العدد 3452 - السبت 18 فبراير 2012م الموافق 26 ربيع الاول 1433هـ

في البيت العود

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كعادة أكثر البيوت البحرينية، يلتئم شمل العائلة عند الوالدة يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، وكثيراً مّا تكون فاكهتهم الأحاديث السياسية منذ سنوات.

بعد الغداء ينفصل الأطفال عن الكبار باتجاه «الحوش» في البيت الكبير، فيلعبون الكرة أو «السكّونة». أما هذا الأسبوع فقد اختاروا شيئاً جديداً تماماً، لم يكن بالحسبان، جعلني أراقبهم بأسى وحزن، وأفكّر في المستقبل كيف سيكون.

انقسم الأطفال فريقين، فريقٌ ضم طفلاً واحداً فقط يمثل دور «الأمن» ويحمل بندقية بلاستيكية، بينما يلعب بقية الأطفال دور «المتظاهرين». وبسرعةٍ وضعوا بعض الصناديق الورقية كحواجز وبدأوا يصرخون بوجه بعضهم بعضاً. إذا كانت هذه هي ألعاب أطفال اليوم... فكيف سيكون المستقبل؟ ألا يستحق هذا السؤال أن يطرح على من يهمه الأمر من ساسةٍ وقادةٍ ومهتمين بالشأن العام؟

لاشك أن العام 2011 كان عاماً عسيراً في مناطق واسعةٍ من البحرين، بما رافقه من مظاهر عنف وعسكرة وتجاوزات لحقوق الانسان. وبينما كانت نظريات التربية الحديثة تدعو إلى تجنيب الأطفال مشاهد العنف على التلفاز؛ فإن هذه المشاهد كانت مادةً يوميةً تُعرض أمام الأطفال، عبر الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عمّا يشاهدونه على الطبيعة من وقائع وأحداث، تهز وجدانهم بقوةٍ وعنف.

حين دوّنت بعض ذكريات الطفولة قبل عامين؛ أعدت اكتشاف نفسي وبيئتي، ونبشت ما استقر بقاع الذاكرة من حكايات، فتوقفت عند أوقات المساء، قبل دخول مكيفات الهواء في محطلع السبعينات. كنا نأوي إلى النوم في ذلك الحوش، ونحن نقلّب عيوننا في السماء ونعد الشهب التي تتقافز أمامنا، والنجوم التي تتلألأ كالقناديل في الظلام. كانت تلك من أجمل ما تختزنه الذاكرة من صور، وبعد أربعين عاماً، هو عمر الاستقلال، يلعب أطفالنا اليوم في الحوش نفسه، لعبة المطاردة بين العسكر والمتظاهرين. ألا يحق لنا أن نقلق؟

كنا نعيش في بيئةٍ وادعة، حين تحدث جريمة قتل عارضة كل خمس سنوات، تهتز لها البحرين وتظلّ تتكلم عنها من أقصاها إلى أقصاها، وتظلّ المجلات يومها - المواقف وصدى الأسبوع والأضواء - تنشر حلقاتٍ عنها وتتضاعف مبيعاتها. بعد أربعين عاماً من الاستقلال كان المفروض بالمشروع الوطني قد اكتمل واستوى على سوقه، لا أن نرجع القهقرى، ونغوص في مظاهر الاضطراب ومشاكل الفرقة والتمييز، ونطالب بحقوقٍ سياسيةٍ وديمقراطيةٍ حقيقيةٍ وعدالةٍ ومساواة، وكأننا سنعيد اكتشاف العجلة من جديد.

أحد المعلقين العرب المتعاطفين مع الحكومات العربية أمس في الـ «بي بي سي»، قال إن الصحف البريطانية نشرت خلال الأسبوع الماضي 24 تقريراً سلبيّاً عن الأوضاع الراهنة، واتهمها بأنها متحاملة على البحرين. وهو كلامٌ قد يُشترى في الخليج، لكنه لا يُباع في لندن حيث يعيش. فالصحافة والفضائيات لا تختلق الأحداث بل تغطيها، وهذه هي أبسط بديهيات المهنة.

إذا كان «الصحافي» العربي عادةً ما يستضاف في القصور أو فنادق الخمس نجوم، فإن «المراسل» الأجنبي يذهب برجليه إلى مواقع الحدث ويتعرّض للخطر، ويلتقط بنفسه الصور، ويخرج بالقصص الصحافية والانطباعات الساخنة من مواقع الأحداث. فمتى ندرك أن الصحافة الحقيقية إنّما تنشر، ولا تختلق، الأخبار.

إن أفضل المواد التي يمكن أن تقدّمها الأنظمة لأفضل التقارير الصحافية... حين تمنع مراسلي الصحف من دخول أراضيها، أو ترحيل الناشطين الأجانب إلى بلدانهم، أو اعتقال الأطفال والنساء

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3452 - السبت 18 فبراير 2012م الموافق 26 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 29 | 12:02 م

      الشكوى لله

      ابني ذي الثمان سنوات يحب الرسم موهوب قبل الثورة كانت لوحاته مناظر طبيعية حيوانات ازهار اما الان لا اجده الا يرسم شغب هجوم قتلى اضافة الى انه نسي كل شيء يحب اللعب به غير تجميعه الرصاص المطاط من الشارع واللعب به بدل لعبة التيل البلورية

    • زائر 28 | 9:37 ص

      فتحنا بيوتنا لهم فكان هذا ردهم

      فتحنا بيوتنا لهم فكان هذا ردهم فبماذا يمكن ان نصفهم

      الغرباء الغرباء احذروهم هذا ذأنهم دخلوا ضعاف واذا بهم ذئاب ينهشون لحومنا

      احذروهم احذروهم

    • زائر 24 | 3:43 ص

      رأس الهرم

      هل انت في راحة واستقرار وترى وتسمع آلاف الاطفال كل يوم يهتفون بداك الهتاف الشهير !!!!!!!في جميع انحاء المملكة الصغيرة

      الى متى سيبقى الحال على ما هو عليه؟؟ الحل الجدري لما نحن فيه هو بيد (رأس الهرم)

    • زائر 23 | 3:37 ص

      كلام 100%

      ولدي ابن الثمان سنوات من يرجع من مدرسته غير ملابسه وتلثم وبدا يسكر مداخل الغرف وعاش دور الشغب والمتظاهرين
      هذا جرس تنبيه للحكومة انه بفرض انها تمكنت القضاء على الثورة الان فامامها جيلا تربى عليها وستترعرع داخله وسيكون بقوة اكبر منا لمواجهتها

    • زائر 22 | 3:16 ص

      انا بعدي لم افقد إملي بقدرة الباري عزوجل

      نعم منذ مايزيد ستين عاما اي من الخمسينات ونحن ننام بالسطح على هبوب نسائم الهواء البحري وعليل رائحته وتأملنا مطلع السبعينات خيرا ولو كان لذوي النفوس .. جدوي حينها لاكثر من 40عاما لكنا افضل شعوب العالم ولكننا اليوم نقدر ان نقول الذي عجز عن المواكبة الانسانية طيلة الفترة هذه فلن يجدي معه اصلاح ذاته لانه ارجعنا للقرون ماقبل الوسطي وياريت كنا ومازلنا ننام فوق السطوح ونغوص البحر ونمشي للسواحل قدما شرقا وغربا سيما لعذاري المنكوبة

    • زائر 21 | 2:59 ص

      ازيدك من الشعر بيت

      الأطفال اصبحوا يكتبون على الورق ويسلمونها إلى بيوت أصدقائهم الآخرين على أنها احضاريات في قضايا سياسية

      هذه هي ألعابهم الشعبية الآن

    • زائر 20 | 2:29 ص

      في البيت العود

      كنا نأوي إلى النوم في ذلك الحوش، ونحن نقلّب عيوننا في السماء ونعد الشهب التي تتقافز أمامنا، والنجوم التي تتلألأ كالقناديل في الظلام

      هذا غلطك ياسيد لماذا لم تخبر الناس انك تعشق النوم في الحوش لترى الشهب كان بامكانك استعادة تلك الايام في سترة قبل ايام ولكن لايمكنك ان تحصيها

    • زائر 19 | 2:28 ص

      الله يستر من إلي جاي,,,,

      هل نحن مسؤولون عن ما سيحصل لاولادنا في المستقبل و هل سيحاسبوننا على تقصيرنا في اصلاح بلدنا ؟؟؟
      و هل تعاملنا مع مشاكلنا كما يتعامل الغرب مع النفايات النووية أي اننا نغلفها و نلقيها في ظلمات المحيطات إلى ان تاتي الأجيال القادمة و تحل المشكلة,, صحيح؟؟؟

      كان الله في عوننا و نحن في قبورنا ,,,,,
      فلن يقرأ علينا الفاتحة أحد,,,,,,,

    • زائر 18 | 2:07 ص

      n

      السلام عليكم سيد ارجو ان تخصص مقال عن الثقافة السياسية لطفل البحريني و الى اي مدئ
      وصلت

    • زائر 17 | 2:06 ص

      ولي امر

      الحكومة بتعنتها خلقت جيل من الصغار والاشبال معادي لها وهذا الجيل رسخت في عقليته وعاش الواقع على المسيلات والغازات الخانقه والانتهاكات الليله واستباحة القرى .
      هل سوف ينسى هذا الجيل ماحصل على اهله وعليه ؟؟
      الحكومة نقول لها لقد ربيتى اجيال تحقد عليش من صغرها .
      ونحن كذلك في البيت العود كل اسبوع هذا حال الاطفال الصغار الذين لا يتاجوزن 4 سنوات اصبحت هذه القضيه شغلهم واهتمامهم في تمثيلها وتجسيدها مع بعض .

    • زائر 16 | 1:43 ص

      من أراد افساد حياة الاخر

      من أراد افساد حياة الاخر أفسد حياته وعاش في همين هم فساد حياته وهم كيفية فساد الاخر

    • زائر 15 | 1:21 ص

      رحم الله ايام طفولتنا الجميله

      اهني في البحرين
      يربى اليهال اهني في زحمة الفرجان
      اهني في البحرين
      لادنيا تشغلهم لاهم ولا احزان
      كل من حواليهم ربع واهل واخوان
      في زينة البلدان

    • زائر 13 | 12:17 ص

      هذه التصرفات الطفولية على مستوى البحرين

      هذا فعلا ما حدث امام اعيننا أن بعض الاطفال جمع مخلافات الغازات السامة وجعل يمثل دور الشغب والفريق الآخر يصوت سلمية سلمية ،هذا ما رأيناه بعيوننا ،اذا هذه اصبحت ثقافة الاطفال وهذا ينبأ بشىء غير محمود فعلى المحبين للوطن أن يدركوا هذا الوطن الغالي ، ويخلصوه من مأساته الخطيرة على الجميع لنعيش سويا متحابين في وطن يجمع جميع اطيافة الوطنيين ، وتوزع هذه المبالغ المليارية على المواطنين بدل ما تشترى بها هذه الاسلحة السامة الفتاكه ؟

    • زائر 11 | 12:08 ص

      موضوعك ذا مغزى كبير جدا فهل من يفقه

      إن بقاء الحال هذه لمدة اطول هي مدعاة لأن ينشأ جيل كامل يتغدى على المقاومة والنضال وبذلك سوف يصعب قمعه مستقبلا
      نحن في اطفالنا ترسّخ الواقع في نفوسهم في تحركاتهم في العابهم في نومهم في اكلهم في دراستهم ولا يلام احد في ذلك فالواقع يفرض نفسه ولا يمكن لاوضاع بهذه الحالة ان تخرّج غير ذلك.
      لا تلوموا الناس إذا نشأ لديهم جيل كامل لا يعرف ثقافة غير هذه الثقافة

    • زائر 7 | 11:43 م

      اطفال السياسه

      السلام عليكم سيد ارجو ان تخصص مقال عن الثقافة السياسية لطفل البحريني و الى اي مدئ
      وصلت

    • زائر 5 | 11:29 م

      سيد قبل الغذا والراحة وقت الغذا

      سيد كلامك في الصميم . واحب ان أضيف الاطفال لم ينتظروا الغذا فنحن نتغذي الساعة

    • زائر 4 | 10:40 م

      الخاسر من يزيد كل يوم عدوا الى قائمة اعدائه

      الخاسر حقا من يزيد كل يوم عدوا الى قائمة اعدائه فما بالك اذا زاد جيلا كاملا

      والاطغال اصبحوا وارثين للعداوة ويرددون هتافاتها ومن ورثهم هم اعداؤهم فخسروا المورث

    • زائر 3 | 10:30 م

      كان الله بعوننا

      يا استاذ ليس فقط طفولتهم في خطر بل حتى حياتهم، والله اننا ننتقل من غرفة الى أخرى باحثين عن مأوى لأطفالنا فلا نجد!! سحاب الغازات السامة يخيم على قريتنا ليل ونهار ومؤخرا صار يطلق علينا بدون سبب!!!

اقرأ ايضاً