«الوطن يجمعنا» هو عنوان الندوة التي دعت إليها جمعية الجمري الخيرية في بيت القرآن، في آخر جمعة من العام الماضي 30 ديسمبر/ كانون الأول 2011، ضمن سلسلة ندوات تعتزم الجمعية تنظيمها لرأب الصدع وإعادة الوحدة الوطنية.
هذه أول ندوة أحضرها منذ شهور تتواجد فيها مختلف مكونات شعب البحرين من السنة والشيعة، ومن الإسلاميين واليساريين، ومن مختلف المناطق وهي مؤشر على استجابة إيجابية لمعالجة الانقسام الطائفي وإعادة اللحمة الوطنية لأبناء الشعب الواحد.
المنتدون الأربعة: غسان الشهابي، جعفر الصانع، خالد عبدالله، علي العريبي، قدّموا أربع أوراق تكمل بعضها بعضاً في عرض الأبعاد الاقتصادية والرعوية والإعلام الإلكتروني والدعوية من قبل الدولة والمجتمع، والتي خلقت هذا الشرخ المذهبي وأقامت هذا الجدار الطائفي. كما طرحت بعض الأفكار والمقترحات لمعالجة هذه المعضلة التي لا سابق لها في حدة أزمتها على شعب البحرين.
هل الطائفية نبتة شيطانية؟
ينحو الكثيرون في التعاطي مع المشكلة الطائفية، إما بسذاجة أو بطيبة زائدة بالقول إننا لم نكن كذلك في الماضي، نحن لم نعرف الطائفية، نحن إخوان متحابون، ويصبون جام غضبهم «على اللي كان السبب»، وهو في الغالب مجهول.
ثم هناك آخرون، كلاً من منطلقات مصلحية أو عقائدية أو انتهازية ممن يحمل طرفاً معيناً أو قياداته أو رجال دينه المسئولية، ومنهم لا يتورع أن يحمل طرفاً ما العمالة لجهات خارجية مثل إيران أو غيرها، مسئولية ما يجري باعتباره جزءاً من استراتيجية إقامة الدولة المهدية على امتداد الأرض العربية والهلال الشيعي. فهل كان شعب البحرين مندمجاً مع بعضه بعضاً، ولم تسده النزاعات والصراعات والانقسامات؟
إن عملية تشكل شعب البحرين من قبائل عربية مثل وائل وبكر وتغلب، وهجرات من مناطق الجوار، قد ساهم من ناحية في تعددية قومية ومذهبية ودينية من ناحية، ولكنها لم تندمج تماماً لتشكيل نسيج متجانس، وخصوصاً أنه لا الحكم البريطاني، ولا حكم دولة الاستقلال قد ساهما في بلورة الشخصية الوطنية والمواطنة المتساوية، بل تكريس حكم الامتيازات والتمييز. لذا نلاحظ أن التوزيع السكاني لشعب البحرين من حيث السكن يميل إلى أن يكون سكان غالبية القرى وأحياء معنية في المدينتين الأساسيتين المنامة والمحرق من مذهب معين (شيعة أو سنة) أو حتى أصول قومية معينة (عرب، عجم). وعلى أساس ذلك أقيمت مساجد وحسينيات وجمعيات وأندية ذات طابع هذا المذهب أو ذاك، وتلك الأصول القومية أو غيرها. وحتى عندما أقيمت مشاريع الإسكان الكبرى مثل مدينة عيسى ومدينة حمد وعراد الجديدة، فإنها أضحت مختلطة ولكن غير مندمجة.
وباستثناء مراحل ازدهار المعارضة القومية واليسارية، فإن غالبية المنظمات السياسية في مرحلة العمل السري وفي رحلة العمل العلني لاحقاً، وما يلحقها في جمعيات أهلية (نسائية وشبابية وثقافية) اتخذت طابعاً مذهبياً. ذلك شيء طبيعي في تشكّل أي شعب، ونراه موجوداً حتى في شعوب متطورة كايرلندا مثلاً،ولكن الدولة التي تملك رؤية لتطوير بنية الشعب واندماجه، وبلورة الشخصية الوطنية، وتأكيد الهوية الوطنية الجامعة والتي تعلو على الهويات الفرعية، استناداً إلى المواطنة المتساوية، في ظل نظام وطني ديمقراطي حقيقي، هي التي تستطيع أن تعزز الهوية الوطنية وتضعف الانتماءات الفرعية، وتعزز عملية الاندماج بين مكونات الشعب، بحيث تزول المعازل.
لنترك الدولة جانباً لأنها لم تمتلك هذا المشروع، ولنركز على ما تستطيع النخب الدينية والسياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية أن تعمله لتجاوز الانقسام الحالي وكسر جدار العزلة وإطلاق ديناميكية تعيد لمجتمع البحرين وحدته ولشعب البحرين هويته الوطنية.
البداية في مصارحة النفس
نقطة البداية من وجهة نظري هو أن تتفحص النخب ومن بعدها أبناء الشعب عموماً، ما ارتكبوه ضد أبناء شعبهم من الطائفة الأخرى أو مع المختلفين معهم سياسياً ورأياً. لقد تحوّل الكثيرون ويا للأسف إلى جلادين ووشاة ومحرّضين على الكراهية ضد أبناء شعبهم الآخرين، ولقد حققوا لأنفسهم مكاسب مادية ووظيفية لا يستحقونها على حساب آلام وحرمان الآخرين. لكنهم بذلك يدمّرون مستقبل شعبهم ووطنهم بجعل أنفسهم رهينةً وأداةً لآخرين مقابل فتات. كما عمد الكثيرون إلى الاستقواء بالتجنيس السياسي الممنهج بهدف إضعاف وتهميش أبناء وطنهم الآخرين، وهم بذلك إنّما يصفعون أنفسهم على المدى المتوسط والبعيد، بتمكين الطارئين والانتهازيين على غيرهم. هذه المصارحة مؤلمة ولكنها ضرورية، وهي عملية غسل القلوب، واعتقد أننا كبحرينيين مستعدون لمسامحة بعضنا بعضاً.
لكن الأهم في إعادة اللحمة الوطنية، وتجاوز الانقسام الطائفي هو الاتفاق المجتمعي على مشروع وطني للإصلاح الجذري والشامل للنظام السياسي وللمجتمع. وتظهر لنا التجربة التاريخية أن شعب البحرين استطاع تجاوز الانقسامات العميقة التي وصلت أحياناً إلى حد الاقتتال كما في تجربة 1938؛ وتجربة هيئة الاتحاد الوطني في الخمسينيات؛ وحركة النضال من أجل الاستقلال والحرية في الستينيات؛ والحركة الدستورية في التسعينيات، عندما طرحت المعارضة مشروعاً وطنياً جامعاً يتجاوز المصالح الطائفية والإثنية الضيقة.
لقد طرحت المعارضة «وثيقة المنامة» كأساس لهذا المشروع، وهناك من يتخوّف من نوايا من طرحها بدعوى الخوف من طغيان الغالبية المذهبية، علماً بأن ما هو مطروح هو المواطنة المتساوية وديمقراطية توافقية لا تهمش الأقلية السياسية. ولذا يتوجب على جميع القوى السياسية بما فيها الموالية عن قناعة والفعاليات الاقتصادية والمجتمع المدني، أن يطرحوها للمناقشة والاتفاق على برنامج للخروج من الأزمة الحالية نحو حل سياسي لإقامة المملكة الدستورية الديمقراطية، وإعادة صياغة المجتمع المنقسم نحو مجتمع مندمج ومتآلف، مع الإقرار بالتعددية السياسية والدينية والمذهبية والإثنية، التي تغني المواطنة ولا تضعفها، وتعزز الوحدة الوطنية ولا تمزقها. وهذه والله مهمة صعبة لكنها غير مستحيلة. ولتكن ندوة جمعية الجمري الخيرية بداية لحوار وطني جامع
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 3424 - السبت 21 يناير 2012م الموافق 27 صفر 1433هـ
صباح الامل يبو حسن
نعم يادكتور ان الطائفيه نبته شيطانيه ونجسه ايضا واخطر على المجتمعات من نبته الخشخاش نبته اذا صادف ومررت عليها تزكم انفك رائحتها النتنه التى لا تشبه اي شي نتن غير مأرب من استوردها وزرعها ورواها من مياه الصرف الصحي كي لا تفقد شي من نجاستها نبته سمادها الرجس وثمارها الدمار نبته لاتستسيغها تربه اوال الطاهره فاستوردوها مع تربتها من انجس بقاع المعموره بئس ما استوردو وبئس ما زرعوا وبئس ماحصدو وبئس الزارعون
اطلع من بيتك بانزله
مثل بحراني وهذا واقع الحال اصبحنا في وطننا غرباء وتلصق لنا كل التهم حتى انتمائنا وجذورنا التي ننتمي اليها جعلوها محل نزاع.
ولا غرابة في ذلك فكما قيل للحسين سيد شباب اهل الجنة وحفيد الرسول انه خارجي
لا غرابة فالزمن به عجائب كثيرة