العدد 3450 - الخميس 16 فبراير 2012م الموافق 24 ربيع الاول 1433هـ

حالة حصار

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

في الستينيات كتب الروائي البريطاني المعروف جورج أورويل، روايته المشهورة «1984»، استشرف فيها مجتمعاً يكون بأسره تحت الرقابة والسيطرة من قبل الأخ الأكبر، وقال عبارته المشهورة «الأخ الأكبر يراقبك».

كما أن المخرج اليوناني المشهور كوستا جرافس أخرج فيلماً بعنوان «حالة حصار»، يعبر فيه عن مطاردة قوات الأمن اليونانية في ظل الحكم العسكري لمناضل مثقف مقاوم لحكم العسكر، وينتهي الأمر باغتياله من قبل «بلطجي». وقد قام الممثل الفرنسي المعروف ايف مونتان بدور هذا المثقف، فيما قامت الممثلة اليونانية إيرين باباستى بدور زوجته الحرفية التي تكمل مسيرته.

تداعت إلى ذهني مشاهد الرواية والفيلم فيما نعيشه كل يوم، الطائرة المروحية تحوم كالغراب فوق رأسك، ليلاً ونهاراً. تخرج من منزلك ليقطع طريقك حاجز التفتيش وأنت وحظك.

حتى وأنت في طريقك إلى منزلك أو منزل قريب أو صديق، يمكن أن يفاجئك حاجز عند مدخل القرية أو الحي ويمنعك من مواصلة طريقك.

وأنت في طريقك لأي سبب من الأسباب، يمكن أن يحدث اشتباك بين الشبان الغاضبين وقوات مكافحة الشغب، لتجد نفسك وسط غمامة من الغازات السامة، أو تكون هدفاً لقوات مكافحة الشغب، التي تريد الانتقام بأية وسيلة.

كاميرات المراقبة ركبت في الدوارات والتقاطعات، ترصد حركاتك وسكناتك وتقتحم خصوصيتك. هاتفك الخليوي مراقب، وتقطع مكالمتك بحسب مزاج المراقب. كمبيوترك مخترق، وبريدك الإلكتروني مباح، وبالطبع مراسلاتك مكشوفة.

حساباتك وتحويلاتك البنكية مراقبة بدعوى مراقبة غسيل الأموال. الحيطان لها آذان، وفي الكثير من القضايا المنظورة في المحاكم، فالمصادر السرية هي مصدر الإدانة. وفي محاكم التفتيش التلفزيونية، فإن الصور المختطفة هي الدليل.

ماذا بقي لك من خصوصية؟ وماذا بقي لك من حقوق؟ أنت عارٍ أمام الأخ الأكبر، حتى أفكارك يمكن أن يقرأها.

كل ذلك لإشاعة الأمن والطمأنينة، وأنت قد لا تدرك قيمة الأمن. الدولة تعرف مصلحتك أكثر منك. أنت قليل المعرفة وقليل الحيلة، أنت تحت الحصار

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3450 - الخميس 16 فبراير 2012م الموافق 24 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 12:54 ص

      شكرا...

      مقال مختصر و في الصميم..

    • زائر 3 | 11:40 م

      يبو حسن صباح الشهامه والكرامه

      دكتور لماذا لا يستمع المسؤليين لثقات البلد من الصادقين امثالك كون تاريخك الناصع المشرف يؤهلك لان تكون مرآة صادقه للمسؤلين تعكس ما يجرى للوطن والمواطن من استباحه وسلب واذلال للمواطن اكتب وانشر عن ما يجري في قرانا من تجاوزات ممنهجه وليس شخصيه كما يدعي البعض انت لم تساوم يوم على مصلحة الوطن عرفتك مناضل وانا طفل والتقيتك وانت مناضل وانا جد ولم اسمع انك فضلت مصلحتك الشخصيه او قدمتها على مصلحه الوطن انا لاابالغ عندما اقول انت احد اطواق النجاه الملفوفه حول عنق الوطن لتنجيه من الغرق ..ديهي حر

اقرأ ايضاً