العدد 3433 - الإثنين 30 يناير 2012م الموافق 07 ربيع الاول 1433هـ

حين يستصرخ القدس...

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

ما انفكّ الكيان الصهيوني يكيل التهم جزافاً ضدّ الرموز الفلسطينية، ويتحيّن لهم الفرص لتقديمهم إلى القضاء الإسرائيلي وليست الحملة الصهيونية الشعواء على الشيخ محمد حسين مفتي القدس الشريف إلا دليلاً على هذه السياسة التهويدية العنصرية لحكومة الاحتلال.

فلقد أقامت حكومة الكيان الصهيوني الدنيا ولم تقعدها بسبب ما جاء على لسان الشيخ محمد حسين خلال مداخلة له بمناسبة احتفال أقيم في التاسع من يناير/ كانون الثاني بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين لتأسيس حركة فتح إذ استشهد مفتي القدس الشيخ محمد حسين بالحديث النبوي الذي يقول «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فيختبئ اليهودي وراء الحجر أو الشجر فينادي الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله إلا شجر الغرقد». ثم علّق: «ولذلك ليس عجيباً أن تروا الغرقد يحيط بالمستوطنات ويحيط بالمستعمرات».

وتتالت ردود الفعل الإسرائيلية حيث وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما قاله المفتي بـ «الجريمة الأخطر التي ينبغي لكل دول العالم أن تشجبها». أما رئيس دولة الاحتلال، شمعون بيرس، فقد اعتبر أن تصريحات مفتي بيت المقدس تنطوي على درجة كبيرة من الخطورة على إسرائيل، وقد تمس بالعلاقات بين اليهود والعرب، وطالب بيرس مثل ناتنياهو الأجهزة المسئولة عن تطبيق القانون أن تحاسبه على أقواله وتتخذ جميع الإجراءات الممكنة لمنع الإدلاء بأقوال من هذا القبيل. وأما رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين، فقد اتهم مفتي القدس بـ «تأجيج الخواطر وزيادة الكراهية والعنف وهو ما يؤدي بذلك إلى تعزيز موقف جهات تدعو إلى الجهاد مثل حزب الله وحماس، والمسلمون يدركون أن اليهود وإسرائيل هم جزء من الشرق الأوسط». ويحمي وطيس الحرب على المفتي حين يوجّه وزير الخارجية افيغدور ليبرمان تعليماته إلى سفراء الكيان الصهيوني في العالم لنشر تصريحات حسين والاحتجاج على الأقوال علناً وعرضها على حكومات العالم...

ورداً على هذه الإفتراءات وما صاحبها من حملة تشويه لهذا الرمز المَقدسيّ قال سماحة مفتي القدس في تصريحات لتلفزيون «رويترز» إنّ «الحديث يتحدث عن شيء يحصل قبل قيام الساعة... قبل نهاية الزمن»، وأضاف «كنا نتحدث عن شعبنا وعن صمود شعبنا وأنّ شعبنا باقٍ ومستمر في هذه الأرض إلى قيام الساعة وبذلك يتبيّن أنه لم يحرض على قتل أحد ولكنه قرأ بعض الأحاديث والآيات القرآنية التي تتحدث عن علامات الساعة واليوم الآخر، وموقف الإسلام من اليهود.

والحقيقة أنّ الشيخ محمد حسين لا يخشى الدعوة إلى فتح تحقيق ضده لأنه على وعي بمصير كل صوت حر في جحيم الاحتلال الصهيوني... لكن وللتاريخ لم يسبق له أبداً أن تسببت أقواله بقتل يهودي أو تفوّه بأقوال كراهية أو تحريض يفهم منها الدعوة إلى قتل أحد.

إذن تأتي هذه الاتهامات في سياق الحملة التحريضية والهجمة الإسرائيلية على القدس والشخصيات المقدسية، مشيراً إلى تحويل المسجد الأقصى إلى مركز أمني بإحاطته بكاميرات لمراقبة الداخلين من المصلين وغيرهم.

وحين يستصرخ المقدسيون المسلمون لإنقاذ القدس من حملة التهويد التي تريد أن تبتلعها ترى الصهاينة يجهدون لإسكات هذه الأصوات، ويرصدون خطبهم ويعتبرونها تحريضاً على قتلهم في حين ترى الصهاينة يقتلون الفلسطينيين ويصادرون المنازل في القدس ويهدمونها بشكل بربري على مسمع ومرأى كل الناس. إنهم يترصدون بهذه الرموز وحين لا يجدون مبرراً للهجوم عليهم وإسكاتهم يكيلون لهم التهم كالتحريض على قتل اليهود.

وفي مقابل هذا التحريض الصهيوني لفتح تحقيق قضائي، حذّرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات من الاستهداف المباشر الذي يشنه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو على الشيخ محمد حسين. واعتبرت الهيئة في بيان صحافي تصريحات نتانياهو ضد المفتي استكمالاً للمخططات الإسرائيلية الهادفة لتهويد المدينة المقدسة وعزلها عن طابعها العربي الإسلامي المسيحي وإسكات كل صوت يعمل على كشف الاحتلال وجرائمه في مدينة القدس وما تتعرض له مدينة القدس من تهويد وتدمير. ولا يخفى على أحد الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها الشيخ محمد حسين في الديار الفلسطينية وفي خارجها فهو شخصية دينية سياسية ورمز من رموز دولة فلسطين التي يعتبر المساس بها خطاً أحمر.

وبعيداً عن التصريحات والتصريحات المضادة، يكمن وراء هذا الاتهام سببان: الأول سياسي، والسبب الثاني ديني، أما عن الأول فإن الكيان الصهيوني يعيش في مأزق سياسي على المستوى الدولي، حيث لا تلبي احتياجات السلام مع فلسطين، كما أنها فقدت قيمتها النسبية عند الغرب في ظل الربيع العربي، بعد أن كانت تروّج لنفسها على أنها واحة الديمقراطية في المنطقة، وتبعاً لذلك فهي تلجأ للناحية الدينية، لمداعبة الغرب المؤمن بالعهد القديم، وأما الثاني، وهو السبب الديني، فاليهود يرفضون تماماً فكرة مس أي فرد من أفراده باعتبار أنه البشر الوحيد على وجه الكرة الأرضية، وما عداه أغيار، وهذه هي الفكرة الأساسية للصهيونية. ولذلك فإن الحكومة الإسرائيلية والحركة الصهيونية بشكل عام تستخدم الاتهام بـ «معاداة السامية» كسيف مسلط على رقاب الباحثين أو السياسيين الذين ينتقدون المجتمع الإسرائيلي ويكشفون عوراته.

ومنذ أن احتلت إسرائيل القدس الشرقية بما في ذلك المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة اللذان يقعان ضمن سلطة المفتي العام 1967 تعتبر أنّ القدس بأكملها عاصمة لها وهو موقف لا يحظى باعتراف المجتمع الدولي الذي يؤيد على نطاق واسع المطلب الفلسطيني لإقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية.

إنّ القدس تتعرض لحملة تهويد كبيرة ونأمل أن تدرك الأمة الإسلامية والعربية والمجتمع الدولي بأنه لابد من التدخل الفوري لإنقاذ المدينة المقدسة وإعادة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3433 - الإثنين 30 يناير 2012م الموافق 07 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 2:20 م

      يل سليم سلمت يداك ولسانك

      سليم الله عليك لا توقظ النيام , ولا تفسد عليهم راحتهم

    • زائر 13 | 2:17 م

      جيوش المسلمين مشغولة

      جيوشهم مشغولة عنك ياقدس , وأمالهم تصرف على غيرك, وتفكيرهم محصور في صيانة ما هم عليه

      والحساب عند الله غدا سامحنا ياقدس لاننا نؤمن بان للقدس رب يحميه

    • زائر 12 | 11:09 ص

      thanks

      we thank u for u lovely coloum we really like it .once again we thank u n good luck

    • زائر 11 | 11:02 ص

      إلاّ القدس

      شعار رفعه العرب كثيرا فمتى يعطوا للكلمات معنى على أرض الواقع

    • زائر 10 | 10:01 ص

      القدس في قلوبنا

      الشخصيات المقدسية رموز والكيان الصهيوني يريد القضاء عليهم لكن ذلك بعيد عن أياديهم ففي حفظ الله دمت يا شيخ محمد حسين أنت ومن معك من المخلصين

    • زائر 9 | 8:05 ص

      اتحدو

      المسلمين وجميع المسيحيين عليهم اليوم ان يتحدو ويقولو رأيهم في قضية العصر وبلا تنظير وان يعينو الفلسطينيين جميعا وبلا تفرقه مابين مسلميهم ومسيحيهم وجميع طوائفهم فنحن محاسبين امام الله عنهم جميعا

    • زائر 8 | 7:55 ص

      سحقا لهذا الكيان الظالم

      ما انفكّ الكيان الصهيوني يكيل التهم جزافاً ضدّ الرموز الفلسطينية، ويتحيّن لهم الفرص لتقديمهم إلى القضاء الإسرائيلي وليست الحملة الصهيونية الشعواء على الشيخ محمد حسين مفتي القدس الشريف إلا دليلاً على هذه السياسة التهويدية العنصرية لحكومة الاحتلال.

    • زائر 7 | 6:46 ص

      القدس عروس عروبتكم

      قالها مظفر نواب
      وقال بعدها كلاما أشد عنفا على العرب
      لكن ما من مستجيب
      فهل يحول الربيع العربي الأنظار من جديد إلى القضية الفلسطينية
      ؟؟؟

    • زائر 6 | 5:57 ص

      آه على القدس

      لقد نسيها العرب في خضم الصراعات الداخلية

      نرجو الانتباه لها وإيلاءها المكانة التي تستحق إعلاميا وسياسيا

    • زائر 5 | 4:41 ص

      ثورة ثورة حتى النصر

      الشعار الفلسطيني الأجمل
      وإنها لثورة حتى النصر

    • زائر 4 | 4:39 ص

      دائما متجدون مسلمون ومسيحيون في القدس

      حذّرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات من الاستهداف المباشر الذي يشنه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو على الشيخ محمد حسين. واعتبرت الهيئة في بيان صحافي تصريحات نتانياهو ضد المفتي استكمالاً للمخططات الإسرائيلية الهادفة لتهويد المدينة المقدسة وعزلها عن طابعها العربي الإسلامي المسيحي وإسكات كل صوت يعمل على كشف الاحتلال وجرائمه في مدينة القدس وما تتعرض له مدينة القدس من تهويد وتدمير.

    • زائر 3 | 2:44 ص

      الثائرون في كل مكان يجاهدون ليتوجوا ثورتهم بتحرير الشعب الفلسطيني

      ثورة ... ثورة ... ثورة ضد كل ظالم

      والانتصار الحقيقي هو الانتصار لأخوتنا في فلسطين

    • زائر 2 | 1:19 ص

      القدس في قلوبنا

      شكرا على إثارة هذا الموضوعفعلا القدس قضيتنا الأولى والهم رغم هذا الزخم الإعلامي عن الثورات العربية

اقرأ ايضاً