يوحي عنوان هذه المقالة بأن هناك حرباً ضروسا قد اندلعت بين الشيطان الأكبر والجارة الإسلامية (إيران) ودمرت وحرقت الأخضر واليابس وحولت دول الخليج إلى أطلال وبدأ يحتضر من جراء القصف، ولكن في الواقع هذا الاسم جاء لعمل فيلم وثائقي قمت بإنتاجه على نفقتي الخاصة، وذلك في العام 2009، كان الغرض من إنتاجه هو لفت انتباه المسئولين وشعوب الخليج عن الكارثة الكبيرة التي لم تحظَ بالأهمية الكافية من القائمين على شئون البيئة في هذه المنطقة، من جراء مشكلة بقعة الزيت الكبيرة والقابعة في قاع الخليج العربي منذ حرب البواخر التي دارت بين الجارتين (إيران – العراق)، وما أنتجته وأفرزته هذه الحرب من مساوئ على الوضع البيئي في مياه الخليج العربي.
إن هذه البقعة الراسبة من ذلك الوقت في قاع الخليج قد تسربت من خزانات ناقلات النفط التي تعرضت لقصف شديد من صواريخ المتحاربين وكانت هذه البواخر تقوم بعملية نقل النفط الخام من مصافي دول الخليج إلى العالم عبر مضيق هرمز.
وهذا الفيلم يسرد تاريخ وتفاصيل وتأثيرات ومضاعفات هذه البقعة من النفط الخام على الحياة البحرية والمرجانية، وعليه قمنا باستضافة مجموعة خبراء في عالم البحار لتوضيح كل الآثار السلبية على الحياة البحرية، وكنا متأملين حماساً منقطع النظير من الحكومات الخليجية لإنتاج هذا العمل، وحماساً أكبر من المحطات لبثه ولكن للأسف الشديد، لم ننل من الجهات المسئولة أي أهتمام يذكر على الإطلاق وحتى بعد الانتهاء من تصويره لم يحصل الفيلم على فرصة واحدة للعرض سوى في محطة واحدة وهي (الجزيرة الوثائقية).
وبعد إنتاجه وحتى هذه اللحظة لم ترغب أيٌ من المحطات في عرضه، ولا توجد حتى رغبة جماهيرية في مشاهدته لمعرفة الحقيقة الكامنة من تلك الأضرار وتبعاتها وتأثيراتها على مياه الخليج.
لقد خاب ظني، لقد توقعت ترحيباً غير مسبوق من المسئولين في الحكومات الخليجية والمؤسسات الأهلية المعنية بالبيئة، وبعد هذه التجربة المريرة وغير المتوقعة طلبت من العاملين في الشركة الاتصال بالمؤسسات الأهلية والمجتمع المدني من أجل المساعدة والوقوف معي على هذه المسألة لمعرفة المواضيع المهمة التي تهمهم حتى يكون العمل الوثائقي المراد إنجازه أكثر نجاحاً وبالتالي يتفاعل معه المشاهد الخليجي ويحثنا على المضي في تحقيقه، وبعد فترة وجيزة من المناقشات والزيارات الميدانية والاتصالات أصبحت لديهم القناعة التامة بأن الأعمال القادمة يجب ألاّ تخرج عما هو مطلوب في عالمنا الخليجي الآن وهي المسابقات التلفزيونية، وتحديداً مسابقات أجمل صوت، وأجمل رقصة شرقية، ومسابقة (ارقص ورقصني)، ومسابقة (دلع ودلعني). هذه المسابقات الهابطة التي سيكون لها صدى كبير ونسبة مشاهدة عالية جداً وستتهافت وراءها شركات الإعلان أو ما يسمونهم في عالم الإعلان (Sponsors).
أما إنتاج أفلامٍ وثائقية، الغرض منها توصيل وطرح مواضيع حساسة ومهمة للبشر والبيئة والصحة والنفع العام فإن اهتمام المشاهد الخليجي بها ضعيف جداً إذا لم يكن معدوماً. إن معظم الخليجيين يرغبون في متابعة المسابقات التي تسلط الضوء على الناحية الجمالية للمرأة من صوت وقوام وموهبة، ومسابقات تبعث على الفرجة والفرح، ويفضل أن تكون المسابقات مصحوبة بحركات الإثارة والبهجة مثل ما هو ناجح حالياً من برامج (تعتمد على التسلية وإثارة الغرائز).
أما عندما تتحمس وتتفاعل وتنتج أعمالاً الغرض منها نشر الوعي البيئي والتحذير من أخطار التلوث على الإنسان والحيوان فإن الإشادة والترحيب لن تسمعها إلا من طاقمك الفني في “عمران ميديا”.
أنا أمام لخبطة تعكس عمق الانفصام وعمق التردد بين ما هو مفيد وبين ماهو رديء، ومن الخطأ الاعتقاد أن مثل هذه اللخبطة أو الانفصال سهل المداواة والمعالجة في الوقت الحاضر. إنها مسئولية جماعية لبناء الإنسان الواعي.
نحن حقاً نعيش حالة من الانفصام والتخبط، وعدم معرفة مسئولياتنا تجاه أنفسنا وتجاه الأجيال القادمة، فالبيئة هي الحياة، والحياة هي البيئة فبدون بيئة صحية لا توجد حياة صحية مهما ملكنا من مال وجاه وثروات طبيعية وخلافه
إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"العدد 3452 - السبت 18 فبراير 2012م الموافق 26 ربيع الاول 1433هـ
لله المشتكى
أضم صوتي للزائر رقم واحد وأقول للكاتب.: أن من هم حولك يحتظرون بسبب أعمال النهب تحت مسمى الاستثمار, فهل من فيلم مغيث ???
ياعمران الخليج يتحضر ليحتضر
تاثير البقعه ليس محصور على الحياه البحريه والشعب المرجانيه التى يمكن الاستغناء عنها في اسوء الاحوال المشكله الادهى ان مياه الشرب والمياه المستعمله في الخليج بشكل يومي وخصوصا في البحرين والكويت حيث الدولتين تعتمد اعتماد كلي على تحليه مياه البحر وما نسبه السرطانات بانواعها المنتشره بشكل جنوني وغير مسبوق الا ناقوس خطر وضعنا اصابعنا في اذاننا لا الا نسمع دقه المتواصل وقبل حوالي 15 سنه قرائت موضوع في مجله عالميه مفاده ان الخليج العربي هو احد مزابل العالم للنفايات النوويه والله يستر...ديهي حر
ماذا عن فيلم بشأن مكاتب الاستثمار ؟؟؟
مكاتب الاستثمار الوهمية تحتاج الى فيلم جيد الاعداد والاخراج وفي النهاية يبين أين ذهبت أموال الفقراء المتطلعين الى الغنى ؟ وما مصير اصحاب المكاتب ومن معهم وهل يسقط حق المستثمرين ؟
نأمل ان يكون الفيلم جاهزا في أقرب وقت لان حقا هذا أكثر من الخليج يحتضر ...