يبدو أن الربيع العربي بعد أن اجتاح عدداً من البلدان العربية، وأطاح بعدد من حكامها المعمّرين، بدأ يهبُّ على بلدان أخرى بعيدة في أعماق المحيط!
من هذه البلدان المالديف! هذا الأرخبيل المكون من آلاف الجزر المتناهية الصغر، والذي يتنبأ المتنبئون يوماً بأن مياه المحيط الهندي سوف تبتلعه بمن فيه خلال عقدين من الزمان!
أول من كتب عن هذا البلد رحّالتنا العربي الشهير ابن بطوطة رحمه الله، الذي خرج من فاس بالمغرب الأقصى وهو شابٌ في العشرين، وأخذ يجوب العالم خمسة وعشرين عاماً حتى عاد إلى بلاده بعد أن هرم!
في تلك الأيام، كانت تسمى هذه الجزر «ديب محل»، ولكن مع القلب والتحوير أصبح اسمها المالديف. وكان من عادة رحّالتنا أن يحل ضيفاً على السلاطين، فإذا طال به المقام تزوّج من بنات البلد. وفي المالديف أعجبت به السلطانة خديجة (وفي رواية أخرى أنها كانت زوجة الوزير)، وهكذا تم تكليفه بالعمل قاضياً لمدة عام كامل، وسُمح له بالزواج من أربع مالديفيات، على أن يتخلى عن جاريته الهندية التي اصطحبها.
في تلك الجزر النائية التي دخلت الإسلام قبل مجيئه بقرنين، ظلت تحتفظ بتقاليدها وأعرافها، وفيما يخص المرأة كانت تسير مكشوفة الرأس وعارية الصدر، وهو ما لم يعجب رحّالتنا العربي بطبيعة الحال، فأخذ يشدّد في أحكامه حتى اضطر القصر إلى إنهاء خدماته، وهكذا رحل دون أن يسمح له باصطحاب زوجاته المالديفيات. ولا ندري اليوم سر هذا القرار، هل كان عقوبةً للقاضي... أم تقديراً للمرأة باعتبارها ثروةً وطنيةً؟
هذا فيما يخص التاريخ، أما المالديفيون المعاصرون فقد أقاموا لابن بطوطة قسماً خاصاً في المتحف الوطني في عاصمتهم (مالي أو ماليه)، تقديراً لدوره في تاريخ بلادهم، فهو أول من دوّن شيئاً مكتوباً عن هذا التاريخ.
في الخمسينيات، حين كانت مصر عبدالناصر تستقبل الألوف من المبتعثين من مختلف بلدان العالم، كان من بينهم طالبٌ مالديفي اسمه مأمون عبدالقيوم، عاش في القاهرة حتى أتقن العربية. وبعد سنوات من عودته إلى بلاده انتُخب رئيساً لجمهورية المالديف العام 1978. وظل ملتصقاً بالكرسي ثلاثين سنة حتى أجريت انتخابات عام 2008، فأزاحه منافسه من الرئاسة سلميّاً، دون انقلاب ولا إطلاق رصاص. كانت النسبة بينهما لا تزيد عن ثمانية في المئة فقط.
بالنسبة لي وللكثيرين، ربما لم نسمع بنتائج تلك الانتخابات حينها، ولم نعرف اسم الرئيس (الجديد) محمد نشيد، إلا حين نشرت الوكالات محاولته لفت أنظار العالم العام الماضي إلى ما يهدّد بلده من غرق. كان قد ارتدى مع وزرائه سترات الغوص وعقدوا جلسة رمزية لمجلس الوزراء تحت مياه المحيط. وقبل يومين عاد اسمه ليطرق أسماع العالم، حين خرج ليعلن أنه استقال وسلّم السلطة لنائبه محمد وحيد لأنه لا يريد أن يستخدم العنف ضد شعبه أو يتورط في سفك دمائه أو يستخدم ضده الرصاص ومسيلات الدموع! ولكنه خرج أمس ليعلن أنه اضطر للاستقالة تحت وطأة التهديد بالسلاح، ولم يكن مقتنعاً أصلاً بالتنازل عن قميصٍ ألبسه الله!
يبدو أن التقاليد العربية متأصلةٌ في تلك البلاد. ورحم الله ابن بطوطة رحّالتنا العربي
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3442 - الأربعاء 08 فبراير 2012م الموافق 16 ربيع الاول 1433هـ
التقاليد العربية
يبدو أن (التقاليد العربية) متأصلةٌ في تلك البلاد. ورحم الله ابن بطوطة رحّالتنا العربي
YA3NEE MA YHDON ALKRSE ALEN YMOTON
قلة هم من يذكرهم التاريخ بخير
قلة هم من يذكرهم التاريخ بخير من السلاطين والحكام والسؤال لماذا ؟؟؟
على اختلاف منشأهم الا أنهم ينتهون الى نهاية واحدة الا من رحم ربي .
فهل يعقل العقلاء منهم ؟ ويقرأوا التاريخ جيدا ولا يكرروا أخطاء الغير