هل تشهد العلاقات السورية - الأردنية مرحلة جديدة من الاستقرار والتفاعل الايجابي؟ ربما كان ذلك هو السؤال الأساسي المطروح في أعقاب الزيارة الأخيرة لرئيس وزراء الأردن معروف البخيت لدمشق برفقة وفد رفيع المستوى للمشاركة في اجتماعات اللجنة السورية - الاردنية، التي تضم من الجانب السوري رئيس الوزراء محمد ناجي عطري وعدداً من أركان حكومته.
لقد استبقت زيارة الوفد الأردني لدمشق بعملية تبريد سياسي، إذ أعلنت كل من سورية والأردن، عدم وجود خلافات بين البلدين، وهو إعلان جاء في أعقاب تقارير صحافية تحدثت عن دور مصري لوساطة بين دمشق وعمان، ثم جاء الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأسد والملك عبدالله الثاني، أعقبه تأكيد البلدين عقد اجتماعات اللجنة السورية - الاردنية وفقاً لما هو مقرر وبمستوى رئاسة الوزراء في البلدين.
إن التوترات، التي أحاطت بعلاقات البلدين تستند إلى اختلافات سياسية، وهو أمر يبدو طبيعيا في ظل غياب توافقات عربية بين غالبية الدول، والتفات غالبيتها إلى معالجة شئونها الداخلية، وضبط علاقاتها الخارجية بالاستناد إلى ضرورات الأوضاع الداخلية وخصوصا الأمن، ولهذا بدا أن الاردن ركز في موضوع علاقاته مع سورية على الجانب الأمني، وخصوصا مع تسرب معلومات عن دور سوري - جغرافي على الأقل - في دخول أسلحة إلى الأردن على نحو ما ظهر في موضوع مجموعة حماس، كما أن تكرار استقبال دمشق معارضين أردنيين، أمر لا يستبعد حساسية الحكومة الأردنية، وهناك تفاصيل مماثلة من الجانب السوري الذي أشار في أوقات سابقة إلى مجيء عناصر من الأردن قامت بأعمال مسلحة في سورية، ثم صدرت إشارات عن امتعاض من نشاط معارض سوري في الأردن.
لقد عالجت الحكومتان السورية والاردنية، التوترات المتبادلة بالتهدئة وبالسكوت، لكن من دون الدخول الجدي والفعال في معالجة تلك التوترات نتيجة الاختلافات السياسية بشأن مسائل إقليمية ودولية، الأمر الذي أبقى التوترات في مستوى، لم يمنع من ظهورها في مرات قليلة، لكن مصلحة الطرفين، كانت تتطلب معالجة تلك التوترات حتى وإن لم تتم معالجة الاختلافات السياسية، وهو أمر فتحه الدخول المصري على الخط السوري - الأردني، ووجد تجاوباً سريعاً من الجانبين.
وبطبيعة الحال، فتحت زيارة رئيس وزراء الأردن لدمشق الباب لمعالجة هذا الجانب في العلاقات السورية - الاردنية، إضافة إلى معالجة جوانب تقليدية في تلك العلاقات درجت أعمال اللجنة السورية - الاردنية على التعاطي معها كما في موضوع المشروعات المشتركة الصناعية والخدمية، ومنها الشركة الأردنية السورية للصناعة وشركة النقل البري الاردنية السورية، إضافة إلى تعاون الجانبين في مشروعات ذات بعد اقليمي بينها مشروع الربط الكهربائي العربي، ومشروع خط الغاز العربي بالاضافة إلى بحث العلاقات التجارية بين الجانبين، والتي تشير معطياتها الى وصول الميزان التجاري بين البلدين في العام الماضي إلى () مليون دولار، وقد بلغ () مليون دولار خلال الثلث الأول من العام الجاري.
لقد أحيطت الزيارة بأجواء خاصة، لا تكمن في التصريحات الايجابية التي صدرت عن رئيسي وزراء البلدين فقط، وإنما من خلال استقبال الأسد رئيس وزراء الأردن، وتسلم رسالة من الملك عبدالله، تتعلق بعلاقات الجانبين.
وسط تلك الاجواء، كانت نتيجة اجتماعات اللجنة السورية - الاردنية، إذ وقع الجانبان محضر اجتماعات الدورة العاشرة للجنة العليا المشتركة، كما وقعا مذكرات واتفاقات للتعاون الثنائي بين البلدين، تناولت مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة وبرنامج التعاون العلمي، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال اتفاقات منظمة التجارة العالمية، ومذكرات تفاهم في مجالات التعاون الصناعي والزراعي والثقافي والسياحي والتدريب المهني والقوى العاملة والاعلام وحماية البيئة والاسكان والتعمير والنقل والاستثمار المشترك والقطاع الخاص. غير أن الأهم في نتائج تلك الاجتماعات، كان في الإعلان عن قمة ستجمع الرئيس الأسد والملك عبدالله، وهو أمر إذا تم سينقل علاقات الجانبين إلى مسار آخر، يتجاوز ما كانت عليه العلاقات السورية - الاردنية في الأعوام الأخيرة، وخصوصا لجهة الوصول إلى توافقات سياسية في قضايا اقليمية ودولية منها العراق وفلسطين، ظل الجانبان في اختلاف عليها طوال سنوات ماضية
العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ