من لا يعرف منتدى دافوس - هذا المنتدى السنوي على أرض سويسرا - وهو منتدى قام بتدشينه كلاوس شواب المولود في ألمانيا العام 1971، وكان يُعرف بعد التدشين باسم European management forum وتمت إعادة تسميته فيما بعد World economic forum. والأهداف التي من أجلها يقام هذا المنتدى هي مناقشة آخر المستجدات والتطورات وطرح آخر التصورات ومناقشة آخر الأزمات التي تطرأ على السطح في الشرق والغرب.
وما تم طرحه ومناقشته هذا العام بين النخب التي جاءت من كل حدب وصوب، أزمة ديون اليونان وإيطاليا والتصنيف المالي لفرنسا وأزمة الدين العالمي والاحتجاجات في العالمين العربي والأوروبي، وكذلك احتجاجات «احتلوا وول ستريت».
هذه المواضيع تناقشها النُّخب من أجل التوصل إلى الحلول المثلى، وتجنب أية انتكاسات وأزمات سياسية أو اقتصادية، وهذه في حد ذاتها أهداف نبيلة ترمي إلى نشر الطمأنينة في العالم، ولكن هناك أموراً خطيرة ليست ظاهرة كما هي ظاهرة الفعالية السنوية، وهي إن سويسرا التي تدعي نفسها بلد المساواة واحترام القانون وتطبيق جميع مبادئ حقوق الانسان وما شابه ذلك من مبادئ عظيمة وحقوق، غاب عنها الأهم على الإطلاق، وهو حقوق الآخرين من هذه الثروات التي تودع في مصارفها سنويّاً من كل الزعماء الأفارقة والعرب وغيرهم من زعماء أميركا اللاتينية وأرباب الأعمال في شتى القطاعات الاقتصادية.
هذه الثروات هل هي أموال شرعية أم أموال منهوبة من ثروات الشعوب؟ إذا كانت مشروعة؛ فما هي الآلية التي تم على أساسها قبول هذه الأموال أو رفضها؟ هل هناك سؤال واضح وصريح ومدعوم بالمستندات كافة بأنها أموال شرعية أم مسلوبة من عرق وتعب الجماهير.
إذن السؤال الذي يطرح نفسه، إذا كانت الأموال المودعة مشروعة كيف تحققت بهذا الحجم وهذا الكم الهائل؟ وكما تعرف هناك مليارات من الدولارات لزعماء عرب من أمثال معمر القذافي وزين العابدين بن علي وحسني مبارك وصدام حسين وغيرهم.
هل سألت المصارف السويسرية نفسها وتحققت ونبشت ودققت واستفسرت عن هؤلاء القادة من أين جلبوا وحققوا كل هذه المليارات من الدولارات، وأنتم كما تدعون أمام الجماهير الغفيرة من خلال هذه الفعالية السنوية التي تضم كل النخب في العالم، أن هدفكم هو خدمة الشعوب ومصالحها والحفاظ على ثرواتها... إذاً السؤال الذي يجب على المسئولين طرحه: من أين لك هذا؟!.
يا سيادة الرئيس... هذا السؤال الذي غاب عن السويسريين طوال هذه السنين؛ فإذا أرادت أن تقيم اجتماعاً سنويّاً القصد منه نبيل؛ يجب عليها أولاً وقبل كل شيء ألا تتستر على ودائع المجرمين من أمثال صدام والقذافي وغيرهما ممّن سلبوا أو بعثروا ثروات الشعوب، كان عليها أن تكون أكثر إنسانية مع المستضعفين إذا كانت فعلاً تؤمن حقّاً بالعدالة وتراعي الحقوق. عليها ألا تقبل أية ودائع لأيٍّ كان حتى تكون الملاءة المالية واضحة وصريحة ومصادر الدخل مبينة ومدعومة بكل المستندات التي تؤيد وتوثق الأرقام.
أعتقد أن زمن الغش والخداع قد ولَّى، وظاهرة الاحتجاجات التي عمّت المعمورة ستطرح السؤال على المسئولين السويسريين: إلى متى وأنتم تتسترون على حرامية الشرق والغرب؟
كان من الأجدر بكم مساعدة الضعفاء وكشف الحقائق عن الأموال الطائلة التي تودع في مصارفكم منذ عقود، حتى إن بعض أصحابها وافته المنية وتركها لكم. كان من المفترض بدلاً من كل ذلك القيام بعملية الإفصاح التي طالما انتظرها العالم أجمع منذ سنين طويلة عن هذه الأموال الطائلة الموجودة في مصارفكم لقادة هاربين وزعماء عصابات فارين من وجه العدالة
إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"العدد 3434 - الثلثاء 31 يناير 2012م الموافق 08 ربيع الاول 1433هـ