يعيش أهل البحرين هذه الأيام في أجواء مليئة بالإشاعات والأكاذيب التي تنتشر بين أفراد المجتمع كالنار في الهشيم، والتي تعمل أحياناً على تضخيمها بعض وسائل الإعلام، والتي حين تسمعها تشعر بأن البحرين تعيش في حالة حرب. وتلعب الإشاعات دوراً مهماً في عملية التضخيم والتهويل بحيث تجعل الناس حذرين في تحركاتهم وخروجهم من منازلهم، فالجميع تحدث عن 14 فبراير وكأنه مناسبة يظللها التشاؤم والخوف من المجهول. وأنا أقول لنجعل من هذه المناسبة وغيرها أياماً للمصالحة الوطنية الحقيقية والزيارات بين أهل البحرين والحوار السياسي الجاد والشجاع من أجل أن نخرج بحريينا الغالية من النفق المظلم الذي نعيش فيه حالياً.
وما يشجعنا على ذلك الدعوات الإيجابية والشجاعة التي يطلقها سمو ولي العهد والمتمثلة في أن الحوار الجاد هو الحل، وأن الحل يجب أن يكون صناعة بحرينية، تقابلها دعوات مشجعة تدعو للحوار تطلقها المعارضة وكذلك التيار السياسي السني متمثلاً في ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية. وهنا يتساءل المواطن بحرقة والذي يعيش أوضاعاً اجتماعية صعبة منذ عام: لماذا لا يذهب الفرقاء السياسيون إلى طاولة الحوار إذا كانوا جادين في دعواتهم للحوار؟
وقبل تشخيص حالة التردد والجمود السياسي بين الفرقاء السياسيين والتي هي سيدة الموقف حتى الآن، دعونا نقول للتاريخ والحاضر والمستقبل بأن 14 فبراير 2011 يعتبر علامةً فارقةً وبكل المقاييس في تاريخ البحرين الحديث. فلم يسبق للبحرين وبكافة مكوناتها وعلى مدى تاريخها المعاصر أن وقفت عند مفترق طرق كالذي تقف عنده حالياً، حيث يعيش المجتمع منذ العام الماضي وضعاً مأزوماً بسبب التقاطعات والتجاذبات وتضارب المصالح بين الفرقاء السياسيين. فكل فريق سياسي يزعم بأنه على صواب والفريق الآخر على خطأ، والمجتمع يدور في حلقة مفرغة على طريقة أيهما جاء أولاً الفرخة أم البيضة!
ونود أن نؤكد حقيقة أخرى للتاريخ يجب عدم الالتفاف حولها، بأن المطالبة بالحقوق والتغيير ووسائل الاحتجاج السلمي على الظلم ومظاهر الفساد وانعدام العدالة في توزيع الثروات ومصادرة الحريات هو حقٌ أصيلٌ للشعوب كفلته الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، وإنه من حق أي شعب أن يشارك الحكم مشاركةً حقيقيةً لا صورية في صنع القرار، وبالذات القرارات المصيرية التي تحدّد مصير ومستقبل الأمة، حيث من واجب الحاكم وهو الذي وكله الشعب لإدارة البلاد، أن يصون حقوق الشعب الذي وكله كولي أمره.
إن الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البحرين وأهلها والجمود السياسي وفقدان الثقة بين المكونات السياسية يدعونا - وأقصد هنا عقلاء القوم في كل فريق - أن يتساموا فوق الجراح وأن يبتعدوا عن الشخصنة والمناكفة في التعاطي مع ملف المصالحة الوطنية، خصوصاً أن المعارضة والفريق الذي يقابلها وهو ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية (تجمع الفاتح) يتفقون وحسب تصريحات قياداتهم على 80 % من المطالب الداعية للتغيير، والتي هي مطالب معظم البحرينيين. أما الاختلاف على الـ 20 % الباقية فيمكن إيجاد تخريجات دستورية وسياسية لها من خلال مراحل انتقالية للإصلاح السياسي. ولنحتكم إلى دستور 2002 المادة رقم (1) الفقرة (د ) التي تقول: «نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً»، إذن ما هو المطلوب؟
أعتقد أن على الفرقاء السياسيين في ظل هذا الجمود السياسي، أن يتحركوا فوراً وبلا تردد إلى طاولة حوار الشجعان الذي ينبغي أن يقوم على ما يلي:
أولاً: فترة هدوء وتبريد للساحة وإيقاف المواجهات والعنف.
ثانياً: حوار جاد ومسرع وشجاع بين المعارضة والتيار السياسي السني متمثلاً في ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية، يكون أساسه المبادئ السبعة التي طرحها سمو ولي العهد في مارس 2011.
ثالثاً: بعد التوافق على البرنامج السياسي الوطني المقترح من قبل الفريقين يتم فتح حوار جاد وحقيقي مع النظام السياسي ضمن إطار زمني محدد بحيث يتضمن الإطار فترة الحوار إلى الانتهاء من تطبيق ما يتم الاتفاق عليه.
رابعاً: بعد الاتفاق على كافة المسائل والتوقيع عليها من قبل الفرقاء السياسيين، تقوم القيادة السياسية بحل البرلمان الحالي وإقالة الحكومة والدعوة لانتخابات جديدة بناءً على ما سوف يرد والاتفاق بهذا الشأن من تفاصيل.
ومن هنا نحذر عقلاء القوم والبطانة الصالحة الناصحة، بأن استمرار فقدان الثقة بين مكونات الشعب وجمود العملية السياسية والاحتكام إلى الحل الأمني وتحريك الشارع من خلال المواجهات التي أصبحت يومية حتى بات المواطن يستغرب إن لم تحصل مواجهات هذا اليوم أو ذلك! إن مثل هكذا وضع سوف يجر البحرين دون شك إلى المجهول وما لا يحمد عقباه. لقد تركنا الملعب للمتطرفين ودعاة الكراهية والمأزومين الذين يحملون أجندات انتقالية، وتركناهم أحراراً في الملعب يكونوا الجماعات والتكتلات التي تعمل خارج القانون، وأصبحت تلك التكتلات هي مع الأسف من يصنع الحدث السياسي اليومي في البحرين.
إن عقلاء القوم يعرفون تماماً من يحرّك تلك الجماعات ولكن لا يحركون ساكناً بل البعض منهم يحتمون وراء تلك الجماعات. ياعقلاء... ألم يحن الوقت للنزول للملعب والتحاور وسحب البساط من تحت أرجل دعاة الفتنة؟ فمن يرفع الشراع؟
إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"العدد 3449 - الأربعاء 15 فبراير 2012م الموافق 23 ربيع الاول 1433هـ
مبادئ
تقول أستاذ المبادئ السبعة التي طرحها ولي العهد في مارس 2011 نحنُ نقول لك الان نحنُ في 2012 يعني الموازين تغيرت ولا اعتقدهناك من يرضى ان يكافئ المخطي واعتقد انت لا ترضى . استاذ واذا فرضنا ان هناك حوار اليس من الاجدي المصارحة قبل المصالحة ولك الشكر
اذا عرف السبب بطل العجب
هناك معارضة وموالاة لا غير, هناك معارضة ومنذ العشرينات الى يومنا هذا من السنة والشيعة, قدمت وتقدم الدماء وتهجرة واستضعفت وسلب حقها وابعدت عن البلاد, وان المعارضة الحالية هي امتداد لتلك, واما الطرف الاخر فهو مولاة وانت تعرف جيدا من دفع بهم ومن يدعمهم واين يعمل الكثير منهم !!!!
والاكثر من ذلك المعارضة الحقة كانت شعاراتها الوحدة ومطالبها للجميع, ام الطرف الاخر فالجميع يعرف شعارتهم الطائفية ولكن (اذا عرف السبب بطل العجب)
المشتكى لله
هناك مصلحة كبيرة لمجموعة معينة في عدم قيام حوار جاد فهو يخاف على مركزه من التغيير خاصة في ادراكه لعدم اهليته لهذا المنصب وبذلك تكون مصلحته في تعطيل الحوار وعدم حدوث حلول جذرية لانه يرى مصلحته في بقاء البلد في ازمة لا نهاية لها فهو وابنائه لهم وظائف راقية ولهم سكن واعتبار ودراسة وغيرها اما نحن فليس لنا الا رحمة الله تعالى والدليل مسيرة المحرق يوم امس
هذا ما نطالب به
هذا ما كنا نطالب به الحوار الجاد ، المعارضة تجتمع مع جمعيات الموالاة وتتفق على خريطة طريق وتتفق على أجندة واحدة ترفعها إلى الحكومة لإقرارها وتنفيذها ، ولكن هناك أشخاص لا يريدون لهذا الحوار أن يتم ولا يريدون لهذه الأزمة أن تنتهي ، ولك في شعارات مسيرة المحرق يوم أمس مثالا ، عندما رفضوا حوار الحكومة مع المعارضة وكأن الأرض ومن عليها هي ملك لهم وهنا مربط الفرس . أتمنى أن يقرأ الفرقاء مقالك كي يعرفوا أن هناك أناس تفكر ايضا في مصلحة البلد وليس هم وحدهم في المبدان.