«إننا نستعمل الألفاظ لنريح أنفسنا أو لنتملقها، ولنهدئ خاطرنا بعد ثورة، ولنحث النفس على القيام بعمل أو لنستنكر قيامها بآخر، إن القيمة الاجتماعية للكلام تتمثل في حمل الأفراد على العمل معاً بشكل فعال، وفي تخفيف حدة التوتر الاجتماعي».
كلوكهون
«الكلام» هو البيئة التي نعيش فيها، وهو أساس أي جماعة وسبب ديمومتها. بالكلام نعيش. نتكلم فنرضى قليلاً، ونعترض أكثر، لكننا نتكلم عوض أن نموت قهراً.
ترتبط ثقافة الجماعة ارتباطاً كبيراً بكلامها وتطوراتها ودلالاتها، فكلمة «منزل» مثلاً، لها دلالتها المؤلمة لدينا، والتي تستحق أن نتكلم عنها من دون أن نتوقف، أو حتى أن نحس أننا قد بالغنا في الكلام عنها، وعليه، فلا أكثر مبدئيا من أن نتفق على ضرورة أن «نتكلم»، حتى نكتمل إحساساً، فالسكوت ليس من «ذهب» كما يذهب أرباب الأمثال التاريخية الخرفة.
عن ماذا تتكلم؟ أقول، تكلموا عن حقوقكم في الإسكان، والعمل، والسعادة، والحب. تكلموا عن البطالة، تكلموا عن صدقة «المئتي» دينار، والتي تسرق بها وزارة العمل حقيقة أحقية أن نتكلم عن أن ثمة «بطالة» هنا بين ظهرانينا. تكلموا بسلاطة لسان، وبصريح عبارات لا تحتوي مجازات التأويل، تكلموا بوضوح، ومن دون مواربة.
لكن، إياكم، أن تتكلموا لجمعياتكم السياسية، فالجمعيات لا يهمها أن تأكلوا، أو أن تسكنوا، أو أن تعملوا، أو حتى أن تحلموا. أنعم الرب عليكم بجمعيات سياسية «رثة»، تجوز عليها الشفقة أكثر مما يجوز عليها معول النقد أو التأويل، جمعيات مشغولة كوادرها بخوض الصراعات الداخلية بشأن الترشح للمجالس البلدية والنيابية، ولما تفطن إلى أن ما يهمكم هو قتل هذا «الجوع» و«العوز».
تعيش البلاد طفرة مال واقتصاد، وجمعياتكم السياسية في الاقتصاد ولغة المال حالها كساد، تكاد مباني المنامة الطويلة أن تحطم أسوار مباني جمعياتكم «الممهورة» بالفشل. وهم نيام، حالتهم في الإعراب لا تزيد عن «خبر كان»!
تحلمون بالسكنى، وبالعمل الكريم، وبتعليم أولادكم وبناتكم، فتكلموا عن عجزكم في تأمين ذلك، وتكلموا عن قروضكم التي لا تنتهي، وعن أرباحها الثقيلة. تكلموا بلا عنف، تكلموا في منازلكم الضيقة، والتي يشارككم فيها أحفادكم وأحفاد احفادكم، وتتكلمون في دخلكم كلما عجزت أيديكم عن مسايرة الحياة، ولكم أن تتكلموا في أعمالكم التي هي أشبه بمبرات الإحسان.
تكلموا لتخففوا من حدة هذا التوتر الاجتماعي الذي يحيط بكم، تكلموا... وأنتم تقبضون المئتي دينار/إهانة، وتذكروا ألا تموتوا «خلسة»!!، فلا يسمع عنكم أحد
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1398 - الثلثاء 04 يوليو 2006م الموافق 07 جمادى الآخرة 1427هـ