العدد 3437 - الجمعة 03 فبراير 2012م الموافق 11 ربيع الاول 1433هـ

النكتة السياسية ترياق أمل

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

انتزاع حرية التعبير قد يكون عن طريق نكتة، فالنكتة هي «صحيفة المعارضة الأسرع تعليقاً والأوسع انتشاراً، وهي سلاح من لا سلاح له في أيام الديكتاتورية»، كما وصفها عادل حمودة في كتابه «كيف يسخر المصريون من حكامهم» الصادر عن دار سفنكس للطباعة والنشر.

ما حدث في ربيع الثورات العربي أثبت أن النكتة هي الوسيلة الأسرع والأقوى لبث روح الأمل والتفاؤل بين أفراد قطبي المعارضة والموالاة لأي نظام بل وللحكومات أحياناً، حين تتعالى أصوات اليأس أو الشعور بالانهزام؛ إذ يحاول أحد الأطراف سوق النكات ساخراً من الطرف الآخر ما يؤدي إلى بث روح الهزيمة في الخصم عن طريق السخرية منه، فالحرب الإعلامية تدار في بعض الأوقات عن طريق نكتة.

ولأن السياسة باتت اليوم بنكهة السخرية مغلفةً بها ومحشوةً بأبطالها، صارت أكثر سلاسةً وقبولاً لدى كثيرين ممن لم ينشغلوا بها يوماً فصارت النكتة تنافس الأحاديث السياسية في مدى انتشارها وغزارة طرحها وقبولها.

في كل ثورة من ثورات هذا الربيع برزت أصوات ساخرة أمعنت في سخريتها حتى قالت ما لا يستطيع أكبر سياسي قوله بكل جرأة وثبات وعمق، كما برزت من خلالها شخصيات وهمية منبثقة من الواقع المعاش كانت هي محور كل النكات والقفشات الساخرة، تمخض عنها عدد من الرسوم الكاريكاتورية والأفلام والأغاني تثبت أن العربي خفيف ظل مهووس بالسخرية، وباستطاعته النيل من خصمه كما هزيمته بكلمة.

ما يدعو إلى الوقوف عنده هو أن هذه النكات خلقت من عوام الناس من البسطاء والشيوخ في بعض الأحيان نجوماً لها، حتى أسسوا صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وصل عشاقها ومتابعوها إلى الآلاف، ففي غمرة الجد والألم واليأس يشعر المرء بالحاجة إلى ابتسامة تبعث في قلبه بصيص أمل بأن القادم هو الأجمل. وما حدث في بعض بلدان الربيع العربي أثبت أن النكتة السياسية كانت الدبوس الذي يخفّف من تخمة الشعور بالإحباط الذي قد يودي بالشعوب إلى الانتحار أو الجنون، فكانت ترياقاً يعوض ما فقد من إصرار وصمود.

نكات سياسية لا تهدف جلّها إلى تحقيق هذا الأمل؛ إذ يعمد بعضها إلى النيل من الآخر بطريقةٍ فجةٍ، وهو ذاته ما حدث مسبقاً في مصر إبان عهد جمال عبدالناصر الذي طلب من الشعب المصري التوقف عن سوق النكات عن الجيش، معتبراً هذا السلاح سلاح قوة في يد العدو، بعد أن صار الجيش المصري حديث الجميع سخريةً وتنكيلاَ، بعد أن ذاق طعم الهزائم. وأنا هنا لا أعني هذا النوع من النكات ولكني آثرت الإشارة إليه كي لا يفهم القارئ أنني أعني كل النكات السياسية التي ظهرت على الساحة العربية والمحلية، بكل أهدافها أو أساليبها.

موروثٌ ضخمٌ من النكات ذات الصلة بالسياسة ألّفها العرب من دون أن يجمعوها عن ثوراتهم، خلقت إرثاً يستطيع الباحث العربي أن يجري عليه الدراسات والبحوث من خلال دراسة طبيعة النكتة وأبطالها: تأليفاً وتمثيلاً وكتابةً وشخوصاً، إضافةً إلى طبيعة المرحلة ما يؤدي إلى فهم هذه الثورات بشكل أوضح وأسباب قيامها ونتائجها

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3437 - الجمعة 03 فبراير 2012م الموافق 11 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 8:37 ص

      طرائف الشيخ كشك

      لما كان الشيخ كشك يصلى بالناس كان يقول: الصف الثانى والثالث والرابع والخامس يستقيموا .فسأله المصلون :والصف الاول يا مولانا ؟ !!قال :هؤلاء مخبرين وأمن دولة جاءوا ليتجسسوا علينا ،يستقيموا أو لا يستقيموا مش هينفع لهم صلاة .

    • زائر 3 | 6:37 ص

      جيفري

      أبي ألى هذا اليوم وعلى الرغم بأني متزوج وعندي ولد دائماً يقول لي لا تجعل نفسك أضحوكة للناس

      سابقاً كنت أعصب من كلام الوالدوأتضايق والحين أقول في قلبي عدل كلامك يالوالد

      من لم يحسن التصرف مع الآخرين فسيجعل من نفسه أضحوكه

    • زائر 2 | 11:20 م

      كوثر موسى

      رائعة دائما يا سوسن

    • زائر 1 | 10:50 م

      شكرا لحريتكم

      شكراً لك بنتي على هذا المقال جميل جدًا وذكرني .... وغيرها تحياتي لقلمكم الحر يا حرة يا ابنة الاحرار

اقرأ ايضاً