دخل المستشفى مريض ينزف، قال الطبيب وهو في مكتبه: لا مشكلة فلدينا أدوية كفيلة بإيقاف النزيف. قالوا: إن المريض فقد لتراً من الدم، فأجابهم الطبيب: لدينا أدوية كثيرة. ثم قالوا: إن المريض فقد لترين من الدم، فاجاب الطبيب: لدينا أدوية تكفي لكل المواطنين، ثم قالوا: المريض فقد 3 لترات من الدم، فأجابهم الطبيب: لدينا أدوية تكفي لمدة 20 سنة، ثم قالوا: لمريض فقد 4 لترات من الدم، فأجابهم الطبيب: لدينا أدوية كافية حتى للأجيال المقبلة. ثم قالوا: المريض فقد كل دمه وفارق الحياة.
توفر الدواء في المخازن، ليس علاج للمرضى، والطبيب الحقيقي الذي يمكن أن ينقذ الناس هو الذي يباشر العلاج لحظة بلحظة، وليس الذي يجلس في مكتبه ويقول لدينا أدوية.
هكذا الحال بالنسبة للأزمة الإسكانية، يقول المسئولون لدينا مشاريع تغطي كل الطلبات، لدينا أراضٍ كافية حتى 2030، لدينا مخزون أراضٍ يغطي طلبات الأجيال الحالية المستقبلية.
بالحقائق والأرقام، مشروع سترة يغطي آلاف الوحدات، مشروع الحد يغطي آلاف الوحدات، مشروع الشمالية يغطي 15 ألف وحدة إسكان، مشروع ومشروع ومشروع يغطي آلاف الآلاف. حتى لو كان هناك مشروع يغطي 10 ملايين وحدة. ما هي النتيجة.
النتيجة النهائية، أصحاب الطلبات القديمة، هرموا في السن وهم على أبواب الرحيل من الدنيا، والقبر أقرب إليهم من بيت الإسكان، مثل المريض الذي فقد كل دمه وفارق الحياة.
ما فائدة الحديث عن وجود مشاريع ومخزون أراضٍ تكفي الى 10 ملايين أو 100 مليون طلب، وأصحاب طلبات العام 1993 لم يتم تلبيتها أو الانتهاء منها؟
العبرة ليس في الحديث عن وجود مشاريع أو مخزون أراضٍ، بل العبرة في كم عدد الطلبات التي تم تلبيتها في السنة الواحدة.
العقلية التي تنطق من فكر الحديث عن وجود مشاريع ومخزون أراضٍ، ستقود الأوضاع إلى تراكم الطلبات الإسكانية إلى أرقام فلكية، واتساع فترة الانتظار إلى عشرات السنيين.
السؤال الذي يوجه إلى وزارة الإسكان، يفترض أن يكون، كم عدد الطلبات التي تم تلبيتها في السنة الواحدة؟ أو كم وحدة سكنية تم توزيعها في السنة الواحدة. هذا السؤال هو المهم للحكم على نجاح أو فشل وزارة الإسكان في علاج المشكلة.
أما سؤال كم عدد المشاريع الإسكانية؟ لا يعكس الحقيقة، ويفسح المجال للتظليل والهروب من الحقيقة، لأن هذه المشاريع يتم تكرارها في كل سنة على الورق، مثل مشروع المدينة الشمالية التي أطلقت في 2002.
يتحدث مسئولون في وزارة الإسكان عن تقليل فترات الانتظار إلى 5 سنوات، وهذا الحديث يحتاج إلى دليل وبرهان.
هناك طريقتان لتقليل فترة الانتظار إلى 5 سنوات، أما بالتلاعب والالتفاف أو العمل الجاد.
طريقة الالتفاف من خلال تغيير الشروط، بحيث لا تنطبق على 70 في المئة من المواطنين، مثل وضع شرط أن لا يزيد مدخول المستفيد عن 200 دينار. وبذلك يخرج المواطنون من الباب الخلفي. والنتيجة أن الطلبات ستتقلص من 54 ألف طلب إلى 5 آلاف طلب في يوم واحد، وهو اليوم الذي سيصدر فيه القرار. مثل ما تم التعامل مع علاوة الغلاء، وإخراج آلاف الأسر من دائرة الاستفادة، بتقليل دخل الأسرة من 1500 دينار إلى 700 دينار.
لكن هذه الطريقة لها أضرارها المدمرة للوطن، لأنها تترك الأزمة الإسكانية بدون حلول حقيقية، وعندما تصل إلى مستويات عالية فإنها ستنفجر، والانفجار سيكون مدمراً للوطن، لأن هذا الانفجار سيكون ناتجاً عن فقدان الأمل لعشرات الآلاف من الأسر.
أما الطريقة الثانية، هي العمل الجاد، بحيث توزع وزارة الإسكان وحدات إسكانية أكبر من عدد الطلبات الجديدة في السنة الواحدة. مثلاً إذا كانت الطلبات الجديدة في 2012 تبلغ 6 آلاف وحدة، يجب أن توزع 7000 وحدة سكنية في العام نفسه.
وفي الوقت الحالي، لا أعتقد أن الطلبات الجديدة تقل عن 5000 طلب في السنة الواحدة، بينما لم نسمع في تاريخ وزارة الإسكان أنه تم توزيع 2500 وحدة سكنية في سنة واحدة. وبالتالي فإن فترة الانتظار ستطول ولن تقل، لأن الطبيب يقول لدينا دواء ولا يعالج المريض. وتوفر الدواء في المخازن ليس علاجاً
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3452 - السبت 18 فبراير 2012م الموافق 26 ربيع الاول 1433هـ
في الصميم
اروع مقال في الوسط اليوم، اجدت كيف تضرب على اليد التي تؤلمهم ولكن لاحياة لمن تنادي.... ربما الان فقط سيعرف البعض لماذا الناس تريد حكومة تمثل الشعب
العلوي
كلام بالارقام وين الفعل يعني اذا 54 الف طلب غير الي بيقدمون في السنه يعني لازم في السنه يبنون10000 وحده سكنيه حتي خلال خمس سنوات انتظار يفرج للمواطن والله فشله الواطن وين عايش