يثير موضوع استخدام التصويت الإلكتروني في الانتخابات المقبلة عدداً من الأسئلة المعارضة والمؤيدة لهذا المقترح الذي مازالت الحكومة تدرس احتمالية تطبيقه. ويشير المؤيدون للمقترح إلى أنه لا توجد عوائق لتطبيق هذا النظام، إلا أنه يجب اصدار قوانين لتنظيم العملية من كل الجوانب.
وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون من جانبه: «قبل أن نصل الى مرحلة تطبيق التصويت الإلكتروني، علينا أن نبني الثقة بين كل الأطراف، وأقول صراحة إن الثقة لاتزال، مع شديد الأسف مفقودة، وهناك شك يساورنا نحن النواب ويساور أيضاً مؤسسات المجتمع المدني في أن عملية الانتخابات ستكون نزيهة وتوفر مقداراً أكبر من العدالة إذا تم استخدام التصويت الإلكتروني خصوصاً مع التلكؤ الحاصل في تحديد يوم الانتخابات وتشكيل لجنة الانتخابات التي ستشرف على العملية الانتخابية وهي قمة العملية الديمقراطية بأسرها».
لكن رئيس جمعية البحرين للشفافية جاسم العجمي ينظر إلى الموضوع بطريقة مغايرة، فهو يؤكد أن هناك ثلاثة حواجز يمكن أن ينظر إليها على أنها موانع، ومنها أن النسبة الغالبة ليست مؤهلة للتعامل مع الأنظمة التقنية الإلكترونية من الناخبين، والمانع الثاني هو الحاجز النفسي، والثالث هو الخوف من ألا تتم العمليات بالصورة التي يريدها الناس.
الوسط - سعيد محمد
كان منتدى البحرين للتصويت الإلكتروني، الذي عقد في شهر يناير/ كانون الثاني من العام الجاري، هو نقطة الانطلاق لطرح فكرة استخدام التصويت الإلكتروني في الانتخابات القادمة، إلا أن هذه الفكرة المقترحة التي لم تنضج بعد، فتحت المجال لوضع «التصويت الإلكتروني» تحت المجهر خصوصاً من جانب مؤسسات المجتمع المدني، وهو الجهة التي أوصى المنتدى بضرورة تداول الفكرة معها.
واذا عدنا الى ذلك المحفل، سنقف عند تصريح وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء رئيس الجهاز المركزي للمعلومات الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة الذي قال حينها إنه لن يتم تطبيق التصويت الإلكتروني من دون موافقة الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، مكرراً تأكيده أن الحكومة حريصة على التوافق مع الجمعيات لإطلاعها على حجم الشفافية في النظام وكيفية عمله.
وعلى رغم أن المنتدى انتهى لكن المقترح سار في مسار الترويج الحكومي، واننا في هذا الاستطلاع، سنتنقل بين وجهات نظر مختلفة، ولابد من الإشارة الى أن الكثير من المهتمين والمعنيين لم يرغبوا في المشاركة لعدم وضوح المقترح بشكل مقبول حسب وصفهم، وسنبدأ بطرح الاستنتاج الرئيسي وهو: هل تسمح قوانين المملكة باستخدام التصويت الإلكتروني؟
وقبل الدخول في الموضوع، نشير الى أن عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة استقبل يوم الاثنين الماضي يونيو/ حزيران الجاري وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء رئيس الجهاز المركزى للمعلومات الشيخ احمد بن عطية الله آل خليفة الذي عرض على جلالته الكتاب التوثيقي وحزمة برامج التصويت الالكتروني مترجمة باللغات العالمية الامر الذي يعتبر الاول من نوعه على مستوى العالم إذ يوثق التجربة الانتخابية مع جميع الأنظمة والتقنيات المستخدمة بصورة شاملة.
كما اطلع جلالته على انظمة التصويت الالكتروني التي تم تطويرها لتستخدم بطاقة الهوية الجديدة وتستخدم التوقيع الالكتروني للتأكد من هوية الشخص وهي الطريقة المعتمدة عالميا للتحقق من هوية الشخص عند اجراء معاملات بملايين الدولارات وايضا لاثبات الهوية عند المنازعات ما يرفع من مستوى الأمن في العملية برمتها.
ضبط المخالفين والمتجاوزين
يشير المؤيدون للمقترح الى أنه لا توجد عوائق لتطبيق هذا النظام، إلا أنه يتوجب اصدار قوانين لتنظيم العملية من كل الجوانب، فحسب تصريح صحافي لقاضي المحكمة الكبرى المدنية مانع البوفلاسة على هامش المنتدى الإلكتروني، فإنه لا توجد عوائق قانونية تعطل تطبيق التصويت الإلكتروني في الانتخابات المقبلة باستثناء تعديل بعض البنود القانونية المعنية بالشئون الانتخابية، موضحاً أنه لابد من تغيير بعض البنود القانونية حال الموافقة على اعتماد التصويت الالكتروني للحماية من الطعن والتشكيك في قانونيته، والبدء في اتخاذ الإجراءات الأمنية بسن التشريعات التي تشمل العقوبات لضبط المخالفين والمتجاوزين أو معاقبة من يكرر أو يغير تصويته أكثر من مرة.
مادة من الحقوق السياسية
ولا يقف المؤيدون عند هذا الحد فحسب، بل يؤكدون أن قوانين المملكة تعتبر متقدمة كثيراً على قوانين الدول الأخرى، إذ إنها تسمح بالتصويت الإلكتروني للمواطنين الموجودين بالخارج من دون إجراء أية تعديلات على القوانين الانتخابية، إذ تنص المادة الخامسة والعشرون من قانون مباشرة الحقوق السياسية على: «لكل مواطن مقيد في أحد جداول الانتخاب وتواجد خارج مملكة البحرين أن يبدي رأيه في الاستفتاء والانتخاب بالطريقة العادية أو بالوسائل الإلكترونية، وذلك وفقا للإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل»، وهي مادة تسمح بإجراء التصويت الإلكتروني للموجودين خارج المملكة وتحل مشكلة صعوبة حضورهم لمقر السفارات للتصويت، إذ أبدى آلاف المواطنين عن استيائهم لعدم تمكنهم من ممارستهم حقهم في التصويت والمشاركة في المشروع الإصلاحي، بسبب عدم وجود سفارات قريبة منهم، وصعوبة إجراءات التصويت، لأنها تتطلب حضورهم الشخصي لمقر السفارات مرة للتسجيل وأخرى للتصويت.
وفي السياق ذاته، تؤكد مديرة إدارة الانتخاب والاستفتاء الشيخة منيرة بنت عبدالله آل خليفة أهمية إضافة عبارة «بالوسائل الالكترونية» في المواد القانونية الخاصة بالتصويت والحياة الانتخابية ومنها المادة «» من المرسوم للعام التي تشير إلى حق المواطن في التصويت ومباشرة حقوقه السياسية داخل وخارج البحرين، وذلك من قبل مجلس النواب ومن ثم الحكومة.
وتطرقت في ورقة عمل قدمتها أمام المنتدى في مجال التصويت الالكتروني الى تجربة استخدام هذا النوع من التصويت على ميثاق العمل الوطني والانتخابات البلدية والبرلمانية، وإن كان بشكل جزئي، وتعد سباقة في هذا المجال بالنسبة إلى دول الخليج.
وأوصت في ورقتها بالتوجه إلى اعتماد التصويت عبر الانترنت بعد التأكد من هوية الناخب عن طريق التوقيع أو البصمة فهي طريقة آمنة من الاختراق أو التخريب.
الشك يساور المجتمع!؟
أليست المسألة مرتبطة بالثقة والشراكة حال توجه الحكومة لتطبيق مثل هذا النظام؟ هنا، يقول النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون انه قبل أن نصل الى مرحلة تطبيق التصويت الالكتروني، علينا أن نبني الثقة بين كل الأطراف، واقول صراحة ان الثقة لاتزال، مع شديد الأسف مفقودة، وهناك شك يساورنا نحن النواب ويساور أيضاً مؤسسات المجتمع المدني في أن عملية الانتخابات ستكون نزيهة وتوفر مقداراً اكبر من العدالة اذا تم استخدام التصويت الإلكتروني خصوصاً مع التلكؤ الحاصل في تحديد يوم الانتخابات وتشكيل لجنة الانتخابات التي ستشرف على العملية الانتخابية وهي قمة العملية الديمقراطية بأسرها.
ويزيد قوله موضحاً: «فما نراه، هو أن عملية الانتخابات، عملية تتأسس على شراكة مجتمعية وليست قراراً منفرداً تشرف عليه السلطة التنفيذية بمفردها، وفي ظل انعدام الثقة الآن، فإن أفضل وسيلة لاستعادة هذه الثقة هي المسارعة بتحديد يوم الانتخابات، وتشكيل لجنة الانتخابات بحيث تضم ممثلين عن اطراف المجتمع المدني وألا تكون رئاسة اللجنة في يد السلطة التنفيذية! فإذا كانت في يد السلطة التنفيذية فعندما يحدث خرق او شك فإلى من يلجأ المدعي اذا كان رئيس لجنة الانتخابات هو ذاته رئيس جهاز المعلومات وهو في الوقت وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء؟».
ويستدرك بقوله... وهذه مهمة ثقيلة وخصوصاً أن لجنة الانتخابات يجب أن تحال الى المجتمع المدني وتشترك فيها الحكومة كباقي الأطراف، أما الجانب الآخر الذي يتعلق بالتصويت الالكتروني، فالحقيقة أن البحرين ليست في حاجة له الآن لعدة اعتبارات منها صغر حجم المساحة والقاعدة الانتخابية المتواضعة العدد قياساً بدول أخرى طبقت هذه التجربة، الى جانب عامل مهم... على قدر معلوماتنا المتواضعة في التقنية، فإنها مازالت غير مأمونة! ولذلك نعتقد أن هذه المرحلة لم يحن أوانها بعد، ولكن المهم الآن بناء الثقة بين الأطراف وتشكيل لجنة الانتخابات والاتفاق على وجود اشراف من جانب المتخصصين في مؤسسات المجتمع المدنية محلياً والاستعانة كذلك بالخبرات الدولية.
إحالة مشروعات القوانين
ويقرأ مرهون الموضوع من جانب آخر، فهو يرى أن هناك تسارعاً لإحالة مشروعات بقوانين بعضها يحرم فئات من المواطنين من حقهم الدستوري والإنساني والمدني في التصويت فضلاً عن الترشيح... واقصد بها المادة التي تحرم المحكومين بمدد ستة أشهر من المشاركة، وهناك الكثير من المواطنين الذين حكموا لستة أشهر على مخالفات مرورية وجنح بسيطة! فهل يعقل أن يحرموا من المشاركة؟
ثلاثة حواجز... تبقى موانع
وفي اعتقاده، يرى رئيس الجمعية البحرينية للشفافية جاسم العجمي أنه ليس الكل مهيأ لاستخدام التكنولوجياً أصلاً، فكيف يمكن تطبيق مثل هذا النظام؟ والدليل على ذلك الإحصاءات التي تصدر بخصوص استخدام العمليات المصرفية والتي تشير الى أننا في طور البدايات، فكم مواطن يستخدم هذه الأنظمة؟
وفيما يتعلق بمدى امكان استخدام نظام التصويت الإلكتروني، يؤكد أن هناك ثلاثة حواجز تبقى موانع ومنها أن النسبة الغالبة ليست مؤهلة للتعامل مع الأنظمة التقنية الإلكترونية من الناخبين، والمانع الثاني هو الحاجز النفسي والثالث هو الخوف من الا تتم العمليات بالصورة التي يريدها الناس، وهذه الموانع بمثابة مؤشرات تؤكد أن استخدام التكنولوجيا في عمليات مؤثرة ومهمة لا يجب أن يتم الا بتوافر جميع الشروط الموضوعية والظروف المواتية.
«القضية تحتاج الى فترة حتى يقتنع الناس بها، فالنظام
العدد 1395 - السبت 01 يوليو 2006م الموافق 04 جمادى الآخرة 1427هـ