الهجوم الذي شنه فصيل من متمردي دارفور رافض لاتفاق السلام الذي وقع في أبوجا، على مدينة حمرة الشيخ في إقليم كردفان المجاور لدارفور يعتبر في الواقع «فرفرة مذبوح»، بمعنى محاولة يائسة لإثبات الوجود بعد أن سحب البساط سياسياً وميدانياً من المتمردين. فاتفاق السلام وقعته أكبر حركة للتمرد في الإقليم ولحقت به قيادات ميدانية كثيرة من حركة «العدل والمساواة» الرافضة للسلام حتى الآن. كما أن الحكومة السودانية استطاعت أخيراً إقناع ميليشيا الجنجويد العربية في دارفور بتسليم أسلحتها، وبدأ بعض اللاجئين بالعودة إلى قراهم. كل هذه العوامل تجعل مطالبة المجتمع الدولي بدخول قوات أجنبية للمنطقة من دون معنى. كما أن الجيش السوداني يعتبر قوة متمرسة على حرب العصابات والأدغال منذ أكثر من خمسين عاماً يستطيع حماية ترابه وخصوصاً أنه أصبح لديه اليوم متنفساً بعد أن خمدت حرب الجنوب (التي قادها الراحل جون قرنق)، وانسحبت وحداته بالكامل من جنوب البلاد إذ يستطيع الآن إعادة انتشاره في دارفور وملاحقة كل خارج على القانون. وهذا ما جعل الرئيس السوداني عمر البشير يصر على رفضه وجود قوات أممية الهدف منها الخفي هو ملاحقة المطلوبين (بعضهم مسئولون في الحكومة) لدى المحكمة الجنائية الدولية، وإيجاد موضع قدم لدول غربية أخرى كالولايات المتحدة وبريطانيا في هذا الجزء من إفريقيا بعد أن استأثرت به فرنسا.
وبالعودة إلى الهجوم الأخير لمتمردي دارفور على إقليم كردفان الذي نحن بصدده، فإنه سيأتي بنتائج عكسية عليهم. فالأجواء الآن مرشحة إلى بروز جنجويد كردفانية تتشكل من العشائر العربية الموجودة هناك وهي الكبابيش، ودارحامد، ومعالية، وحمر، وكواهلة، وبديرية وهي قبائل صعبة المراس لا يستطيع حفنة من قطاع الطرق ورؤساؤهم الذين اعتادوا على الرفاهية في الفنادق الغربية خمس نجوم الوقوف في وجهها. هذا إذا أضفنا إليها سند الجيش الحكومي بمقاتلاته. سياسياً أيضاً الوضع الدولي والمحلي ليس في صالح رافضي السلام في دارفور، إذ إن الاتحاد الإفريقي يبحث فرض حظر عليهم، والولايات المتحدة أخذت تسوق لاتفاق أبوجا. كل هذا يجعل مستقبل متمردي دارفور في كف عفريت
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1399 - الأربعاء 05 يوليو 2006م الموافق 08 جمادى الآخرة 1427هـ