العدد 3450 - الخميس 16 فبراير 2012م الموافق 24 ربيع الاول 1433هـ

أمريكا تريد ان تقصر عقوباتها على طهران وحدها

يأمل الرئيس الامريكي باراك أوباما ان تنجح العقوبات التي فرضت على ايران وهي الاشد على الاطلاق في خنق صادرات طهران النفطية دون ان يثير ذلك حالة من الفزع في الاسواق او يعوق النمو او يتسبب في افقار المواطن الايراني العادي او يستعدي حلفاء واشنطن. تبدو هذه المهمة من منظور الجغرافيا السياسية مهمة صعبة كلضم الابرة بل يزيد من صعوبتها الانتخابات التي تجري هذا العام في كل من الولايات المتحدة وايران. ويبدو تحقيق هدف أوباما باقناع ايران بالحد من برنامجها النووي بعيد المنال. وفي الاسابيع القليلة الماضية طاف مسؤولون امريكيون في العالم شرقا وغربا للاجتماع بحلفاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية اللتين تعتمدان بشدة على النفط الايراني وتشعران بالقلق من ان يضر القانون الامريكي الجديد باقتصادهما. كما تريد الولايات المتحدة تفادي اي زيادة كبيرة في اسعار النفط يمكن ان تضر بالاقتصاد الامريكي وهي القضية الاولى التي تهم الناخب الامريكي الذي سيقرر ما اذا كان سيمنح أوباما الديمقراطي فترة ولاية ثانية في البيت الابيض ويعيد انتخابه في نوفمبر تشرين الثاني القادم. ويقول مسؤولون أمريكيون إن محادثاتهم كانت حتى الان ايجابية وأكدوا انهم لا يريدون ان يحولوا أصدقاءهم الى أعداء ولذلك فهم سيطبقون العقوبات بحذر. ويسمح القانون الامريكي الجديد لأوباما بأن يقصي بنوكا أجنبية بما في ذلك البنوك المركزية عن النظام المالي الامريكي اذا أجروا تحويلات مالية لها صلة بالنفط مع البنك المركزي الايراني دار المقاصة الرئيسية لصادرات ايران النفطية. وقبل ان تسري العقوبات الجديدة تكاثرت الادلة على ان الضغط الغربي قد يصيب بعض الاهداف غير المقصودة. فشحنات الحبوب لايران المستثناة من العقوبات مثل السلع الانسانية الاخرى ظلت عالقة بسبب القيود المالية المفروضة على البنوك الايرانية والتي ستقوم بعمليات تحويل الاموال.

واذا كان في الجهود السابقة لفرض العقوبات في أماكن اخرى أي عبرة ستجد ان النخبة في ايران ستتمكن من التوصل الى طرق تعفيها من ألم العقوبات الاقتصادية المفروضة من الخارج. وأبلغ اللفتنانت جنرال رونالد بورجوس مدير وكالة مخابرات الدفاع الامريكية الكونجرس امس الخميس انه رغم تعاظم الضغوط على ايران "لم تقترب طهران من الموافقة على التخلي عن برنامجها النووي." لكن العقوبات بدأت تحدث بعض الاثر بوضوح. فقد عرضت ايران التي تنفي المزاعم الغربية عن سعيها لامتلاك اسلحة نووية ما اسمته "مبادرات جديدة" في محادثاتها النووية مع القوى العالمية. واعتبرت هذه الخطوة على نطاق واسع نتيجة المنغصات الاقتصادية التي بدأت طهران تشعر بها. فالريال الايراني ضعف بشدة ووصل في السوق السوداء الى نحو 20 الف ريال مقابل الدولار الامريكي مقارنة بنحو 13 الف ريال قبل ان يوقع أوباما القانون الجديد في 31 ديسمبر كانون الاول الماضي. وقال دانيل جليسر مساعد وزير الخزانة الامريكية لشؤون تمويل الارهاب في مقابلة "الانخفاض الكبير في قيمة الريال بالاضافة الى عدم قدرتهم على ادارة اقتصادهم بطريقة مسؤولة هو أقوى دليل على جدوى العقوبات." ولم تحدد الولايات المتحدة هدفا قاطعا واكتفت بالقول بانها تريد ان تشهد خفضا "ملموسا" في صادرات النفط الايرانية تاركة قدرا من غموض التعبير ليفتح المدى امام حرية العمل. ويقول محللون ان خفض الصادرات الايرانية بما يتراوح بين 20 و 25 في المئة سيثبت ان العقوبات تؤتي ثمارها بينما ذهب بعض اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي الى القول بأن الخفض الملموس يعني خفضا بنسبة 18 في المئة في اجمالي الاموال التي تحصل عليها ايران مقابل النفط. وفي مواجهة ارتفاع اسعار السلع الرئيسية مثل اللحوم والخبز والارز بدأ الكثير من الايرانيين يسحبون من مدخراتهم لشراء العملة الصعبة التي يزداد الحصول عليها صعوبة ليحافظوا على قدرتهم الشرائية مع انخفاض سعر الريال الايراني بشدة.

وقال كين كاتسمان المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في مركز الابحاث في الكونجرس ان العقوبات "بدأت تحدث تأثيرها النفسي وبدأت ترسخ ربما أكثر من اللازم. العلاقة غير واضحة تقريبا.. هل هذه المخاوف لا اساس لها ام انهم يخلقون واقعا اقتصاديا بهذه المخاوف." وتسري العقوبات الامريكية الجديدة على التحويلات غير المتصلة بالنفط مع البنك المركزي الايراني يوم 29 فبراير شباط وبالنسبة للتحويلات المتصلة بالنفط في 28 يونيو حزيران. والغرض من هذا اعطاء مستودري النفط الايراني مثل الصين والاتحاد الاوروبي واليابان والهند وكوريا الجنوبية وتركيا وقتا للتكيف وتفادي رفع اسعار النفط. وقال جليسر "الولايات المتحدة تواصل محادثاتها مع مشتري النفط الايراني حول احتياجاتهم في مجال الطاقة والمصادر البديلة بهدف خفض ملموس ومطرد في شراء النفط من ايران بمرور الوقت لكن هذا لن يحدث على الفور." وتأمل الولايات المتحدة ان تسهم السعودية والامارات العربية المتحدة والدول الاخرى المنتجة للنفط في سد العجز الذي ستخلفه القيود المفروضة على النفط الايراني. كما تواجه ايران الان جبهة أكثر توحدا عما واجهته من قبل. فلسنوات تباطأت المانيا ودول رئيسية اخرى في الاتحاد الاوروبي في الاستجابة للدعوة الامريكية بفرض عقوبات أكثر صرامة على ايران. والان قررت دول الاتحاد الاوروبي وقف واردات النفط الايراني بحلول منتصف العام. وقال دبلوماسيون إن الاوروبيين تخلوا عن معارضتهم التاريخية لفرض عقوبات صارمة على ايران بعد ان رأوا ان أوباما جنح أولا الى الدبلوماسية مع طهران لدى توليه الرئاسة ولان المحادثات مع طهران لم تصل الى شيء ولان هناك مخاوف من ان تشن اسرائيل هجوما على المواقع النووية الايرانية. فالهدف غير المعلن للعقوبات الجديدة هو اقناع اسرائيل والكونجرس الامريكي بان أوباما جاد بشأن ممارسة ضغوط على ايران واقناع اسرائيل بالعدول عن خيار التحرك عسكريا ضد المواقع النووية الايرانية. وأدى الخوف من اندلاع حرب نتيجة تهديد ايران باغلاق مضيق هرمز والخوف من ضربة جوية اسرائيلية محتملة الى ان خلصت الدول الى ان العقوبات هي أخف الاضرار.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:00 ص

      سيادة الرئيس ابو حسين

      كيف تريد ان لا تتأثر الاسواق العالمية وايران قطعت عنكم البترول. عاد الحين ضجوا 80 مدينه كندية وامريكية طلعت مظاهرات ضدكم خل عندك اشوي
      ذكاء ودبلوماسيه يا ابو حسين.

    • زائر 3 | 4:24 ص

      أوباما شحواااااااااااااااال ؟ وين الطائرة اللي راحت عليك ؟

      ياسيادة الرئيس ، كل يوم تخرج لنا على الفضائيات والاخبار العالمية تتهدد وتتوعد في إيران ؟ وفي الاخر تقول لايران عطوني الطائرة ؟ مسكين إنته ، وصدق لي قالوا لك شحواااااااااال ؟

    • زائر 2 | 3:51 ص

      يامشرقين ويامغربين احنا ويا الهوى

      وبعد الانتخابات يرجع كل شيئ لحالة.

    • زائر 1 | 3:44 ص

      20 سنة لا تأثير فى العوقوبات الفاشلة

      خوف امريكا من ايران كتالى:
      - تطور علمى ايران فى تكنولوجى العسكرية
      - قوة الاقتصادية على اسس القاعدة المحلى
      - تطور رهيب فى الطاقة نوية بقيادة العلماء الشباب الايرانى.
      -قوة الأقليمية فى شرق الاوسط وسعة الجغرافى وكثافة قوة البشرية مقابل عدو الصهيونى
      - اجندة المقاومة تحدى مقابل الدول معتدل و عدو الاسرائيلى. وشكرآ

اقرأ ايضاً