حددت المحكمة الصغرى الجنائية الخامسة برئاسة جاسم العجلان 27 فبراير/ شباط 2012 الحكم في قضية 4 متهمين بالتجمهر والشغب والتحريض على كراهية النظام.
وكانت النيابة العامة قد وجهت للمتهمين تهمة التحريض على كراهية نظام الحكم والتجمهر والشغب.
وقد تقدمت المحامية نفيسة دعبل بمذكرة دفاعية طالبت في نهايتها ببراءة موكلها، وقد دفعت دعبل من خلال مذكرتها ببطلان القبض المتخذ ضد المتهمين، إذ بينت انه وإعمالاً لنص المادة 61 من قانون الإجراءات الجنائية والتي نصت على الآتي «لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونا...» وحيث تم القبض على المتهمين دون أخذ إذن من النيابة العامة ما أوجبته المادة سالفة البيان لقيامه صحيحا.
وبذلك نكون أمام بطلان القبض وما ترتب عليه من إجراءات وفقا للمبدأ الذي أقره الفقه القانوني «ما بني على باطل فهو باطل» وذلك وصولا للبراءة.
وأضافت دعبل بأنه قد ثبت بأقوال شاهد النفي بأن المتهمين الأول والثالث كانا معه، حيث إن الجميع كان ينوي الذهاب للمسجد الكائن بالهملة، إلا أنهم خافوا عند تبين وجود قلاقل أمنية بالمنطقة وتوجهوا لمنزل جارهم الذي يقرب منزلهم، لحين هدوء القلاقل الأمنية.
وتابعت دعبل أما بالنسبة للمتهم الثاني فقد حضرت والدته (كشاهدة نفي) وقد بينت بأن هناك اتفاقاً بينهما على أن يذهب ابنها المتهم الثاني للخباز لشراء الخبز، كما نفت علاقته بالمشاركة بالقلاقل الأمنية أو المسيرات أيا كان نوعها، فهو بطبيعته هادئ جدا.
وبخصوص المتهم الثالث فقد أوضح صديقه أن هناك اتفاقاً فيما بينهما على الذهاب لأداء صلاة المغرب وبعد تأخره تبين بأنه قبض عليه من قبل قوات الأمن ظنا منهم بأنه من بين المتجمهرين أثناء ما كان متوجهاً لمنزل صديقه.
وتابعت ولما كانت حالة التلبس تقتضي مشاهدة الركن المادي للواقعة الإجرامية، حيث إن كلا من المتهمين الأربعة قد ثبت بأقوال الشهود عدم صلته بالواقعة محل التجريم بركنيها، وكل من المتهمين الأربعة قد تواجد بمكان مختلف عن المتهم الاخر، بمعنى أنهم لم يكونوا بحالة تجمهر اقتضت من مأموري الضبط القضائي فضه.
وأضافت أنه فضلاً عن ذلك فإن الواقع العملي يفترض بالشخص القائم بأعمال شغب أيا كان نوعها وفق المادة المذكورة بالقيد والوصف، أن تكون لديه أدوات للقيام بتلك الجريمة كما أوضح شاهد الإثبات كأوساخ نتيجة لحمل حاويات القمامة وأن يتم ضبطهم يحملون الأسياخ والألواح الخشبية والطابوق وجذوع النخل وأن يتم تحرير محضر بالمضبوطات في سبيل تعزيز قيام الدليل على وجود حالة التلبس، لا أن يكتفي مأمور الضبط بالقبض على المتهمين في منطقة حدوث القلاقل الأمنية فحسب، فوجود أهالي المنطقة ساعة ارتكاب الواقعة الإجرامية أمر طبيعي جدا، إلا أن الأمر غير الطبيعي هو أن يضبط أحد أهالي المنطقة ومعه سيخ حديد أو لوح خشبي، فهل أوضح شاهد الإثبات بأقواله ذلك الأمر بمحاضر الاستدلال ليبرهن على صحة التلبس، وبينت أنه رجوعاً لأوراق الدعوى نجد أنها قد خلت من ثبوت بيان أو ذكر أية أدوات للجريمة أو مضبوطات كانت بحوزة المتهمين وخير دليل على ذلك هو عدم وجود محضر مضبوطات.
وأفصحت دعبل أن الضابط الذي قبض على المتهمين بدون إذن من النيابة العامة وفي غير أحوال التلبس (أي الذي قام بإجراء باطل) هو ذاته الذي شهد ضد المتهمين.
كما دفعت بانعدام القصد الجنائي بالنسبة للمتهمين، إذ يتطلب القصد الجنائي انصراف إرادة الجاني للقيام بالواقعة الإجرامية بعد العلم بعناصرها وأركانها (أي يقوم القصد الجنائي بحق كل شخص اشترك في التجمهر وهو عالم بالغرض منه واتجهت إرادته لذلك) وبتطبيق ذلك على الوقائع نجد أن المتهمين لم تنصرف إرادتهم للقيام بالواقعة الإجرامية، وذلك لأنهم كانوا وبشهادة شهود النفي الذين حضروا كانوا متواجدين بغير مكان الواقعة الإجرامية.
وقالت دعبل: نضيف لعدالتكم حقيقة تستضيء معها قرينة البراءة وهي عدم وجود أدوات وآليات أثناء القبض عليهم، ما تتطلبه هذه الجريمة تحديدا خصوصا وأن البوق الذي استند إليه الشرطي لم يقدم للمحكمة كأحد المضبوطات رغم بيانه من قبل الشرطي شاهد الواقعة، وذلك الأمر إن دل على شيء فهو يدل على عدم صحة ودقة ما أوضحه الشرطي من زعم.
كما دفعت بانعدام أدلة الإدانة في مواجهة المتهمين، وذلك لإهدار كافة أدلة الإدانة، إذ ان البين من خلال أوراق الدعوى ولما أسلفنا بيانه جملة يتضح لعدالة المحكمة اهدار شهادة شاهدي الإثبات، ولقيامهما بقبض باطل وذلك لما استقر الفقه الإجرائي وأحكام النقض المصرية على أن (ما بني على باطل فهو باطل) كذلك فإن المستقر عليه بأن شهادة من قام بالإجراء الباطل لا يعتد بها وتهدر وعلة ذلك أن من قام بهذا الإجراء سيكون حريصا على إخفاء عوار البطلان على الإجراء الذي قام به وبذلك فإن شهادته لا تصلح لأن يعتد بها وذلك لما قضت محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها ومنها (الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا يقبل منه الشهادة عليه ولا على ما يرتبط به من أقوال منسوبة للمتهم وذلك أن من بطل إجراؤه لافتئاته على محارم القانون لا يبعث إلى الاطمئنان إلى شهادته لدخول الغرض المتمثل في ميل نفسه إلى تبرير إجرائه وتلمس أدلة الإدانة التي أفلتت منه البطلان وبذلك تكون الأوراق قد خلت من أي دليل معتبر شرعا ينهض بالاتهام ويقيم دعائمه).
وأشارت إلى أنه وبانزال ذلك على واقعات الدعوى يتضح لعدالة المحكمة الموقرة بأن شاهد الإثبات الوحيد ودليل الإدانة الوحيد بالدعوى المنظورة هو الضابط الذي قام بالقبض الباطل.
وخلصت إلى أنه وحماية للشرعية الإجرائية، بل وضماناً وصوناً لحريات الأفراد وضرورة المحافظة عليها والتقيد بأحكامها كما هو معلوم لعدالة المحكمة ينبغي عدم الاعتداد بشهادة شاهد الإثبات
العدد 3445 - السبت 11 فبراير 2012م الموافق 19 ربيع الاول 1433هـ
الله يفرج عنهم
ولاحول ولاقوة إلا بالله