العدد -3130 - السبت 02 أبريل 2011م الموافق 27 ربيع الثاني 1432هـ

ليست الديمقراطية بالنسبة لفلسطين نموذجاً يصلح للجميع

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تلقّى رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض مؤخراً سيلاً من الانتقادات من هؤلاء الذين يدعون بأن الإجراءات التي طبّقها ووافق عليها الرئيس محمود عباس كجزء من خطتهم لبناء الدولة هي غير ديمقراطية. وتمثل الخطة، وعنوانها "فلسطين: إنهاء الاحتلال وإنشاء الدولة" والتي أطلقت في آب/أغسطس 2009 مخططاً أولياً نحو إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً منزوعة السلاح في الضفة الغربية وقطاع غزة على أسس حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية.

ويتهم النقاد، ومن بينهم علماء غربيون مثل ناثان براون من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومنظمات مثل هيومن رايتس ووتش أنه من خلال جهودهم لبناء الدولة، لجأ فياض وعباس والسلطة الوطنية الفلسطينية إلى إجراءات سلطوية. ويشير هؤلاء النقاد إلى فترات رئاسة الرئيس والبرلمان المنتهية وانعدام الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية واعتقال أنصار حماس في الضفة الغربية بشكل غير قانوني، كأمثلة على كيف تدفع السلطة الوطنية الفلسطينية الإدارة والحكم على حساب الديمقراطية.

إلا أن الانتقادات ليست دقيقة بشكل كامل ولا تقدّر المضمون الذي يجب أن تعمل القيادة من خلاله. وتظهر حقيقة أن السلطة الوطنية الفلسطينية أعلنت مؤخراً أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية سوف تتم في أيلول/سبتمبر المقبل أن الحكومة تتطلع إلى تطبيق معايير ديمقراطية معينة، وهي نقطة يجب تبنيها من قبل النقاد. ولكن يتوجب عليهم كذلك أن يفهموا أن فلسطين لن تقلّد ديمقراطية على الطراز الغربي بشكل كامل، لأن الديمقراطية ليست نموذجاً يناسب الجميع. وبالطبع فإن مجموعة الظروف المحددة السياسية والأمنية التي يتوجب على الحكومة الفلسطينية أن تلتزم بها هي في بعض الأوقات تشكل تحدياً كبيراً لجمعها مع المعايير والقيم الغربية.

في المراحل البدائية لمشروع بناء الدولة، تضم الأولويات الرئيسية تخليص الضفة الغربية من انعدام القانون الذي حول قرى الضفة الغربية إلى ساحات معارك لعصابات مسلّحة، وتقوية اقتصاد الضفة الغربية وتنظيف النظام السياسي من الفساد الذي استشرى لعقود عديدة والشللية بهدف إيجاد حكومة شفافة خاضعة للمساءلة. لمدة تزيد على السنة نجحت السلطة الوطنية الفلسطينية، بشكل كبير في تحقيق هذه الأهداف، رغم أنها ما زالت قيد العمل.

ومن الأمثلة على النتائج المثيرة للإعجاب أن إسرائيل شهدت في العام 2010 أهدأ "سنة أمنية" خلال عقد من الزمان. ويتعلق هذه الهدوء في العمليات الإرهابية بشكل مباشر بالتنسيق بين الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الفلسطينية، إضافة إلى حملة تضييق السلطة الوطنية الفلسطينية على حماس وغيرها من الجماعات العنفية في الضفة الغربية. إلا أن هذه الإجراءات الأمنية ضمت حالات تم فيها انتهاك حقوق الإنسان الأساسية، كما هو الحال بالنسبة للاعتقال غير القانوني لأنصار حماس. تلك مشكلة لم يتم التعامل معها بفاعلية، ومن غير المحتمل أن تكون، إذا أخذنا علاقات السلطة المعقدة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحماس بالاعتبار، والشروط التي وضعها المجتمع الوطني مقابل دعم الدول المانحة.

الحدود التي يتوجب على فياض العمل فيها معقدة بشكل كبير وتشكّل عائقاً أمام العملية الديمقراطية. لقد وضع المجتمع الدولي وإسرائيل معايير أمنية معينة يتوجب على السلطة الوطنية الفلسطينية الالتزام بها. إذا رأى فياض، على سبيل المثال أنه غير قادر على تحقيق حد معين من الأمن في الضفة الغربية من خلال اعتقال هؤلاء الذين يعتبرون "تهديداً أمنياً"، تستطيع إسرائيل وقتها أن تقرر العودة واحتلال المناطق التي تقع حالياً تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية وأن تهدد مشروع بناء الدولة بمجمله.

أحد أساليب كبح جماح الانتقادات الموجهة نحو فياض وفي الوقت نفسه إعطاؤه مساحة للمناورة في هذه البيئة الهشّة هو أن تربط أداء الرئيس الأمريكي أوباما والاتحاد الأوروبي باعترافهم بالدولة الفلسطينية، التي يتوقع أن تقدَّم إلى الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر مع استئناف مفاوضات السلام.

يساعد ربط الاعتراف بالعملية السلمية على جمع الطرفين حول طاولة المفاوضات مرة أخرى ومساعدة الولايات المتحدة على التعافي إلى حد ما من سمعتها الملطّخة بشكل سيء بعد أن صوتت بالفيتو ضد مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية.

يعني استمرار الدعم لمبادرة فياض في بناء الدولة إعطاء فرصة حقيقية للخطة السياسية الوحيدة التي تملك احتمالات تحويل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل درامي، وبالتالي الخارطة السياسية في الشرق الأوسط. يتوجب على الدول الغربية قبول، ولو في المرحلة الراهنة فقط، إن السعي لتحقيق الدولة الفلسطينية قد يتعارض مع نموذج ديمقراطي مثالي.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد -3130 - السبت 02 أبريل 2011م الموافق 27 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً