العدد 1399 - الأربعاء 05 يوليو 2006م الموافق 08 جمادى الآخرة 1427هـ

الولاء ليس للبيع أو الشراء

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في أحد مقالات الأخ نادر كاظم انتقد فيه حملة إعلانات حاولت تسويق «الولاء للوطن»، وذلك لأن الولاء ليس سلعة تعرض في السوق للبيع والشراء. وهذا المفهوم يبدو أنه مازال خافياً على بعض الإخوة الذين يتحركون من مواقع رسمية. فبعض القرارات تتخذ على أساس أن الحكومة مجرد «شركة» تبيع وتشتري، ومن بين السلع التي تبيعها هي «الولاء» و«الطاعة»... ومن يثبت ولاءه وطاعته، بحسب ضوابط ومقاييس يحددها هذا المسئول أو ذاك، فإنه تتم معاقبة أو مكافأة هذا الشخص أو ذاك، أو هذه الفئة أو تلك.

يغيب عن هؤلاء الإخوة أن مسألة الولاء ليست «سلعة» استهلاكية، وانما هي وجدان وضمير وارتباط بالمجتمع في السراء والضراء، وترابط مع تاريخ الوطن، وهوية غير قابلة للمساومة. يغيب عن بعض الإخوة المسئولين مفهوم تقوم عليه المجتمعات الإنسانية، وقامت عليه الحضارات وسادت ، وهو مفهوم يقول إن ولاء الشخص لدينه، لوطنه، لمجتمعه، أو لقيادته انما يرتبط أساساً بالضمير... وان هذا الضمير هو شأن قلبي، ومن أجله يضحي المرء بحياته، وبسبب وجود هذا الضمير والإيمان القلبي، يمكن إطلاق مسمى «أمة» على هذه المجموعة البشرية أو تلك.

أما إذا تحول «الولاء» إلى سلعة للبيع والشراء، فإن الحكومة تتحول إلى شركة خاصة (وتعبير «الشركة» قاله أحد الاخوة المسئولين) وبهذا يتحول المواطنون إلى موظفين يحصلون على معاشات مقابل إعلانهم الولاء والطاعة... أما من ينتكس حظه في هذه الوظيفة التابعة للشركة (= الحكومة) ولا يحصل على رضا المسئول في الشركة (= المسئول في الحكومة)، فإن سلعة «الولاء» ومستحقات هذه السلعة تسحب منه، وربما يتم تسليط الأجهزة الخاصة في الحكومة (= الشركة)، ومواردها ضد هذا الطرف أو ذاك.

وإذا كانت الحكومة مجرد شركة تبيع وتشتري في سلعة «الولاء» فإن من حقها أن تشتري شعباً آخر غير الشعب الذي يوجد ضمن حدودها، أو تبيعه ان استطاعت، أو ترسله إلى غياهب السجون اذا عجزت عن شراء ضميره... فالحكومة، من خلال هذا التعريف الذي يطرحه بعض الاخوة المسئولين، مجرد شركة تبيع وتشتري. وعلى أساس أنها حكومة تبيع وتشتري فإنها ستحصل على المتملقين، وستخسر من لديه ضمير واخلاص، لأن الضمير والاخلاص ليسا سلعة يمكن شراؤها أو بيعها.

إن ما نود ايصاله إلى بعض اخواننا المسئولين الذين يقولون لنا إن الحكومة مجرد شركة، وان من حق هذه الشركة أن تعاقب من لا يطيعها، وان تحرم هذه الصحيفة أو تلك من الإعلانات إذا انتقد أي مسئول لديها، نقول لهم إنكم اخطأتم في تعريفكم للولاء واخطأتم في تعريفكم للحكومة بأنها مجرد «شركة»... فالحكومة انما هي مصلحة عامة لخدمة المجتمع، والصحافة انما هي إحدى الوسائل التي يعبر من خلالها المجتمع عن نفسه، والحكومة التي تنبع من وجدان المجتمع لا تحتاج إلى أن تبيع وتشتري الولاء والطاعة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1399 - الأربعاء 05 يوليو 2006م الموافق 08 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً