العدد 1425 - الإثنين 31 يوليو 2006م الموافق 05 رجب 1427هـ

حطيئةٌ ومشعوذ!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أن يتفجّر الوضع في لبنان، كان قطاع غزة يعيش تحت ضغطٍ عسكريٍّ شديد، إذ صعّدت «إسرائيل» وتيرة الاغتيالات واستهداف المدنيين الفلسطينيين. المحللون اعتبروا ان من أهداف عملية حزب الله الأخيرة التخفيف من هذا الضغط، في ظلّ عجزٍ عربي شامل، إلى درجة باتت الدول العربية تتقرب إلى الأميركيين بالإعلان عن سعيها الدائم للضغط على الفلسطينيين لالتزام نهج غاندي!

هذه الناحية «المبدئية» في العملية وبعدها القومي والإسلامي والإنساني، قابلها الشارع العربي والإسلامي بما تستحقه من تقدير، فأخذت الجماهير ترفع أعلام حزب الله وصور قائده، من الكويت والمنامة إلى القاهرة وغزّة وعمّان والرباط ونواكشوط وفريتاون وأبيدجان، وليس انتهاءً بباريس ولندن وبروكسل وبرلين. كل ذلك ولم يجرؤ أحدٌ على تخوين هذه الملايين أو اتهامها في وطنيتها، مع ان البعض «الطائفي» هنا حاول منذ اليوم الأول للعدوان الغمز من هذه القناة في سياق تغطيته لردود الفعل العفوية للشارع البحريني.

همجية العدوان، حتى من قبل مجزرة «قانا»، أجبرت الكثيرين على التوقف عن نكأ الجروح، ربما خجلاً من أنفسهم أمام سيل الدماء، وربما خوفاً من ردّات فعل الشارع العربي المكلوم. كل الانتهازيين سكتوا و«انجحروا» إلا اثنين مازالا يكابران: آكل التكة وحمّال الحطب، وكلما تكلما ازدادا غروراً وثقل دم، ينظران إلى الناس من فوق خازوق، ويتصوّران نفسيهما فيلسوفين فوق قمة جبل!

النمام الأكبر، المتفاخر في كتاباته المفلسة بلقب صاحب أطول (...) في التاريخ، مازال يحمّل حزب الله مسئولية الجرائم الإسرائيلية، كلمات أولمرت وبيريز نفسها... والناطق الرسمي بلسان إذاعة «إسرائيل» إيلي نيسان، يتباهى الحطيئة بالجلوس فوق خازوقه لأنه لا يعرف الحياء.

أما الخطيب «الفلتة»، الذي لا يسمع الناس صوته، فثارت ثائرته هذه الأيام، لئلا ينخدع الناس بقائدٍ «مزيّف»، فالله سبحانه أرسل سماحته في هذه المرحلة ليكشف لهذه الملايين «الغبية» الموقف من هذا الحزب، وليحذّر المسلمين من طريق الضلال، والانخداع بحزب الله أو التورّط بتأييده أو الدعاء له بالنصر! فالجنة مخصصة ٌ فقط له ولعائلته وجماعته، ولأبناء قبيلته، وهو وحده الذي سيقرّر يوم القيامة من يدخل الجنة ومن سيهوي في النار. أفكارٌ صحراوية متعصّبة يقتلها ضيق الأفق، وتفوح منها رائحة الاستبداد الديني والعنصرية التلمودية والتمييز والاستعلاء المذهبي، وتصطدم مباشرة بعقيدة التوحيد التي تقرّر ان «أكرمكم عند الله أتقاكم».

عقدة هذا الخطيب «المنفلت»، أنه لا يرى في هذا المشهد الدامي إلا زيادة شهرة حزب الله، وهذا ما ينغص عليه حياته ويحوّل نهاره إلى ليل مظلم، يتقلّب في فراشه مثل الملك الضليل امرئ القيس، ولسان حاله يقول:

وليلٌ كموج البحر أرخى سدوله... عليّ بأنواع الهموم ليبتلي!

من هنا استنفر هذا «الشيخ» المزيّف للكتابة يومياً، وتفتقت قريحته عن كل هذا الكتابات و«الإسرائيليات»، بينما كان لا يَبِيضُ إلاّ مقالاً واحداً في الشهر! كل هذا الاستنفار للتحذير من الانخداع بحزب الله، فهذا الحزب أخطر على الإسلام والمسلمين من قنابل أميركا وصواريخ «إسرائيل»، ومن مشروع الشرق الأوسط الكبير!

نماذجُ أثريةٌ نافقة، تعاني من تصحرٍ رهيبٍ في الحس العربي والإسلامي والإنساني، محلها المتاحف كالديناصورات، ليس لها من قيمةٍ في هذه الظروف الحرجة أكثر من الزوائد الدودية، دورها الوحيد تحريك الضغائن بين الشعوب العربية، وإثارة الفتن بين المذاهب الإسلامية... كأن ما بالأمة لا يكفيها حتى يبرز لها هؤلاء المشعوذون

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1425 - الإثنين 31 يوليو 2006م الموافق 05 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً