في تاريخ 16 يناير/ كانون الثاني 2012، أكد رئيس اللجنة الوطنية المعنية بمتابعة توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق علي صالح الصالح في مؤتمر صحافي له، أن اللجنة ستعمل على إنهاء ملف المفصولين قبل نهاية شهر يناير، وأن هناك مساعٍ لإرجاع نحو 770 مفصولاً من القطاع الخاص ممن لم يتم إرجاعهم إلى أعمالهم حتى الآن.

بالأمس كان 31 يناير، واليوم هو الأول من فبراير/ شباط 2012، ولم ينتهِ بعد ملف المفصولين في البحرين، ولم تستطع اللجنة إنجاز ما وعدت به من تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، ولا إرجاع جميع المفصولين.

بالأمس أيضاً احتشد المفصولون أمام وزارة العمل لتسجيل موقف، ولتجديد المطالبة بالعودة لأعمالهم من دون أية شروط مذلة، ومجحفة في حقهم، والمخالفة لقانوني العمل المحلي والدولي.

بين الأمس واليوم تتضح صورة جدية التحرك لإرجاع المفصولين، فكما قلناها من قبل الجدية معدومة، والتحرك بطيء جداً لإنهاء الملف، إذا ما عرفنا أن وزير العمل السابق مجيد العلوي دائماً ما كان يكرر على صفحته بـ «تويتر» أن حل هذا الملف سهل ويحتاج فقط لإرادة وقرار جريء، وهو عدم تجديد تراخيص العمالة الأجنبية لأية شركة ترفض إرجاع المفصولين.

ربما المسألة بسيطة في القطاع الخاص، إلا أنها معقدة ومرتبطة بحقيقة التوجه الرسمي لإنهاء الملف، فمازال القطاع الخاص لا يستشعر أبداً الجدية الرسمية لإنهاء الملف، وبالتالي فهو الآخر، لا يريد أن يقع فريسة تخبط السياسيات الرسمية، التي كانت تقول له في يوم من الأيام سرّحهم لأنهم «خونة»، والآن أرجعهم لأنهم «شرفاء»!

السلطة العاجزة عن إرجاع المفصولين في إدارتها، لن تكون قادرة على إقناع الشركات الخاصة للاستجابة لنداءاتها الخجولة وتحركاتها غير المقنعة.

لذلك نجد أن اللجنة الوطنية أخفقت في تطبيق أبسط توصيات تقرير بسيوني، وهي إرجاع المفصولين، فما بالها بالتوصيات الأكثر حساسية خصوصاً تلك المتعلقة بمحاسبة المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدتها البحرين.

عجز اللجنة الوطنية عن تحقيق وعدها السابق بإنهاء الملف، يكشف لنا مدى قدرة اللجنة التي شكلتها السلطة وعارضتها المعارضة على إنجاز توصيات لجنة تقصي الحقائق.

ما أعجبني في حديث اللجنة الوطنية أنها ترى بأن «شركات القطاع الخاص كانت متعاونة في إرجاع الموظفين»! وهي تعلم بأن ما حدث عكس ذلك تماماً، ولا يوجد تعاونٌ أبداً، بل الأمر كان يحتاج للقوة والفرض، ولم تستجب بعض الشركات إلا من خلال الفرض والأمر الواقع، وكانت الاستجابة مشروطةً ومذلةً، وهو الأمر الذي رفضه المفصولون.

قضية المفصولين تضع اللجنة الوطنية التي يرأسها رئيس مجلس الشورى في موقف صعب ومحرج جداً في الاختبار الحقيقي الأول للجنة، إذ إن القضية كانت تحتاج لأفعال حقيقية ملموسة على الأرض، بعيداً عن البيانات الإعلامية، وأوراق الصحف وشاشات التلفاز.

ومع ذلك ستبقى قضية المفصولين ممن قطعت أرزاقهم لأسباب سياسية تتعلق بحرية التعبير، حاضرة بقوة، لما لها من تداعيات ليست محلية فقط بل حتى دولية.

كلمة أخير للمفصولين، استمروا على نهجكم وصمودكم وثباتكم وتمسككم بحقكم الكامل غير المنقوص وستنالونه جميعاً وأنتم مرفوعو الرأس