العدد 3447 - الإثنين 13 فبراير 2012م الموافق 21 ربيع الاول 1433هـ

دوروثي آيرين هايت... ناشطة في مناصرة الحقوق المدنية (1)

هولي كاوان شولمان comments [at] alwasatnews.com

مؤرخة في جامعة فرجينيا

هذا المقال مقتطف من الكتاب الحي «ما بعد الدكتور كينغ: مزيد من قصص منجزات الأفريقيين الأميركيين».

قابلتُ دوروثي هايت أول مرة في العام 1963. كانت منشغلة وقتها بترتيبات المسيرة إلى واشنطن وكانت أمي، بولي كاوان، قد تعرفت عليها. ولاتزال ذكرياتي عن دوروثي حادة قوية. كانت جميلة ومهتمة بالأزياء قدر اهتمام أمي بها. كانت أيضا لامعة الذكاء. ولم تخنها قدرتها على تشكيل المفاهيم طيلة السنوات الخمسين تقريبا التي عرفتها فيها، أو تخب أبدا في إثارة إعجابي وإلهامي. كان بمقدورها أن تتناول فكرة بسيطة أعرضها عليها وتقلبها وتديرها وتتفحصها وكأنها تختبر قطعة ثمينة من الماس وتدرس كل جوانبها ثم تشرح معناها ببراعة فنية راقية.

شملت حياة هايت المديدة فترة جيم كراو (فترة القوانين الجائرة على السود) وامتدت إلى فترة رئاسة باراك أوباما. فقد ولدت في 24 مارس/ آذار من العام 1912 في مدينة ريتشموند بولاية فرجينيا في زمن لم يكن يسمح فيه للنساء بأن يدلين بأصواتهن في الانتخابات، وعاشت دوروثي آيرين هايت، (التي توفيت في 10 ابريل/ نيسان 2010) لتشهد في حياتها وقد تسنمت امرأة إفريقية أميركية منصب وزيرة خارجية الولايات المتحدة. وكان لها دور ناشط فاعل في كل حركة من الحركات الإصلاحية التي نظمها الرجال والنساء السود في القرن العشرين وترأست المجلس القومي للنساء الزنجيات لفترة دامت أكثر من عقدين من الزمن.

نشأت دوروثي هايت في بيئة نمت فيها جذور الفرص وسط ما كان يبدو وكأنه صخور لا تتزحزح من الإجحاف والفصل العنصريين. كان والداها، أمها فاني بوروز هايت وأبوها جيمس إدوارد هايت، قد ولدا بعد الحرب الأهلية بفترة قصيرة. وكانا صاحبي مهنة، أبوها متعهد بناء وأمها ممرضة. وحققا نجاحا في الجنوب حيث كانت القوانين المعروفة باسم جيم كراو تفرض قيودا مهنية وسلوكية متشددة على العاملين الإفريقيين الأميركيين في الجنوب. وعندما زاد الطلب على الفحم والفولاذ خلال الحرب العالمية الأولى أقبلت الصناعات في الشمال على تشغيل العمال الأفارقة الأميركيين من الجنوب. وبحلول العام 1916 أخذ الاندفاع على الهرب من قهر الفصل العنصري في الجنوب وجاذبية الصناعة في الشمال بأسرة هايت وأوديا بها إلى رانكن بولاية بنسلفانيا، وهي بلدة صغيرة بالقرب من مدينة بتسبيرغ عاشت على صناعة المناجم وإنتاج الفولاذ قدم عمالها الأوائل من شرق وجنوب أوروبا. وقد كتبت هايت في كتابها (افتحوا أبواب الحرية على مصراعيها: مذكرات، نيويورك، 2003) في وصف البلدة تقول «إن لي ذكريات سعيدة كثيرة عن وجودي مع أناس كانوا مختلفين كثيرا عن بعضم البعض».

كان فاني وجيمس هايت متعلمين وطموحين. وكانا مسيحيين متدينين ملتزمين يخصصان أوقات فراغهما لكنيستهما. وكما قالت دوروثي في مذكراتها فيما بعد «كان أبي نشيطا جدا في الأوساط المعمدانية... وكان بيتنا عبارة عن ملتقى للسود الجنوبيين الساعين إلى عمل في صناعات الشمال رغم أن العمل في الصناعة كان دوما غير مستقر وكانت الأجور التي تدفع للعمال السود أدنى من الأجور التي كان يتقاضاها العمال البيض». كان والدا دوروثي يتوقعان أن تتفوق ابنتهما في المدرسة وأن تشارك في الثقافة المدنية. وعندما بلغت الفتاة الرابعة عشرة من عمرها وبعد أن قفزت عدة صفوف انتخبت دوروثي رئيسة لاتحاد نوادي ولاية بنسلفانيا للبنات وصارت البنت النموذجية لجمعية الشابات المسيحيات (YWCA). وبفضل كونها مناظرة متحمسة فازت بمنحة دراسية جامعية في مسابقة خطابية نظمتها جمعية الإلكس، وهي جمعية قومية تعمل مؤسستها القومية على دعم الأعمال الخيرية. فقد منحت لجنة محكمين يتألف كل أعضائها من البيض المتسابقة السوداء الوحيدة الجائزة الأولى – وهي منحة دراسية – على خطابها الذي عرضت فيه الحجة على أن الحماية الدستورية تشمل الأرقاء السابقين ونسلهم. ومن هنا بدأ نشاطها في العمل المدني.

كانت هايت لاتزال مراهقة صغيرة السن عندما ذهبت للإقامة مع أختها في حي هارلم بمدينة نيويورك وتلتحق بالدراسة في كلية بارنارد. ولكنها رغم قبولها في بارنارد، منعت في آخر لحظة من دخول الكلية بحجة أن الحصة (الكوتا) السنوية للإناث الزنجيات قد استنفدت. فاتجهت بدلا منها إلى جامعة نيويورك ودخلتها وأصبحت عاملة اجتماعية.

ظهرت درورثي هايت على مسرح الساحة القومية في ثلاثينيات القرن العشرين، العقد الذي شهد الكساد الاقتصادي والإصلاح السياسي. وفي حقبة الثلاثينيات بهارلم شهدت هايت بأم عينيها التأثير الانحطاطي للإجحافات العنصرية الذي رأته في إساءة معاملة الإناث السود العاملات في البيوت والفقر المستشري في شوارع حيها. لكنها بقيت في نيويورك وتأثرت باثنتين من أهم نساء أميركا في القرن العشرين وهما السيدة الأولى إليانور روزفلت وماري ماكلاود بيثون، مؤسسة المجلس القومي للنساء الزنجيات (منظمة النساء الإفريقيات الأميركيات)

العدد 3447 - الإثنين 13 فبراير 2012م الموافق 21 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً