العدد 3445 - السبت 11 فبراير 2012م الموافق 19 ربيع الاول 1433هـ

سقوط أنظمة التمييز العنصرية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في أبريل/ نيسان 1973، عقد مؤتمر في أوسلو، للخبراء الدوليين لدعم ضحايا الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، برعاية الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية.

المجتمع الدولي كان قلقاً حينها على استمرار الاستعمار والفصل العنصري في ناميبيا وروديسيا الجنوبية (زيمبابوي) وأنغولا وموزمبيق والرأس الأخضر، وإن كان التركيز الأكبر على جنوب أفريقيا. ومن اللقطات التي لا تُنسى مرور موكب إيان سميث، حاكم روديسيا العنصري بسيارته، بينما ينبطح السود أرضاً، وإلاّ يطلق عليهم الرصاص.

في أقصى القارة، كانت جنوب أفريقيا تمارس ما تمارسه «إسرائيل» في منطقتنا العربية، تعتقل وتضطهد وتقتل الوطنيين، وتشن الحروب على دول الجوار. الفارق أن الأولى نظامٌ عنصريٌ أقامه البيض ضد الأغلبية السوداء، بينما الثاني نظام احتلال أقامه المستوطنون من شرق الأرض وغربها على أنقاض فلسطين.

في السبعينيات والثمانينيات، تم تفكيك أغلب أنظمة التمييز العنصري المذكورة أعلاه، بعد أن تخلّى عنها حلفاؤها ورعاتها في بريطانيا والبرتغال وهولندا وبلجيكا، كدول مستعمرة سابقاً. وبقيت جنوب أفريقيا تقاوم التغيير في عناد، بينما شهد الرأي العام العالمي تعاطفاً كبيراً مع نضال الأفارقة الساعين للحرية، وأخذ يشكّل ضغوطاً على العواصم الكبرى لتغيير مواقفها من هذا النظام غير الإنساني، انتصاراً للحرية وكرامة البشر.

نظام جنوب أفريقيا عِبرةٌ من عِبر التاريخ، ولطخةُ عار على جبين الإنسانية والحضارة الغربية، إذ ظلّت واشنطن ولندن بالذات تدعمانه وتسندانه حتى وقت متأخر، نظراً لما يربطها من مصالح اقتصادية كبرى. وأصبحت قضية تصفية النظام العنصري مطلباً مُلحّاً في الثمانينيات، باعتباره واجباً إنسانياً مقدّساً. وانطلقت حملات واسعة تدعو إلى وقف التعاون الاقتصادي مع جنوب أفريقيا، وعدم شراء الذهب والبلاتينيوم والمعادن الأخرى، مع دعوة المجموعة الأوروبية لإيقاف كل الامتيازات الخاصة الممنوحة للنظام العنصري، ومقاطعة بعثته في بروكسل، بما فيها وقف التعاون العسكري، وخصوصاً من جانب فرنسا.

كانت هذه الحملة تهدف إلى عزل النظام العنصري حتى في الساحات الرياضية، فالمقاطعة لم تقتصر على السياسة أو الاقتصاد، بل شملت الرياضة والثقافة أيضاً، عندما يتعلق الأمر بالحرية والكرامة وحقوق الإنسان. فلم يكن مقبولاً التمييز بين البشر على أساس عرقي أو إثني أو ديني أو طائفي. ومن لا يحترم إنسانية غيره فإنّما يعاني من نقص في إنسانيته.

جيلنا سمع وقرأ وعاصر تفكيك نظام «الابارتهايد» في جنوب أفريقيا، واختزن في ذاكرته لحظة خروج نلسون مانديلا من السجن وهو يلوّح لجميع أحرار العالم بعلامة النصر. كان مشهداً نادراً في تاريخ العالم، لن ينساه من شاهده أبداً. وفي آخر خبر قرأته أمس، أن البنك المركزي في جنوب أفريقيا يعتزم إصدار عملات جديدة تحمل صورة مانديلا بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الثانية والعشرين ليوم خروجه من السجن، بعدما قضى 27 عاماً وراء القضبان لدوره في الصراع ضد الأقلية الحاكمة في جنوب أفريقيا... الذي يعد رمزاً لمناهضة سياسة الفصل العنصري»، (الخبر كما أوردته وكالة «بنا»).

العالم كله يتجه اليوم نحو احترام حقوق الإنسان، وترسيخ كرامة البشر، ومع هبوب رياح الربيع العربي، لن تنجح أية أنظمة تكرّس التمييز العنصري في أراضيها، لأنها ببساطة تقف مع تابعيها ومثقفيها في الاتجاه الخاطئ من التاريخ

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3445 - السبت 11 فبراير 2012م الموافق 19 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 9:53 ص

      To the Non Mahmoooood

      ومن لا يحترم إنسانية غيره فإنّما يعاني من نقص في إنسانيته. اعجبتني هذه الجملة يا سيد ، والعاقل يفهم

    • زائر 13 | 8:40 ص

      الى 11 مع التحيه

      نحن نشد على يديك كونك مناصر لحقوق الانسان نتمنى ان ما تقصده بلضبط حقوق الانسان وليس عقوق الانسان يا اخي على قائمه المستبدين هناك منهم احرى بلسقوط ممن ذكرتهم وعلى العموم ما ربك بغافل عما يفعل الظالمون وهو اعلم بخفايا الامور بس عندي استفسار لك يمكن تفيدني اكثر كونك محنك سياسيا لو فرضنا وتبدل النظام في ايران رغم انه اكثر الانظمه استقرارا في المنطقه لو اتت حكومه ايرانيه وتولت على هذه الترسانه الجباره وطاحت في احظان امريكا وسلمتها امريكا الخيط والمخياط في الشرق الاوسط شبيصير وضعنا احنا العرب؟؟ديهي حر

    • زائر 12 | 4:17 ص

      إلى الزائر رقم (11)

      أنا أجزم بأن الله لن يحقق أمنيتك
      أتعرف لماذا
      لأنها متطابقة مع أمنية اليهود والنصارى

    • زائر 11 | 2:33 ص

      الفرج قريب

      (العالم كله يتجه اليوم نحو احترام حقوق الإنسان، وترسيخ كرامة البشر، ومع هبوب رياح الربيع العربي، لن تنجح أية أنظمة تكرّس التمييز العنصري في أراضيها، لأنها ببساطة تقف مع تابعيها ومثقفيها في الاتجاه الخاطئ من التاريخ)....... اذن سقوط حكام ايران وسوريا والعراق قريب باذن الله

    • زائر 9 | 1:12 ص

      غريب إلى ابعد الحدود!!!!

      التميز العنصري الذي كان متفشياً في امريكا تجاه الملونين انتهى بعد و صول اوباما الى منصب كان الى عهد قريب حكراً على "الأكثرية البيض" و رغم ذلك اعتبر عدم وصول (اسود) الى هذا المنصب تميز ضدد "الأقلية السود"!!!!

      فما بالك بحصول العكس اي تنقلب "الأكثرية" في المثل السابق الى "اقلية"؟؟؟؟!!

    • زائر 8 | 12:37 ص

      قاسم الخير

      يا ليت يسمع كلامك وينفد اعتقد سيخرج عليك كثير من الناس ويقول لك خرابيط هؤلاء عقولهم متحجرة

    • زائر 7 | 12:34 ص

      زائر رقم(2)

      يا أخي عجل الإمتياز شلون يصير و أين يقف وما هي نتائجه ..............إمتياز ............بإمتياز............ياه ممتاز
      تمييز بإمتياز يعنيEcellent

    • زائر 6 | 12:07 ص

      الخطأ الأكبر لمن يدعي انه داعية إسلامي وممارسته كلها تمييز

      البعض يسيء للاسلام إساءتين الأولى انه يمارس التمييز والثانية انه ينسب هذا التمييز للدين الاسلامي الحنيف دين الكرامة والعزة والمساواة بين كل الناس بلا استثناء

    • زائر 4 | 12:03 ص

      من لا يشعر بالإنسان لا إنسانية له

      ومن لا يحترم إنسانية غيره فإنّما يعاني من نقص في إنسانيته. اعجبتني هذه الجملة يا سيد ، والعاقل يفهم

    • زائر 3 | 11:53 م

      تمييييييييييز

      الناس في وين وبعض الناس في وين. فصل وتمييز وتوظيف وبعثات وترقيات كلها بمقاييس تمييزية ممتازة.

    • زائر 1 | 11:17 م

      العنصرية ركن من العقيدة

      العنصرية واجبة على كل مسلم ومسلمة
      ممارسة العنصرية واجبة لمن استطاع منكم سبيلا

اقرأ ايضاً