العدد 3435 - الأربعاء 01 فبراير 2012م الموافق 09 ربيع الاول 1433هـ

الخمسينات أثبتت قوَّة النسيج البحريني أمام دعوات الفتنة

عبدالكريم العليوات يتذكر (5)...

عبدالكريم العليوات
عبدالكريم العليوات

الزمن لا يشيخ؛ وخصوصاً للذين هم شاهدون عليه. هم يمثلونه في أكثر من قلب وحس إضافي في اللحظات الفارقة والحاسمة. هم ثرمومتر الزمن. البعض يريد للزمن أن يشيخ ويهرم ضمن شروطه واصطفافه أو حتى مزاجه. ذلك لن يحدث؛ لأن الزمن ليس أجيراً عند أحد بالمياومة أو براتب مقتطع يحدده صاحب مزاج أو وهم.

عبدالكريم العليوات واحد من شهود مرحلة فاصلة امتدت منذ منتصف القرن العشرين وشهد أحداثاً وتحولات.

وحين يتذكر هنا لا ليذهب في السرد، بقدر ما يذهب في محصلات ذلك السرد. يواصل عبدالكريم العليوات حديث الذكريات.

المتتبع لما حدث في فتنة العام 1953، يفهم أن شعب البحرين أكبر من محاولات تفتيته؛ اذ تمكنت الشخصيات الوطنية من وأد الطائفيين وتوحيد الحركة الوطنية خلف مطالب عامة وشاملة للجميع، وهو عكس ما استهدفته حادثة سبتمبر/أيلول 1953 عندما هاجمت مجموعة مواكب عزاء المنامة.

نعود الى بداية الأحداث في مطلع الخمسينيات، عندما قامت الشرطة بإطلاق الرصاص على الناس من دون تمييز أو فهم بسبب تدافعهم ظناً منها بأنهم جاؤوا للهجوم على المعتمدية، استخدمت العصي والزجاج وجرح أكثر من 70 شخصاً. تدافع الناس وانفض العزاء وكل واحد يبحث عن الآخر وفي هذه الحادثة أصيبت خالتي بزجاجة شجت رأسها. وفي الوقت نفسه روَّجت شائعات بهدف تأجيج الأوضاع، فقيل، إن شيعة المنامة يضربون سنتها، وأن سنة المحرق يهجمون على شيعة عراد، حتى وصل الأمر إلى قيام شيعة المنامة بحفر خندق حول بعض المناطق تجنباً لهجوم سنة المحرق وكانت الأجواء أشبه ما تكون ببداية حرب أهلية، وقد كان التحرك كالآتي:

في عصر اليوم ذاته (20 سبتمبر 1953) جاء صديق والدي ورفيق دربه المرحوم عبدالعزيز الشملان إلينا في البيت ليتصل بوالدي الذي كان مسافراً إلى العراق ليطلب منه الاستعجال بالعودة إلى البحرين فكلمه من هاتف منزلنا وقال له بالحرف: «الحكومة تريد أن تشعل نار الفتنة بيننا» إرجع بأسرع ما يمكن لإصلاح ما يمكن إصلاحه لعلنا نتمكن من احتواء الأزمة ومنع الكارثة؛ لأن الشملان يعرف أن العليوات يحظى بدرجة عالية من الحب والتقدير بين رجال الطائفة الشيعية بالإضافة لما له من كلمة نافذة مقنعة ولما يتمتع به من حسن الثقة والصدق في الدفاع عن حقوقهم.


عودة الوالد من العراق

في اليوم التالي عاد والدي من العراق وباشر دوره الوطني البارز حتى تمكَّن ورفاقه من إخماد الفتنة، ولكن الفتنة كانت أقوى بكثير من جهوده الحثيثة مع رفاقه بالإضافة إلى الانحياز الواضح من قبل البوليس، وكانت كلمته وبأمانة استطاعت منع أتباعه من الذهاب إلى العمل لكي لا تحدث مواجهات بينهم وبين إخوانهم السنة، وهكذا وللمرة الثانية منع الفتنة الطائفية من أن تقع.

كانت واقعة عاشورا في يوم الأحد ولم تتجدد المواجهات في المنامة عصر هذا اليوم وإن كانت الأنباء تصلنا تباعاً عن أحداث تجري في المحرق أو مواجهات في عراد وما إلى ذلك في مثل هذه المصادمات ولكن في يوم الإثنين ارتفعت وتيرة الشائعات يروج لها الذين لا يرغبون للنار أن تخمد فقالوا محذرين سنّة الرفاع والقرى الأخرى وكذلك عمّال بابكو إن هناك خطراً يهدد سنة المنامة من شيعتها؛ إذ يتعرضون لمجازر على نطاق واسع، في وقت يعيش الشيعة فيه هاجس الخوف من تظافر قوى السنة مع الحكومة ضدهم. فقام أعيان البحارنة وفي مقدمتهم عبدعلي العليوات، لثقة الشعب فيه، بمنع أتباعهم من الذهاب إلى العمل لكي لا تحدث مواجهات مع السنة في أماكن العمل من جهة ولحماية عائلاتهم في المنامة.

عندماعاد والدي وجد زعماء الشيعة بانتظار لقائه باحتجاجهم قائلين، إن كل شيء كان مخططاً له مسبقاً، ولكنه قال إنه متأكد بأن الأمر لم يكن كذلك. لاحقاً ذهب إلى المحرّق مرة أخرى ووجد جمهرة خارجة بوضوح للمشكلات.

حدثت حركة في بابكو؛ وفي سترة حصل تصادم طائفي؛ وفي المحرق كذلك. وبدأت الطبقة المثقفة (الشيعية والسنية) عملها وتحركت لتوحيد الصف. تحركت الطبقة المثقفة من السنة والشيعة لحل المشكلة، مثل عبدالرحمن الباكر وعبدالعزيز الشملان وعبدعلي العليوات ومحسن التاجر وسيد علي كمال الدين.

ولكن نتوقف هنا؛ فقد بدأنا حكاية ثانية عنوانها «ما الذي جري في جزيرة سترة؟».

لقد استعرضت الأحداث صبيحة عاشوراء فقط دون التعرض لما تلاه من أحداث سواء في المحرق أو في عراد أو حتى في سترة ومن يريد الاطلاع عليها فهناك الكثير من المراجع قد تناولتها بالتفصيل، ولكن من الواضح، وباختصار، أن الفتنة كان ينبغي لها أن تحدث وقد أعد لها بدقة ودراسة على أن تكون شرارتها الأولى الاقتتال بين المكونين الرئيسين وهذا ما رأيناه على أرض الواقع مند صبيحة العاشر من محرم على أن يكون الشيعة ومن معهم من إخوانهم السنة هم الوقود لهذه الفتنة.

وبقي البعض ينفخ في نار الطائفية بغية تأجيجها وامتداد لهيبها ولم يكتف بذلك بل أخد يصب الزيت على لهيبها ليزداد اشتعالاً ليصلي بها الشعب كل الشعب سنة وشيعة فالفتنة عمياء لا تميز بين طرف معها وآخر عليها والمستفيد هو المستعمر البغيض وأذنابه. وبقيت الشعارات الطائفية تغذي غرائز النفوس الضعيفة وتدعهم لتنفيس غضبهم وحنقهم وأحقادهم ضد الطرف الآخر الطامح لنيل الحقوق والحياة الحرة الكريمة باستقلاله. كان الهدف من إذكاء الطائفية بين أبناء الشعب الواحد هو أن ينشغلوا ببعضهم ويلهون عن المطالبة بالحقوق والدفاع عنها بالوسائل المشروعة.

وبالفتنة تصبح المهمة سهلة فالمطلوب فقط هو مهاجمة الهدف الذي أعد له نفسياً دون تفكير أو تردد، بعد أن شحنت غرائز الناس وعقولهم بالكراهية والأحقاد. فسياسة فرق تسد هي أقصر الطرق وأسهل السبل لإثارة الفتن المذهبية مادام هناك من يستجيب دون تفكير وينفذ دون تخطيط، فكثرت الصراعات والتكتلات هنا وهناك.

ويقودنا الحديث هنا إلى ما حدث في جزيرة سترة وبالضبط في منطقة الخزانات التابعة إلى شركة نفط البحرين المحدودة (بابكو). والحادثة ببساطة لا تتعدي أطفالاً شاكسوا بعضهم بعضاً ولكن النفوس مشحونة بالغضب ومهيأة للتصادم.

وتروى الحادثة أن اثنين من أبناء الشيعة الصغار سناً قاما بإخراج الهواء من عجلتي دراجتين لولدين من السنة وعند رجوعهما، أمسك السنيان بالشيعيين وقاما بضربهما. هذا حدث عادي كما قلت سابقاً لولا أن النفوس مشحونة وعليه وفي وقت سريع تدخل الرجال من الجانبين في القضية ووقع شجار بين أفراد من أهالي سترة الشيعة مع أفراد من إخوانهم السنة، نتج عنه طعن أحد السنة بمنجل على يد أحد أهالي سترة.

وقامت إحدى الحافلات بنقل الرجال من إحدى القرى الشيعية المجاورة إلى مكان الحادثة، وتحولت القضية من مشاكسة أطفال إلى صراع كبار بل إلى اقتتال راح ضحيته شخص من أهل السنة وجرح فيه عدد من الرجال، كان هذا بتاريخ 15 يونيو/حزيران 1954.

وبحسب ما تذكره مصادر التاريخ «قامت الحكومة بحملة اعتقالات واسعة في صفوف أهالي سترة، وبلغ عدد المعتقلين نحو خمسين شخصاً وأفرج عن بعضهم لاحقاً، وفي 30 يونيو 1954 قدّم ثمانية من الشيعة وثلاثة من السنة إلى المحاكمة، وجرت محاكمة المعتدين حكم على مسببي الفتنة بالسجن بمدد متفاوتة حيث حكم على واحد من الشيعة بالسجن لفترة أربع سنوات وثلاثة لفترة ثلاث سنوات، بينما حكم على الشيعة الباقين والسنة». الأولاد الثلاثة أصحاب الدراجة حكموا بالسجن شهراً واحداً فقط. وبما أن الأحكام كانت ثقيلة وغير متناسبة بين السنة والشيعة، ثار الشيعة على هذا الحكم واعتبروه حكماً جائراً.

وفي صباح يوم الأربعاء 1 يوليو/تموز 1954 (الأول من ذي القعدة 1373هـ)، احتشد جمع غفير من المواطنين في مسجد مؤمن بالمنامة وأعلنوا الإضراب وكان سبب هذا الاجتماع الأحكام التي صدرت بحق المواطنين. وأثناء وجودهم في المسجد وصلتهم أخبار مفادها أن شرطة القلعة ألقت القبض على باص قادم من القرى وبه ركاب من أهالي القرى المتوجهين إلى احتفال المسجد. أثار هذا غضب الشيعة وثار الناس جراء هذا الخبر. ساروا في تظاهرات متوجهة إلى القلعة القريبة من المسجد حيث يسجن زعمائهم لمحاولة إخراجهم، وكانوا أمام هدفين، إما التأكد من الخبر أو تخليص المحتجزين.

ويبدو أن من كانوا في القلعة من ضباط وجنود قد استعدوا للمواجهة؛ بدليل أن الشرطة قد اتخذت مواقعها الدفاعية، لذا ما إن رأت الشرطة الحشود قادمة تهرع ناحية القلعة حتى بادرت بإطلاق النار عليهم. في هذه المواجهة غير المتكافئة قتل ثلاثة في الحال، أما الرابع فقد مات في المستشفى متأثراً بجراحه ويبدو واضحاً من أسماء المناطق التي ينتمي إليها الشهداء أن الاحتجاجات تشمل كل الوطن والشعب كله ثائر ويطالب بحقوق مشروعة.

والشهداء هم: ابراهيم عبدالرسول آل سيف (20عاماً) من المنامة، الحاج كاظم الحاج علي (21عاماً) من قرية المالكية، علي أحمد السعيد (18 عاماً) من قرية مقابة، وعلي الحاج حسن الحاج عبدالله (29 عاماً) من قرية سترة.

وقد قال لي شاهد عيان ممن عاشوا الواقعة «ما إن وصلنا إلى القلعة حتى أطلق بعض الرصاص في الهواء. وبسرعة هائلة تحول إلى أجساد الحشود المتظاهرة. لم يقف الأمر هنا بل حتى من تراجع فاراً للنجاة بحياته متحاشياً مواجهة الرصاص أطلقوا عليه النار بشراسة بهدف القتل والإصرار على القتل بدليل أنهم كانوا يطلقون الرصاص على الشخص الواحد أكثر من مرة حتى يموت فإذا سقط يطعنونه بالأسكوني (السلاح الأبيض) المثبت في نهاية البندقية ومن ثم يتركونه مضرجاً بدمه ميتاً أو ينزف حتى يموت حتى إن بعضاً من الشهداء قد تعذر تغسيله لعدم توقف نزف الدم جراء الطعنات؛ ما دفع القائمين على التغسيل لاستعمال (النورة) لوقف النزيف، ومن ثم علقت ثياب الشهداء الأربعة الملطخة بالدم على قضبان سياج مسجد مؤمن لعدة أيام». انتهت الشهادة.

هذا القتل زاد من غضب الشيعة فحملوا قتلاهم في تظاهرة إلى دار المقيم السياسي البريطاني، ولم تقف النزاعات عند هذا الحد بل استمرت بين الطائفتين. وأعلن الإضراب أسبوعاً، وغاب أكثر من ألفي عامل عن «بابكو»، وتعطلت السوق، لم يتوقف الإضراب إلا عندما وعدتهم الحكومة بتعيين لجنة للبحث عن الأسباب التي أدت إلى إطلاق النار ومعاقبة المسببين فيه.

في اليوم التالي التقى المستشار بشخصيتين كبيرتين من الشيعة هما المرحوم منصور العريض والمرحوم حسن المديفع ليضعهم في مواجهة الأربعة الممثلين للشعب والذي التقاهم في وقت سابق ووصف اثنين منهم بالتطرف حيث أصرَّا على مطالب شعبهم وتحدوا سلطة المستشار وبطشه بما قدموه من مطالب فكان والدي عبدعلي العليوات واحداً منهم.

ولكن وللمرة الثانية خابت مساعي المستشار في تراجع الأربعة الممثلين لمطالب شعبهم عن مطالبهم فعندما اجتمع بهم في المساء كرروا عليه المطالب نفسها. وفي هذا تتفق معي الوثائق البريطانية حيث أكدت أن مطالب الأربعة فيما يخص الواقعة كانت مطلبين هما، إقالة المدير العام للشرطة وشخص آخر.

إطلاق سراح الأفراد الذين سجنوا في قضية سترة أو على الأقل إعطاؤهم فرصة الاستئناف ضد الحكم.

وانتهى اجتماع المستشار بوالدي ورفاقه وهم يؤكدون له استمرارهم في الإضراب الذي بدؤوه حتى تبدي الحكومة حسن نيتها تجاه حماية الشيعة.

احتفل الشعب بذكرى الأربعين للشهداء؛ إذ أغلقت المتاجر في إضراب شامل وقام بمسيرات متوجهاً إلى المقبرة يرقد الشهداء وفي اليوم نفسه وزعت منشورات تحمل صور الشهداء وقد بيعت منه نسخ لا بأس بها أما عن ريع بيع المنشورات فقد كان في أيد أمينه سلمته للجهات المسئولة.

وبقي هاجس الخوف من أحداث مشابهة في شهر محرم المقبل يحكم تحركات الحكومة حيث كانت خطتها تتمثل في حصر احتفالات الشيعة بمنطقة الشيعة من المنامة وعدم السماح للسنة في تلك المنطقة بالخروج أو المشاركة إلى آخر تلك الترتيبات.

وفي 8 يوليو 1954 وزعت في السوق منشورات تتضمن مطالب شعب البحرين، وكانت كالآتي: تكوين مجلس استشاري يتكون من عدد متساوٍ من الشيعة والسنة لمتابعة كل الشئون العامة وكتابة قواعد وتوصيات تقدم إلى الحاكم لإقرارها أو رفضها المعقول.

تكوين لجنة قانونية لتشريع قوانين، والقانون يوافق عليه المجلس الاستشاري.

إصلاح المحاكم، وذلك بتعيين قضاة لديهم شهادات جامعية، انتخاب مجالس للبلدية والصحة والتعليم، إصلاح الشرطة، وإقرار مبدأ أن يكون رئيس الشرطة مسئولاً عن تبعات أي خرق للأمن والسلام، دفع تعويضات لضحايا الحوادث منذ العاشر من محرم العام الماضي، ومعاقبة المسئولين عن إطلاق النار في 1 يوليو.

وتستمر الاضطرابات بين الشيعة والسنة ويستمر معها التأجيج وإشعال الفتيل ولكن في هذه المرة لم تأت الرياح بما يشتهي المستشار وأتباعه؛بل بدأت المسافة بين الطائفتين تتقارب بفضل حكمة الرجال العقلاء من الطائفتين الكريمتين.

و في 12 أغسطس/آب 1954 تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق تضم، الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة، والشيخ عبداللطيف بن محمد آل سعد، والشيخ عبد الحسين الحلي. كما ضمت اللجنة عضواً من المحكمة العليا البريطانية في البحرين، وعدداً من الوجهاء والأفاضل إلى عضوية هذه اللجنة وهم: فضيلة الشيخ محمد صالح بن عبداللطيف، ومنصور بن محمد العريض، وأحمد بن يوسف فخرو، وإبراهيم بن علي المسقطي، وعبدعلي العليوات، ومحسن التاجر، وصادق محمد البحارنة، وحسين علي يتيم، ومحمد بن يوسف بن ناصر، ومحمد مبارك الفاضل، وجبر محمد المسلم، وحسن المديفع.

وقد تعهدت الحكومة بإثبات المسئولية وإجراء ما يلزم كما أبدت استعدادها تأدية الحقوق لأصحابها فقط على الشعب أن يلتزم الهدوء والسكينة وملازمة الأعمال في أمن وطمأنينة. والحكومة تكفل لهم أمنهم وأمانهم.


دور عبدعلي العليوات

كان دور والدي (عبدعلي العليوات) كالعادة فاعلاً ومتفاعلاً في مساعدة اللجنة للوصول إلى الحقائق بل ويدافع عن الحقوق وقد شكرته اللجنة التي شكلتها الحكومة للتحقيق «في حادثة القلعة إن عبدعلي العليوات، وهو أحد أولئك الذين طلب منهم حضور جلسات لجنة التحقيق قد تطوع وساعد اللجنة في إيجاد شهود من الشيعة الذين كانوا موجودين بقرب القلعة. وقد أحضر ثلاثة شهود جرحى وأربعة شهود من الذين كانوا في الطريق شمالي القلعة عند إطلاق النار. وهذه اللجنة تعرب عن امتنانها الشديد لعبدعلي العليوات على جهوده، لقد حاول جهده الحصول على شهود من الذين كانوا في ساحة القلعة ولكنه أخبرنا بعدم تمكنه من الحصول على من يعترف أنه كان موجوداً هناك. وقد تقدم أحد الشهود وهو مصير بن عبدالله زهران للإدلاء بشهادته. واللجنة تشكره على هذا الإحساس بالواجب فقد أثبت أنه شاهد مستقل».

وكما ذكرت في البداية عن مضايقات المستشار لوالدي لدرجة أنه أجبره على الاستقالة من معظم مناصبه آنذاك وحيث إنه كان عضواً في المجلس البلدي فقد قدم استقالته وشاهدي هنا ما ورد في مذكرات بلغريف نفسه وهذا نصه «ومع اقتراب العام 1954 من نهايته ونتيجة لتوتر الأجواء وانتشار الشائعات واستعداد البعض لتصديقها، قرر ثلاثة من أعضاء المجلس البلدي في المنامة استقالتهم. وعلى رغم أن هذه الاستقالات فجرت ما يشبه الزوبعة في فنجان الحياة البحرينية، إلا أنها مرت دون أن تؤثر تأثيراً مباشراً على الحياة السياسية والاجتماعية. استمرت الحياة وكان كيان الدولة أقوى من أن تحفره تظاهرة أو استقالة موظف».

وجاء العاشر من محرم في العام المقبل(1954) وبدَّد المخاوف فقد مر بسلام ولم يحدث ما كان يتوقعه الجميع ممن لا يريدون لهذا الشعب الأمن والاستقرار ويبدو أن القوى الوطنية قد لقنت الحكومة درساً في الوحدة الوطنية والتلاحم بين جميع مكونات الشعب، فلا فتن ولا طائفية ولا غير ذلك يمكن أن يفرق الكلمة ويضرم نار الفتنة. هذا من جهة الحكومة، أما من الجهة الأخرى فقد كانت الأحداث رسالة واضحة لجميع الوطنيين من أبناء الطائفتين الكريمتين بضرورة الخروج من المأزق الطائفي والاندماج في وحدة وطنية تحت قيادة واحدة والتمسك بالمطالب الشعبية الوطنية في العدالة والديمقراطية. ومن هنا بدأت حركة الهيئة التي قادت النضال الوطني مابين 1954 الى 1956

العدد 3435 - الأربعاء 01 فبراير 2012م الموافق 09 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 4:16 ص

      متأكدين

      تقصون على روحكم اللحين، شوفوا شلون المجتمع منقسم، الاولى من يطالب بالحوار يحاور اولا الطرف الاخر من المعادله وياخذ بخاطره ويحاول يتناقش معاه قبل لا يدخل في حوار مع الحكومه .

    • زائر 6 | 1:03 ص

      شكراً للوسط

      التي تذكرنا بتاريخ أجدادنا سنة وشيعة، أني وبكل أسف احزن عندما أستمع لسني يتحدث بالسؤ عن الشيعه أو شيعي يتحدث بالسوء عن السنة، ناسين بأننا جميعاً بحرينييون

    • زائر 5 | 12:44 ص

      الله يرحمهم

      تعال لأصحاب الفتن الحاليين ممن يدعون الاسلام والتدين والاسلام بريء منهم

    • زائر 4 | 12:27 ص

      أخوان غصب عن اللي مايرضى

      إخوان سنة وشيعة هذا الوطن مانبيعه

    • زائر 3 | 12:13 ص

      قوة النسيج الاجتماعي في الخمسينات

      لأنه لم يكن هناك دخلاء على هذا النسيج ..... الذين يتسلقون على حسابنا حساب المواطنين الأصليين الشرفااااااااء من مختلف قرى البحرين ومدنها



      .......

    • زائر 2 | 12:11 ص

      اخوان

      التاريخ يعيد نفسه لكننا اليوم اجتزنا الفتنة بيننا وبين اخواننا السنة ..وليس ...فبالامس القريب اتت لموقع عملنا زميلة من الطائفة السنية وكان الوضع عادي بيننا وكنا نتجاذب اطراف الحديث دون ان يحس احدنا بشيء من الضغينة نحو الاخر فهذا يعني ان نار الفتنة لم تشعل لتخمد فشكرا لابناء الطائفة السنية ...

    • زائر 1 | 8:09 م

      إن شاء الله تصفى القلوب

      في الخمسينات لم تعتدي طائفة على الأخرى و عاشوا اخوان . و جبرت الخواطر مع اختلاف وجهات النظر . ان شاء تصفى القلوب .

اقرأ ايضاً