العدد 3426 - الإثنين 23 يناير 2012م الموافق 30 صفر 1433هـ

ماذا تعني الانتخابات الكويتية؟

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

أتيحت لي الفرصة للمشاركة في الفريق العربي لمراقبة الانتخابات لزيارة الكويت بدعوة من «جمعية الشفافية الكويتية»، وذلك للتحضير لمهمة الفريق العربي لمراقبة الانتخابات النيابية الكويتية، التي ستجرى في 2 فبراير/ شباط 2012. وحيث ان قواعد سلوك المراقبة الذي التزمنا به جميعاً، يحرم الإدلاء بآراء عن مهمة الوفد، حيث صدر بيانٌ بذلك، فإن حديثي سيتركز على مغزى الانتخابات الكويتية وانعكاساتها خليجياً بالدرجة الأولى.

في حديثٍ مع أحد الكويتيين عن الانتخابات المقبلة، وتعليقاً على تكرار الانتخابات الكويتية بوتيرةٍ سريعةٍ بمعدل مرة في العام منذ 2008، قال بالعامية: «طقت بجبودنا، كل سنة انتخابات»! فرددت عليه مازحاً: «انتو أهل الكويت تعوّضون بذلك غياب الانتخابات الحقيقية الخليجية».

ما الذي يجعل الانتخابات النيابية الكويتية، على رغم وتيرتها السريعة، تحظى بهذا الاهتمام الخليجي والعربي والدولي؟ وفعلاً ذكر لنا أحد مسئولي وزارة الإعلام أنهم تلقوا ووافقوا على 1200 طلب لإعلاميين خليجيين وعرب وأجانب لمراقبة الانتخابات. كما وافقوا على المراقبة المحلية والغربية والدولية. كما لاحظنا حضوراً لافتاً لشخصيات ومواطنين خليجيين في المهرجان الانتخابي لمشاركة الكويتيين عرسهم الديمقراطي، والاستفادة والتعلم من تجربة الكويت الانتخابية والسياسية. والذي يجعل ذلك هو أن الانتخابات الكويتية ذات صدقية، وتترتب عليها نتائج مهمة سواء ما يتعلق بتركيبة مجلس الأمة، أو تركيبة الحكومة القادمة، أو التعديلات الدستورية المرتقبة، أو السياسات القادمة أو التشريعات المتوقعة. وبالنسبة لهذه الانتخابات بالذات فإنها أتت إثر أزمة سياسية حادة شهدتها الكويت، وفي سياق الربيع العربي، الذي هبّ على الكويت أيضاً واستحقاقاً لحركة الشباب والشعب الكويتي الميدانية، ومخرجاً موفقاً للخروج من حالة الاستعصاء السياسي، حينما قبل أمير الكويت (استقالة أو إقالة) حكومة الشيخ ناصر الجابر الصباح، وحل مجلس الأمة، وكلاهما وجهان لعملة العجز والمواجهة.

إذاً تقدِّم الكويت لدول مجلس التعاون الخليجي (شعوباً ودولاً)، وللدول العربية التي تمر في مخاض عسير، ويشهد بعضها حرباً أهلية أو نزاعاً عنيفاً... القدرة على توافق إرادة الشعب وإرادة الحكم، للخروج من المواجهة إلى رحب التوافق، وإدارة الاختلاف السياسي من خلال صناديق الاقتراع، في ظل حكومة يطمئن إليها الشعب والقوى والشخصيات المتنافسة، وفي ظل ضمانات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفّافة، على رغم كل جوانب القصور الدستورية والقانونية والإجرائية والمؤسساتية.

لقد وصلت الأزمة في الأسبوع الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 إلى ذروتها وشهدت ساحة الإرادة المقابلة لمجلس الأمة مساء 21 نوفمبر 2011 حشداً لا سابق له في تاريخ الكويت، بلغ بحسب أقل تقدير 70 ألفاً، على رغم هطول المطر، مطالبين برحيل حكومة الشيخ ناصر المحمد وحلّ مجلس الأمة. وتلته اجتماعات سياسية ضمت غالبية الطيف السياسي والاجتماعي، مكرّرين المطلب ذاته، وطارحين رؤى متباينة ولكن تتفق على الحاجة إلى الإصلاح الشامل السياسي والاقتصادي والدستوري والتشريعي والمؤسسي.

كانت الأوضاع تؤذِن بالتصعيد الذي لا تحمد عقباه، وخصوصاً على إثر مواجهات ما بين قوات مكافحة الشغب والأمن والمتظاهرين، واعتقال العديدين سواء المشاركين في اقتحام مجلس الأمة أو المشاركين في المظاهرات والاعتصامات بمن فيهم نواب، وملاحقتهم من قبل النيابة العامة، تمهيداً لمحاكمتهم.

لكن أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بحكمته ومن خلال مشاوراته داخل الأسرة الحاكمة والمجتمع السياسي ممثلاً بشخصياته البارزة، اتخذ القرار الحكيم بتجاوبه مع مطلب الشعب الكويتي بإقالة الحكومة عملياً بتاريخ 29 نوفمبر 2011، وتكليف الشيخ جابر المبارك الصباح بتشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات. وبعدها بثلاثة أيام جرى حل مجلس الأمة، وتحديد 2 فبراير 2012 لإجراء الانتخابات العامة لمجلس 2012. وبهذا نزع فتيل الأزمة، وخلت ساحة الإرادة ليحل محلها المئات من مقرات وخيم المترشحين المتنافسين، ويمتلئ جوارها بصور المرشحين الضخمة وشعاراتهم، ولتشهد البلاد حراكاً سياسياً نشطاً وسلمياً من تنافس مختلف الكتل والشخصيات للترويج لأنفسهم وبرامجهم ولكسب أصوات الناخبين.

أما القرار الإيجابي الثاني الذي أسهم في طمأنة المعارضة فهو القرار الجريء للقضاء الكويتي في إعادة تثبيت 13 مرشحاً من بين 15 مرشحاً، ومنهم قيادات معارضة معروفة مثل فيصل المسلم، جرى شطبهم من لوائح المرشحين من قبل وزير الدفاع والداخلية الشيخ أحمد الحمود الصباح، المسئول الأول عن سير عملية التحضير للانتخابات وقبول الحكومة بذلك، ما عزّز الثقة في نزاهة القضاء الكويتي وحيادية الدولة في المعركة الانتخابية الجارية

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3426 - الإثنين 23 يناير 2012م الموافق 30 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً