وصلت بطولة أمم إفريقيا الحالية إلى الدور نصف النهائي لها وسط غياب شبه كاملة للمتابعة العربية لهذه البطولة للمرة الاولى ربما منذ انطلاقتها.

فلم يسبق باعتقادي أن مرت بطولة للأمم الإفريقية بهذا الإحجام العربي من التفاعل مع مجرياتها، سواء من قبل عرب إفريقيا أو عرب آسيا.

فالبطولات السابقة كانت تحظى بنسبة متابعة عالية جدا من قبل الجماهير العربية في مختلف البلدان، ونتفاعل معها نحن في دول الخليج العربية وكذلك في بقية الدول العربية في آسيا.

ولعل أحد الأسباب الرئيسية لغياب المتابعة العربية هو غياب ملك إفريقيا المنتخب المصري صاحب العدد القياسي من الألقاب الإفريقية، إذ ترك هذا الغياب أثره الكبير على كل مجريات البطولة، إلى جانب غياب منتخبات إفريقية كبيرة أخرى مثل نيجيريا والكاميرون وهو ما أدى إلى غياب المتابعة الإعلامية حتى العالمية منها.

فالمنتخب المصري بجاليته الكبيرة في الوطن العربي يجبر جميع العرب على المتابعة، كما أن غياب العرب عن لعب دور المنافس الحقيقي كلها عوامل أدت إلى هذا التراجع الكبير في المتابعة حتى أن البعض أصبح يجهل أن البطولة تقام في هذه الأيام.

ولكن السبب الرئيسي في هذا الإحجام ما تمر به الدول الإفريقية العربية من متغيرات كبيرة وتاريخية لم تشهدها طوال تاريخها الحديث من خلال الانعتاق من الاستبداد وبداية التحول نحو الديمقراطية.

هذه المتغيرات أدت إلى إعادة ترتيب سلم الأولويات بالنسبة للمواطن العربي الذي لم تعد تشغله كثيرا بطولة الأمم الإفريقية بقدر ما يشغله مستقبل بلاده السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

على رغم مشاركة منتخبات تونس وليبيا والمغرب والسودان إلا أن حتى شعوب هذه الدول لم تكترث كثيرا بالبطولة فكيف بمصر التي لم يشارك منتخبها أو الدول العربية الآسيوية التي كانت خارج التغطية والمتابعة تماما.

المنتخبات العربية المشاركة دخلت البطولة بهدوء وودعتها بهدوء أيضا على غير المعتاد، ولا شك في أن الرياضة العربية تدفع ضريبة عالية في الوقت الحالي ولكن بناء المستقبل العربي الصحيح هو ما تنشده الجماهير وما ينشده القطاع الرياضي كذلك من أجل أن ينطلق بشكل حقيقي نحو مستقبل واعد.

البطولة الحالية هي للنسيان بالفعل للمواطن العربي الذي عانى كثيرا في العام 2011 وفي بدايات العام 2012 على أمل أن تشهد الأشهر الماضية تغيرات تعيد الحياة والحيوية لهذه الشعوب