في نهاية يونيو/ حزيران الماضي أعلنت شركة مايكروسوفت عن عزمها على إعادة البناء الهندسي لبرنامج التشغيل ويندوز الخاص بالأجهزة النقالة (mobile devices). وشكلت الشركة العملاقة فريق عمل خاص ما يقارب من شخصاً، أوكلت رئاسته إلى مايك كريمر أحد مديري إدارة منتجات ويندوز. وينشط هذا الفريق في إطار الإدارة العامة لتسويق وترويج برنامج التشغيل الأساسي الذي هو ويندوز. وطلبت الشركة من هذا الفريق الجديد أن يزودها بخطط تسويق جديدة، وان يبدأ في نسج تحالفات وشراكات جديدة. وعلى نحو موازٍ طلبت مايكروسوفت من هذا الفريق أن يقوم بالدراسات والبحوث التي تجعل من برنامج ويندوز لتشغيل الأجهزة النقالة أكثر سهولة في الاستخدام، وأكثر مرونة في تطوير التطبيقات، وأعلى كفاءة في أداء الوظائف.
هذا التوجه لدى مايكروسوفت جاء مبنياً على دراسة نشرتها مؤسسة آي دي سي (IDC) وموقعها سان ماتكو بكاليفورنيا، وهي إحدى الشركات المتخصصة في دراسة سوق تقنيات المعلومات، توقعت فيها أن تتسع أسواق أجهزة الحاسوب النقالة من مليون جهاز في العام إلى مليون جهاز في العام ، وهو ما يشكل نصف أجهزة الحاسوب في السوق العالمية. وهذا تماما ما يعتقده ريتشارد شيم أحد محللي شركة آي دي سي. أما بالنسبة للهواتف النقالة فهي الأخرى يتوقع شيم لسوقها الاتساع، وهو الأمر الذي جعل مايكروسوفت تشرع في إضافة مميزات جديدة خاصة بالأجهزة النقالة (حواسيب وهواتف ذكية) في برنامج التشغيل الجديد الذي ستطلقه الشركة والمعروف باسم فيستا.
ويرى شيم أن الوقت قد حان كي تلج مايكروسوفت السوق ببرنامج تشغيل خاص بالأجهزة الحركية من دون غيرها، أو كحد أدنى، قادرة على إضافة مميزات لوظائف جديدة في الأجهزة الحركية تولد قيمة مضافة للخدمات التي تقدمها، والتي تتجاوز تلك الأساسية المتوافرة حاليا فيها. وينهي شيم حديثه بالقول «هذا الأمر... أي الحركية مسألة ينبغي أن تكون حاضرة في أذهان كل من يعمل في صفوف مايكروسوفت».
وفي أول تصريح له لمجلة إي ويك (eWEEK) أكد كريمر «لقد حان الوقت كي تمارس دوراً أكبر في سوق الحركية... وفيما يتعلق بزيادة الحركية علينا نوعية السوق وريادة الاتجاهات التي ينبغي أن تسوده». ويضيف «علينا أن ننسج القصة المتناغمة والاستراتيجية المتكاملة التي تمكننا من مساعدة الزبائن على التحول نحو الحركية. هذا يشمل طيفا من الأجهزة التي تبدأ بالهاتف النقال لتصل إلى بديل جهازك الحاسب، والذي هو جهازك الدفتري، وكل ما يقع بينهما».
لكن لدى فريق التسويق في مايكروسوفت أهدافا أكبر على المدى البعيد، فهي تبحث عن صيغة جديدة للمزاوجة في تحالفاتها مع صناع الأجهزة والمعدات ومطوري البرمجيات والوظائف، إلى جانب قراءة الملاحظات والتغذية الراجعة لمستخدمي الأجهزة الحركية عن برنامجي التشغيل ويندوز إكس بي، وفيستا في محاولة لبناء نظام تشغيل جديد يتمحور حول الأجهزة الحركية. ويضيف كريمر أن فريقه «ينظر بجدية في برامج التشغيل المستقبلية».
وينهي كريمر حديثه بالإشارة إلى مشروع قريب من هذه الصناعة تطمح مايكروسوفت في ولوج أسواقه، وذلك هو «سوق نقل الصوت باستخدام تقنيات الإنترنت وبرتوكولاتها (VOIP)، من أجل توفير خدمات أفضل عبر الإنترنت لمؤسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة».
المنتج الجديد الذي تتمحور حوله أنشطة الكثير من الشركات هو ما أصبح يطلق عليه الحاسب الشخصي الشديد الحركية (UMPC: Ultra-Mobile PC)، إلى جانب الحاسب الدفتري الشديد الحركية، ومن ثم فإن الفريق يطمح إلى تطوير بناء هندسي لبرنامج تشغيل قائم على الويندوز لكنه قادر على إتمام عمليات التخاطب والتكامل بين الأجهزة الأخرى من دفترية وهواتف ذكية وبرامجها التشغيلية الخاصة بها.
ومن أول المهام التي ستناط بهذا الفريق الذي تم تشكيله في أبريل/ نيسان الماضي هو دراسة مختلف الأجهزة المتنقلة ووضع خطة متكاملة لوضع برنامج محدد لكل منها، لآن الخيار الأول أفضل جدوى وأقل كلفة، وأكثر سهولة عند وضع استراتيجيات التطوير والترويج والتسويق، ناهيك عن قضايا الصيانة وخدمات ما بعد البيع.
ولا تغفل مايكروسوفت ومعها الكثير من الشركات الأخرى من أمثال إنتل وسامسونغ وإل جي، التي بدأت تلمس اتجاهات هذه السوق وتراقب ميول المستهلك. والكل يعرف، وكما ورد في تقرير صادر عن مؤسسة غارتنر للأبحاث في مارس/ آذار الماضي، أن المسألة لا تكمن في كون الجهاز المستخدم هو الحاسوب المحمول، او الهاتف الذكي، أو المنظم الشخصي (PDA)، ولا في المزج بين الأسعار والمميزات كي يتم استقطاب الزبائن. فما لم يكن هناك مزج من نمط جديد يجمع بين الرخص في الثمن والتفوق في الوظائف والأداء، يصعب القول بنجاح يحققه الأجهزة الشديدة الحركية، بل لن تملك تلك الأجهزة البريق المتوقع لها.
ومن المتوقع أن تكون الأجهزة الجديدة الشديدة الحركية التي تنوي شركات مثل سامسونع طرحها في الأسواق بشاشة سعتها بوصات، ووزنها يقل قليلا عن كيلوغرام واحد، وبسواقة صلبة بين - 06 غيغا بايت، وكلفتها تتراوح بين - 0001 دولار أميركي.
مما لاشك فيه أن سوق الحاسوب تشهد تحولات نوعية ليس على مستوى الأجهزة والمعدات فحسب، وإنما على مستوى البرمجيات والتطبيقات أيضا. ولذلك فمن المتوقع أن نشهد في المستقبل المنظور التطورات التالية:
- اتجاه نحو تصغير حجم ووزن الأجهزة والمعدات بحيث تبيح للمستخدم المزيد من الحركية والاستقلالية عن المكتب.
- اتجاه آخر وعلى نحو موازٍ على مستوى التطبيقات بحيث يمكن تشغيلها بالحد الأدنى من سعة الذاكرة وسعة التخزين.
- برامج تشغيل متطورة قادرة على تحقيق الأداء الأفضل والأكثر كفاءة بأجهزة بسيطة ذات أوزان خفيفة. وعلى نحو موازٍ قادرة على الربط بين مختلف الأجهزة مكتبية كانت أم دفترية أم هواتف ذكية.
ما الذي سينجم عن كل ذلك؟ الجميع لايزال بانتظار ما الذي ستأتي به مايكروسوفت من مميزات جديدة في برنامج التشغيل الجديد فيستا. فالكثير يتوقع أن يحمل برنامج التشغيل هذا الكثير من الوظائف والمميزات التي ستحدد المسار
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ