العدد 1399 - الأربعاء 05 يوليو 2006م الموافق 08 جمادى الآخرة 1427هـ

ضرائب

حسن العالي comments [at] alwasatnews.com

تتردد تقارير عن عزم دول المجلس فرض ضرائب (من بينها ضريبة القيمة المضافة) على الشركات والمواطنين. والضرائب كانت في الأصل جباية يفرضها الحاكم على رعيته لتدخل خزينته الخاصة من دون ان يسأله عنها احد. وقد تطورت وظيفة الضرائب لاحقا لتمثل احد مصادر دخل الخزينة العامة بهدف الانفاق على الخدمات العامة كالرعاية الصحية والتعليم وإنشاء الطرق والسكك الحديدية وغيرها. بعدها تطور دور الضرائب لتؤدي وظائف جديدة إذ باتت تركز على الجوانب التنموية والاجتماعية، فهي باتت تعرف كإحدى أدوات السياسة النقدية التي تستخدم تارة في تحفيز النمو الاقتصادي أو كبح جماح التضخم او تحقيق العدالة الاجتماعية. لذلك، فاننا عندما نتحدث اليوم عن احتمالات فرض الضرائب في البحرين أو بقية دول المجلس، علينا ان نحدد اولا الاهداف التنموية والاجتماعية لفرض الضرائب ولا يجب النظر اليها كأداة لزيادة الايرادات المالية.

لقد اقترح صندوق النقد الدولي أن تقوم دول مجلس التعاون الخليجي بفرض عدة انواع من الضرائب التي يمكن أن تعزز الايرادات غير النفطية منها ضريبة دخل الفرد وضريبة الدخل المجمعة وضريبة الاستهلاك، وضريبة القيمة المضافة وضريبة الرسوم علاوة على الغاء اي استثناء ضريبي على المشروعات وفرض رسوم عادلة على الخدمات العامة كالكهرباء والماء والصرف الصحي. إلا أن تقرير الصندوق يعيد للتأكيد ان فرض مثل هذه الضرائب يجب ان يكون بضمن مجموعة من الاجراءات والادوات الهادفة الى تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي بدول المجلس.

ومن بين الإجراءات التي يقترحها الصندوق قيام دول المجلس بتعزيز أوضاعها المالية (حفىَُّفىَىَه ئىَّكفٌ ٌََُُّىلفُّىَُ) والالتزام بسياسات مالية متطورة والتقليل من دور القطاع العام وادخال تعديلات على نظام الحوافز لتعزيز مشاركة القطاع الخاص وخفض الدعم الحكومي وانتهاج سياسة اصلاحية لايجاد نظام فعال وقادر على المنافسة على صعيد الاستثمارات العامة والخاصة وبين المستثمرين المحليين والخارجيين ورفع كفاءة النظام المالي وسوق المال وايجاد سوق عمالية منافسة.

فنحن نلاحظ فعلاً أنه وعلى رغم انتعاش إيرادات النفط الآن فإن تأثيرات هذا الانتعاش على بقية القطاعات لايزال محدوداً من حيث المساحة والنوعية، وكأنما هناك انفصام بين روابط آليات عمل القطاعات الاقتصادية. اننا نعتقد ان احد الاسباب المهمة لهذه الظاهرة هو غياب ادوات السياسة النقدية ومنها السياسات الضريبية التي تسهم في اعادة توجيه الموارد المالية نحو قطاعات معينة او تخلق الحوافز لزيادة الاستثمارات في قطاعات اخرى.

وتتفاقم ابعاد غياب السياسات النقدية المتنوعة لدى دول المجلس عند تراجع ايرادات النفط وبالتالي الموازنة العامة، وتجبر هذه الموازنات على صرف جل ما في خزائنها على اوجه الصرف المتكررة، أي الانفاق الاستهلاكي (رواتب الموظفين، الانفاق على المرافق الخدمية كالصحة والتعليم، وصيانة المرافق القائمة(، اكثر من الانفاق الاستثماري. أي ان زيادة الايرادات النفطية تصب في تقليص العجز في الموازنة الحكومية.

وصحيح انها تتيح تمويل عدد من المشروعات الجديدة الا ان حجمها وديمومتها لا تكفي لوحدها لتحريك النشاط في القطاعات الاخرى. إذاً غياب السياسات النقدية ومنها الضريبية يكشف عن خلل اساسي في هيكلة الموازنات الحكومية لدول المجلس. ولكن هل هذا الاستنتاج يقود تلقائيا إلى الدعوة إلى فرض ضريبة وخصوصاً القيمة المضافة التي ستثقل كاهل المواطنين؟... لا فالموضوع له جوانب اخرى بحاجة إلى المعالجة

العدد 1399 - الأربعاء 05 يوليو 2006م الموافق 08 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً