير مركز التجارة العالمي، عليها في المقابل اعتبار «اسرائيل» وزعماءها ارهابيين ايضا لانهم نفذوا عملية إرهابية لا تقل بشاعة عن كل العمليات التي قام بها «تنظيم القاعدة» وحملت صفة الإرهاب.

إن استمرار المسئولين الأميركيين في التعامل بازدواجية في توجيه القرارات الدولية قد يؤدي الى تفاعلات عكسية تتعارض مع ما هو معلن عن الحرب التي تشن الآن ضد الإرهاب، وخصوصاً أن واشنطن تقف الآن مع دولة تمارس إرهابا ضد شعب اعزل مشترك مع حكومته في خندق الحرب ضد الارهاب الحقيقي الذي مورس في نيويورك ومدريد ولندن وقانا لا الإرهاب الاحادي الذي لا يفهمه احد سوى أميركا و«إسرائيل»

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 1425 - الإثنين 31 يوليو 2006م الموافق 05 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً