العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ

أزمة الزعامات التاريخية

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

من خيارات التمديد، والتعديلات الطارئة للدساتير، وصلنا اليوم إلى سيناريو استجداء القادة العظماء والاستثنائيين للبقاء في سدة الحكم، وفي خضم هذه المرحلة التاريخية لنا أن نرى من العرب العجب العجاب!

اليمنيون كما رأينا في أجهزة الإعلام حاولوا واستغاثوا وجاهدوا وبكوا واستجدوا شاشات التلفزة رغبة في بقاء الرئيس اليمني علي عبدالله صالح لولاية جديدة، وما أجمل هذه النهايات المعدة، خصوصاً حين يستجيب «الرئيس» لتطلعات الشعب في اللحظات الأخيرة، في مشهد هوليودي بامتياز.

قد يكون هذا السيناريو الجديد والمبتكر ضرورياً لتجاوز سيناريوهات الانتخاب الرئاسي في مصر وسوريا، وهذا ما جعل زحف اليمنيين واحتشادهم يبدو أكثر تأثيرا وعاطفية للمتلقي، فالعرب يجيدون باقتدار صناعة الأفلام السياسية التراجيدية على شاكلة ما بثته الفضائية اليمنية، إلا أن مثل هذه التكتيكات المفضوحة أصبحت شيئا لا يعول عليه البتة.

استدعاءات الشماتة بأحوال العرب ونوادرهم أصبحت لا تكفي، نحن فعلاً نحتاج إلى توصيف أكثر دقة عما كتبه أدونيس عن أحوال العرب وأسباب تخلفهم، فالعرب على أبواب النجاح في صناعة حال استثنائية حضارية، هذه هي عصيّة على التحليل أو التأويل.

أما استمرار البعض في تراجيديا «التباكي» على أحوال العرب ومآلاتهم فهو إرث قديم حملناه في الصحافة من سلسلة الإعلاميين المخدوعين من عهد السبعينات الماضي بأوجاعه التاريخية آنذاك، أولئك الحالمون بالنصر، أولئك الذين لا يملكون أكثر من الدعوة المزعجة كل يوم إلى «الوحدة العربية» و«التماسك العربي» و«التكاتف العربي» في وجه الأخطار الإمبريالية المحدقة، هم ببساطة تمثيل بسيط للهراء الإعلامي، ولابد أن يكون له يوم وينتهي.

الذين مازالوا في مرحلة «الحلم» تغريهم تأويلات الحوادث بدراماتيكية أن يوما جميلا ما ستعيشه ما يسمونها بـ «العروبة»، وأن سنوات الحزن ستنتهي يوما ما، يجتمع فيه الشمل، ولا أجد في تأويل هذا «الهراء» سوى إبداء المزيد من الشماتة في انتظار أن يخرج أدونيس آخر، يكون شاعراً أكثر مما هو مثقف ليطلق «التأويل الأخير» في وصف ترنح نعش هذا الهراء العربي الممل.

قد لا يكون الحدث «اليمني» مهماً في ذاته، فالصورة العربية تحتمل بالتأكيد ما هو أكثر، لكن الذي يهم في التجربة «اليمنية» هو اعتبارها إحدى التعبيرات الجيدة على أن مجمل الشأن العربي هو شأن اللامعقول، اللامنظم، اللامفهوم، وأنه لا يمكن تعديله داخلياً البتة، والأهم هو أن نفهم - ولو بصعوبة - أن ما جرى لا يزيد في حقيقته عن تأكيد حماقة الفكرة العربية ليس منذ البدء ليس أكثر

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1394 - الجمعة 30 يونيو 2006م الموافق 03 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً