ذكرت صحيفة «ساوث تشابنا مورنينغ بوست» منذ أيام قليلة بأن مؤسسة خيرية في جزيرة هونغ كونغ قد استطاعت أن تحقق ثروة طائلة من خلال الاستثمار في شركة فيسبوك، حيث قامت بالمساهمة والدخول في بدايات تأسيس هذه الشركة بنسبة لا تزيد عن نصف واحد في المئة من قيمتها السوقية آنذاك، وجاءت هذه الخطوة لمؤسس الجمعية للاستحواذ على هذه القيمة من فيسبوك لها دلالات كثيرة، وأهمها أن العالم بات مدركاً وواعياً ومتفهماً لواقع الاستثمارات الحديثة والمضي في السير نحو ما هو جديد وحديث ومبتكر، وعدم الخضوع للاستثمارات التقليدية، فالعالم أصبح قرية والفرص متاحة لمن هو ذكي ويقظ، ويعرف كيف ينتهز الفرص وفي أي الأوقات يتم الاستحواذ عليها.
إن سرعة الإيقاع العام لتطور التكنولوجيا لا يمكن التنبؤ به وعلينا أن نساير ونجاري هذا الإيقاع ولا نتقوقع في دائرتنا الصغيرة مكتفين بما لدينا من ثروة، هذه الجمعية التي استطاعت أن تحقق ثروة تقدر بـ 400 مليون دولار في غضون خمس سنوات من شركة مؤسسة حديثاً فهو للدليل على أن الصينين باتوا أذكياء في التحول من خانة المستثمرين التقليدين إلى المستثمرين المتجددين والمتطورين والواعين لأدوات الاستثمار.
حديثاً أصبح العالم العربي يجري التحقيقات في ثروات بن علي والقذافي وعائلتهما وحاشيتهم وتبين بأن هناك مليارات مكدسة في البنوك الأجنبية وتحديداً (السويسرية). التساؤل هنا: ماذا استفادت شعوب هؤلاء الزعماء من تكديس هذه الثروات في هذه المصارف؟
لماذا لم يتم توظيف هذه الثروات في شركات المستقبل من أمثال غوغل وأبل وفيسبوك وتويتر وغيرها من الشركات؟ لماذا اكتفى القادة العرب بإيداعها في المصارف وجعل المصارف ذاتها تستفيد منها وتوظفها وفق سياستها الاستثمارية الخاصة بها، هل أصحاب المصارف أحق منا بهذه الثروة أم ماذا؟!
على القائمين على المحافظ السيادية في العالم العربي وتحديداً في البحرين – عليهم أن يفهموا عمق المخاطرة والمجازفة أمراً لابد منه، ويجب أن يؤخذ في الحسبان الدخول في أي منتج استثماري، فبدون التعرف إلى هذه الأمور، من الصعب أخذ القرار واقتحام السوق فالعالم قد تغير ويسير بسرعة فائقة، ومن لم يستطع اللحاق به فهو الخاسر.
تجاربنا علمتنا شيئاً في غاية الأهمية وهو أن من السهل على المحلل المالي أن يرفض أي منتج استثماري ووضعه في خانة (المخاطرة العالية) وتجنب المسئولية، ولكن من الصعب الإقدام وأخذ المخاطرة والمجازفة والدخول في شركات المستقبل.
إنه منذ دخول هذه النوعية من شركات الاتصالات والإنترنت والتواصل الاجتماعي، لم نقرأ أو نسمع بأن هناك محفظة سيادية عربية حازت على فرصة الدخول منذ البدايات عدا ما نسمعه دائماً بأن الشخصية السعودية المعروفة الأمير الوليد بن طلال هو صاحب الأسبقية وهو الوحيد من المستثمرين العرب ذو الرؤية الثاقبة في اقتناص هذه النوعية من الفرص، وإن ما حققه من ثروة طائلة من خلال شرائه أسهم سيتي بنك منذ سنوات والاستفادة من تدني السعر لم تكن ضربة حظ بقدر ما كانت ذكاء فطرياً ورؤية استثمارية صائبة، لأن تلك الأسهم وفي ذلك الوقت كانت متاحة لجميع المحافظ الاستثمارية في العالم العربي ولم يجرؤ أحد على اقتناصها إلا هو فهذا في حد ذاته ذكاء خارق منه وليست ضربة حظ.
الآن من لا يساير روح العصر وينتهز الفرص الموجودة فسيكون خارج السرب، والدليل ما سمعناه منذ أيام وهو انهيار شركة كوداك المعروفة وخسائر شركة سوني المعروفة للسنة الرابعة على التوالي، فهذه الأخبار مؤشر على أن من لا يساير الزمن فسوف يكون خاسراً
إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"العدد 3449 - الأربعاء 15 فبراير 2012م الموافق 23 ربيع الاول 1433هـ