لفت نظري ما عُلق في الطرقات من لافتات بألوان حمراء وبيضاء تمثل علم البلاد وعليها عبارات جميلة ورائعة تصف المواطن البحريني بعدة صفات طيبة، ما بين الإبداع والتميز والاختراع والإرادة والحكمة والعلم. لكن تبقى هناك ثلاث علامات تأتي بعد حركة (يساوي) لم تتضح بعد مضامينها، لأنها تشكل أسئلة حائرة تبحث عن إجابة شافية ومقنعة ومنطقية في الوقت ذاته، سواءً جاءت بعبارات في لافتات علنية أو مخفية.
العلامة الأولى: تسأل من هو البحريني المبدع والمتعلم والمتميز؟ أليس هو ابن الوطن الذي وُلد على هذا التراب وزُرعت عروقه بحبيباته؟ ولذا فهو يموت عشقاً في الولاء لتراب الوطن وكل ما يدعو لرفعته وكرامته وعزته ويفديه بروحه، أم أن هناك تفسيراً آخر للبحريني لا نعلمه حتى الآن؟ وبالتالي فأين هو هذا البحريني الآن؟ هل هو في موقعه الصحيح، وهل هو معززٌ ومكرمٌ و(محشوم) من الجميع؟ وهل هو مستمرٌ في الإبداع والعطاء؟ أم أن هناك معوقات تمنعه من ذلك ولابد من التغلب عليها وإزاحتها وإصلاح الأمت والعوج بها؟ نحتاج هنا للافتة توضيحية جديدة بأي لون كانت.
العلامة الثانية: ما الفرق بين الإنسان البحريني قبل عام وبعد عام مضى، أي بين العام 11 والعام 12 من الألفية الثالثة للميلاد؟ هل كل بحريني مازال يحظى بالتقدير والاحترام والمساواة نفسها مع أخيه في الوطن براً وبحراً وجواً، أم أن البوصلة تعطلت وتم توجيه مؤشراتها، قسراً، في اتجاهات مختلفة لا تشير بتاتاً للجهات الأربع الأصلية بل إلى جهات منحرفة زواياها بشكل حاد جداً.
وإن كان هناك تغير قد حدث في النظر لكل البحرينيين كجسد واحد وفي وطن واحد للجميع الحق فيه وفي خيراته؛ فلماذا حدث هذا التغير بين العامين 11 و12 من الألفية الجديدة ونحن في مطلع عقدها الثاني؟ وكي تكتمل الصورة الحقيقية في كل لافتات الوطن الداعية للإبداع والتحسين، حتى في الدوام المدرسي، فلماذا لا يتم البحث عن أسباب تغير الصورة بين عام وعام، ومحاولة إصلاح العوج بها وإن كان هو المسمار الذي عُلقت به، فهناك مسامير كثيرة في الأسواق والحمد لله أنها من صنع بحريني أيضاً. ألا يستحق البحث عن المواطن البحريني الأصيل المبدع الغيور على وطنه، كي نفاخر به على العالم كله، عناء إزاحة ما يزعجه ويكدر صفو حياته وعيشه ونذلل له صعاب ذلك كله، دون النظر للمصالح الفردية الآنية، فلعمري إنها زائلة لا محالة. نحتاج هنا أيضاً للافتة توضيحية جديدة.
العلامة الثالثة: ليس لأن البحريني من طينة أخرى، بل لأنه طوال تاريخه تعلم الصبر الطويل من النبي أيوب (ع) وكظم الغيظ من النبي يعقوب (ع)، والإبداع الجميل في الصنع من النبي نوح (ع)، وهو يضع لمسات الجيل الثاني من البشرية بعناية رب العالمين على ظهر سفينته الأم. وهو ما جعل سفن البحريني تبحر طوال عهودها بفضل هذا الطريق. لذا فالبحريني وحق السماء يستحق الشكر والمزيد من التشجيع والدعم والمكافأة لا العكس. فمن تأسى بأخلاق وبسيرة الأنبياء في عشقه للأرض وناسها، من الغبن أن نعامله بغير الاعتراف بما قام به طوال حياته أجيالاً وراء أجيال. وليس هذا تحيزاً مع أو ضد أي بحريني عاش ويعيش على تراب هذه الأرض، بل هو توصيف لأي بحريني تنشده تلك اللافتات المعلقة هنا وهناك، ولا أظنها تروم البحث بين طيات كلماتها أو إشاراتها لبحريني دون آخر عمراً أو لوناً أو ديناً أو مذهباً؟
إذن لنتفق أن نكتب لافتة الوطن الأصيل وليس البديل، وإن تكن حمراء إلا أن حروفها بيضاء ناصعة لأنها تُكتب بأصابع وقلوب بيضاء لا تحمل الحقد ولا الغبن ولا التشفي من أخوة التراب والوطن. فالمطامع الدنيوية للناس ولكن الوطن عطاء من المولى عز وجل فهو للجميع.
لنتفق على أن تكتب من الآن وصاعداً لافتات ذات وجه واحد وهو وجه الحقيقة بلا نفاق أو مواربة. فلا أجمل من أن تصارحني بما في قلبك حتى وإن كان ذلك يجرحني، فهذا أفضل من أن تكتم عتابك عليّ حتى يتحول إلى غلٍّ وحقدٍ وحسدٍ في نفسك مع الأيام والسنوات. فما عاش مجتمع أهله متحاسدون على الكفاف وغيرهم يرتع في النعيم بلا حسد!
نحتاج إلى لافتات تزيح الغمّة التي تم زرعها عمداً بيننا. نحتاج إلى لافتات تدعو لإزالة وإذابة جبال الجليد التي يعمل البعض على تكويمها أمامنا كي تفصلنا عن إخوتنا فنزداد برداً وقشعريرة ولا يقدر بعدها أحدنا أن يتدفأ بقرب الآخر. نحتاج إلى زراعة أشجار الطيب والإحساس بأننا لا يمكن أن نكون جسدين متضادين في وطن واحد. نحتاج إلى لافتات غير انتقائية ولا دعائية ولا تحريضية، بل إلى لافتات تعرف من هو المواطن البحريني بحق وماذا يستحق هذا البحريني المبدع، المخترع، الغيور، المتعلم بتفوق، المتطور بحرص، ولتكن بأي لون بعد ذلك. فليس المهم اللون بل أن نرفض كل لافتة ذات لون مكروه يقسم المجتمع إلى طوائف ومذاهب وطبقات منعزلة عن بعضها البعض أو يصارع بعضها البعض. وأشهد أننا لقادرون على كتابة وتعليق تلك اللافتة الكبرى المنتظرة
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3433 - الإثنين 30 يناير 2012م الموافق 07 ربيع الاول 1433هـ
تسلم دكتوري العزيز
لنتفق على أن تكتب من الآن وصاعداً لافتات ذات وجه واحد وهو وجه الحقيقة بلا نفاق أو مواربة. فلا أجمل من أن تصارحني بما في قلبك حتى وإن كان ذلك يجرحني، فهذا أفضل من أن تكتم عتابك عليّ حتى يتحول إلى غلٍّ وحقدٍ وحسدٍ في نفسك مع الأيام والسنوات. فما عاش مجتمع أهله متحاسدون على الكفاف وغيرهم يرتع في النعيم بلا حسد!
ص.أ
هم يضحك
ابداع، تسلم يمينك.
سؤالك، من هو البحريني؟
يشتغل وياي 3 هنود وباكستانيه ومصريه وحده متزوجه فلسطيني عندهم جوازات بحرينيه. كلهم يتفاخرون بكونهم بحرينيين ويسالوني بين الفينه والاخرى، انتي بحرينيه؟
مقال يستحق القراءة
بارك الله بكم على هذا المقال