تحدثنا قبل يومين عن معضلة التعامل الغربي مع إيران. السِّلم، الحرب، العقوبات جميعها لم تفِدْ. ثم خلصنا إلى شكل المواجهة الأخيرة، والمحصورة في ضرب الاقتصاد الإيراني عبر تكديس أهم صادراته وهي النفط، بفرض عقوبات دولية عليه. ثم أحَلنا الفكرة على مفاعيلها على الأرض، وهي مكان المواجهة المحتملة، تلك الواقعة في مضيق هرمز، الذي تمرّ من خلاله 40 في المئة من مصادر الطاقة العالمية، وعدَّدنا المشكلات التي قد تواجه عمليات فرض المشروع بالقوة، وردّ الفعل الإيراني عليها عسكريًا، والذي قد يفاقم المشكلة أكثر ويعقدها بإحكام.
الآن نتساءل: هل يتجاوز الغرب كلّ تلك الصعاب ويتجرأ ليضرب إيران وينهي مؤجَّلاً تم تأجيله، ومُعلَّقاً لطالما تم تعليقه فيما خص النظام الإيراني؟ حسنًا، دعونا نرجع إلى أحداث عقد مضى. فالذاكرة مازالت نشِطة. الولايات المتحدة الأميركية خسِرت في حربَيْ العراق وأفغانستان ثلاثة تريليونات دولار ولم تنجح في تحقيق أهدافها، عبر تحويل العراق إلى منصة ديمقراطية في الشرق الأوسط تقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل، وتعيد التوازن إلى منطقة الشمال الغربي لآسيا منافِسة بذلك دمشق، لتمتد إلى تحالف عراقي - تركي، يعوق تقدم الإيرانيين باتجاه المنطقة. بل إن العراق تحوَّل إلى محطة نفوذ إيرانية متقدمة، وأصبح أعداء واشنطن طيلة السنوات التسع من المقاومة الشيعية جزءًا من الحكومة بعد انضمام عصائب الحق إلى العملية السياسية، فضلاً عن حلفاء طهران الرئيسيين في العراق.
وفي أفغانستان، لم تستطع الولايات المتحدة أن تحوِّل هذا البلد إلى خاصرة في الجنوب الآسيوي، تربط شرق وغرب وجنوب ووسط آسيا لتخدم مصالحها، وتكون محطة لإزعاج الصين، وبديلا قبليا وإسلاميا مُهجَّنا عن الباكستان وجيشها واستخباراتها غير المضمون، وجدارا حدوديا هائلا للانقضاض على إيران عندما تحين ساعة الصفر. وهي اليوم (واشنطن) تحاور «طالبان»، وتفتتح لها مكتبًا تمثيليًا بشكل رسمي في الدوحة بسبب مصاعب تواجهها عسكريًا وسياسيًا على الأرض. في الوقت الذي تستولي فيه طهران على ما تبقى من حكومة حامد قرضاي، بنفوذها القديم في تحالف الشمال، وعبر الرشا التي تقدمها لشخوص مهميِّن في وزارة الدفاع والأمن والخدمات وحتى القصر الرئاسي بمن فيهم قرضاي نفسه.
هذا على مستوى الذاكرة الحربية للأميركيين. أما في التفاصيل الأخرى، فهي المتعلقة بطبيعة الصراع الغربي الإيراني عندما يقع. فإيران ليست دولة عربية، تستطيع الولايات المتحدة أن تستقوي بدول عربية أخرى ضدها كما جرى في ليبيا وتونس ويجري اليوم في سورية، بل هي الدولة الفارسية الوحيدة في العالَم، المحاطة بناطقين فرس يمتدون من أفغانستان حتى آسيا الوسطى، وتتنفس أيديولوجيًا ومذهبيًا بحالة تشيُّع تتشح به صَرَعات عرقية متماهية مع الدِّين، وبالتالي فإن الحرب ضدها ستكون دينية مذهبية وعرقية، وهو نوع جديد من الحروب التي قد تشنها الولايات المتحدة في منطقة ملتهبة من العالَم، تنطوي على تعقيدات بسبب حساسية منطقة الشرق الأوسط المنقسم أصلاً على ذاته، وهو ما يجعل ساحاتها (الحرب) ونتائجها مختلفة وغير مقروءة بالمرة.
في اعتقادي أن الولايات المتحدة إن أرادت أن تقوم بضربة عسكرية ضد إيران، فعليها أن تعيد ترتيب علاقتها مع الأطراف البعيدة والقريبة أولاً، لكي تستطيع أن توجه المعركة بعيدًا عن أي تعقيدات جيوسياسية واقتصادية. فهي يجب أن تبتعد عن استفزاز الصين في البحر الأصفر وعبر تايوان، أو تشجيع أنشطة الدالاي لاما والانفصاليين في التبت، وتقيم معها علاقات مستديمة، ومدِّها باليابان شرقًا، وتسوية علاقاتها بالهند فتكسبها في أيّ تسويات قد تجري في البحر الجنوبي للصين، وحتى في مسألة الكوريتين والنفوذ حول فيتنام، وبالتالي إرغامها لاحقاً على الوقوف محايدة عند وقوع ضربة عسكرية غربية أو إسرائيلية ضد إيران.
كذلك، على الولايات المتحدة الأميركية أن تبتعد عن التحرش بالروس في مناطق نفوذهم داخل آسيا الوسطى والبلقان، سواء في أوكرانيا أو جورجيا، وأن تمنح موسكو فرصة الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج العربي، مثلما فعلت بعد الحرب العالمية الثانية عندما قاربت الفرنسيين بالألمان، وهؤلاء بالبولنديين لتستقر القارة في مواجهة المد الشيوعي. كما ان على واشنطن ألا تبعث برسائل سلبية لموسكو عبر تهميش حضورها الاقتصادي في الدول التي شهِدت تغييرًا سياسيًا في الشمال الإفريقي، فهذا الأمر يجعل من الروس يتمنعون ضد أيّ قرار تغييري قد يتخذه الغرب بحق أيّ دولة في منطقة الشرق الأوسط، وهو حالهم في الملف السوري، والذين أبدوا فيه تخوفًا من أن يتكرر المشهد من جديد معهم بعد ليبيا. هذه الترتيبات مطلوبة، للحصول على موقف روسي مَرِن يتخلى عن دعم الإيرانيين في المجال العسكري والطاقة النووية، ويُميِّع من مواقفهم ضد أيّ قرار عسكري يشَن على إيران.
كذلك، على الأميركيين، أن يفكُّوا من تحالف العراقيين مع الإيرانيين، عبر الضغط على الدول العربية لدخول العراق، وزيادة التمثيل الدبلوماسي النشِط فيه، وتشبيكه بأكبر قدر ممكن من العلاقات الاقتصادية والثقافية، مع إشراكه في صنع القرار العربي، لتعزيز حضوره في المحافل العربية، ومراعاة جزء من مصالحه في المنطقة. وهي إجراءات ضرورية لأن يفلت العراق من القبضة الإيرانية، وبالتالي يصبح الطريق أقل تعقيدًا للبدء بضربة عسكرية ضد إيران.
كذلك، أن تسوِّي الإدارة الأميركية مسألة الصراع العربي الصهيوني بصورة منصفة، يحس فيها العرب بأن واشنطن شريك عادل في التسوية. وربما أصبح هذا الملف (الفلسطيني) من أكبر الملفات السياسية استثمارًا من قِبَل الإيرانيين في المنطقة منذ قيام الثورة. فهو يبدأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة (حيث حركات الجهاد الفلسطيني البارزة حماس، الجهاد، الجبهة الشعبية... إلخ) مرورًا بالأراضي اللبنانية (حيث هناك حزب الله وجزء مهم من الشتات الفلسطيني، وهما من أهم مراكز النفوذ الإيراني) وانتهاءً بمرتفعات الجولان، التي جعلت من سورية تتحالف مع الإيرانيين منذ العام 1980 ولغاية الساعة. فتسوية هذا الملف بطريقة عادلة، سيحرم الإيرانيين من ورقة سياسية مهمة لطالما استثمروها من قبل.
كذلك، على الأميركيين أن يسوُّوا بعض المشكلات الأخرى. فأولاً، عليهم أن يُبعِدوا الناب الفرنسي عن استفزاز الأتراك بملف الأرمن، وإسكات اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة، الذي لطالما ساعد على إعاقة مشاريع كثيرة مشتركة بين أنقرة وواشنطن، وإبطال عدد من الصفقات العسكرية مع تركيا. ثانيًا، على الأميركيين أن يعيدوا ترتيب علاقاتهم مع السودان والجزائر وموريتانيا (حاليًا)، التي عادة ما تتخذ مواقف متباينة عن الحالة العربية الأوسع. حينها يُمكن أن تتخلى الصين عن تجارة الأربعين مليارا مع إيران، والهند عن غاز السلام النفطي، والروس عن دعم طهران عسكريًا ونوويًا. والعراقيين عن الاستناد السياسي والمذهبي بإيران الثورة، ويتخلى الأتراك عن 40 في المئة من حاجتهم النفطية، والفلسطينيين من حماس عن دعم إيران لقضية هي في الأصل غير موجودة. بالتأكيد، كل ذلك، يمهِّد (فقط) لبدء ضربة أميركية على إيران دون تعقيدات إقليمية ودولية، ولكن يبقى التساؤل حول مدى نجاحها (الضربة) على المستوى العسكري والميداني، ومدى القدرة على تغيير بنية السلطة في إيران
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 3421 - الأربعاء 18 يناير 2012م الموافق 24 صفر 1433هـ
فلم امريكي
كلة بكون مثل الفلم الأمريكي يعرض في دور السينما اقصد الخليج وبعد العرض تجني الأرباح من بيع السلاح الذي يكدس في المخازن وبعد فترة زمنية الي سكراب او يضرب به الشعب.
رقم 8و9
صدقتو والله ...ولو كانت علي مذهب غير لما حلم بها كثيرون بأنها ناصرة للأسلام..والأسلام قيمه عليه ونينا عربي وعترته عرب ونحن أقرب له منهم وهذا ما يغيضهم
بعد ضرب ايران
لن نري معارضة علي طول ساحل الخليج العربي
لو تضرب ايران
لن تري مسيرة واحدة في الخليج العربياو مظاهرات!!!!
شوف هاي ..!!
في اعتقادي زوبعه في فنجان ليس الا والسبب الرئيسي هو توتير المنطقه برمتها وايجاد عدو للعرب لبيع الأسلحه الأمريكيه الي دول الخليج ليس الا ..........
دار راسنا من التحليلات البيزنطية!! الزبدة هي المطلوبة
واحد يقول كذا وآخر يقول كذاك!! واحنا ضعنا في الطوشة!! والزبدة: شعوب المنطقة لا يريدون حروب وكفاية ما جرى علينا!! مو أمريكا تقول هي راعية الديمقراطية؟؟؟ إذاً خلها تحترم وتراعي رأي الشعوب وتولي عن الخليج روحة بلا رجعة!!! ومسألة النووي الايراني لا تخوفنا بل تخوف الصهاينة!!!!
افهم من المقال والمقال السابق
افهم من المقال والمقال السابق ان لا ضربه لايران عسكريا في المستقبل القريب
بل الظروف تخدم ايرا ولو نسبيا
وننتظر ونرى الايام والسنين القادمة اذا اعطانا اللع عمر
موضوع في غاية الأهمية مع التحية والشكر
بالنسبة للحرب ضد إيران فلا أعتقد إن إمريكا وحلفائها يستطيعون أن يقوموا بضرب إيران لأسباب كثيرة أهمها هو أن روسيا والصين لن يقفا مكتوفي الأيدي فضلا على حلفائها من حزب الله إلى سوريا التي قد تتطور هذه الضربة تدريجيا لتتحول إلى حرب عالمية ثالثة قد تدخل دولا لا أساس ولادخل لها على الخط لمجرد الأنتقام من إمريكا وإضافة على ذلك خشية الغرب على مصالحه في الخليج وخشية توريط إسرائيل في حرب مع سوريا وحزب الله وحماس كل هذه هي واحدة من الأسباب القليله التي قد تمنع إمريكا من ضرب إيران فمابالكم بسحق حلفائها
صل على النبي
امريكا ما بتضرب ايران و لا عقب 100 سنة لأن المنطقة بتصير فوضى او مصالح امريكا كلها بتتأثر او بتنتهي او الإقتصاد الأمريكي ما بيتحمل بينهار.
في الهجوم على ليبيا امريكا وقفت ضرباتها الجوية لأن تكلفتها 4 مليون دولار في اليوم ، الحين ما يحتاج احسب ضرب ايران جم بكلف في الساعة.
ملاحظة : في حرب 2006 الإقتصاد الإسرائيلي خسر 6 مليار دولار نتيجة الكاتيوشا و توابعه !
الى السراب ,,
كل النقاط التى اشرة اليها كانت مهيئه فى بداية الثوره الأيرانيه و دخلتم ( الكل ) مع الكيفبه و العدديه ثمانية سنوات حرب ماذا جنيتم غير وسمة عار على جبين من شارك فى الحرب ( الكل) ضد ايران . هل نسيتم ام تريدون العار مرة أخرى .
ذات النتيجة
بالتأكيد، كل ذلك، يمهِّد (فقط) لبدء ضربة أميركية على إيران دون تعقيدات إقليمية ودولية، ولكن يبقى التساؤل حول مدى نجاحها (الضربة) على المستوى العسكري والميداني، ومدى القدرة على تغيير بنية السلطة في إيران
يعني وين ما راحوا النتيجة واحدة!!!!!!!
يبو عبدالله صباح الخير
بتاكيد ان ماذهبت اليه من ترتيبات ملزمه للغرب ان ياخذها في الحسبان قبل ان يتاخذ اي قرار بضرب ايران في مقالك القيم يوضح عبقريه الغرب في تهيئه الاجواء قبل الضربه الموعوده ولاكن ما يخفيه الغرب عنا هو موضوع اختفاء السلاح الغير تقليدى لدى طاجكستان واوكرانيا قبل تفتت الاتحاد السوفيتي والغرب متيقن ان ايران لها نصيب الاسد من هذا العتاد الذي اذا استعمل في يوم من الايام سيحصل للمنطقه ما حصل لليابان الاف المرات بمعنى اخر انها قيامه الشرق الاوسط برمته وليس مرورا بتركيا وباكستان واسرائيل وهم دول نوويه ايضا
اعتبار
انا اقول يكفي عزآ للجمهوريه انها مكتفه ذاتيآ وليس عليها ديون ويكفي لآمريكا ذلآ انها مبغوضه لدا اكشر شعوب العالم وخاصة العرب واخص المسلمون وغارقه في الديون وهذا ليس كلامي هذا كلام البنك العالمي صرح بانه امريكا ستصيبها هزه اقتصاديه مفلسه
اعتبار
انا اقول يكفي عزآ للجمهوريه انها مكتفه ذاتيآ وليس عليها ديون ويكفي لآمريكا ذلآ انها مبغوضه لدا اكشر شعوب العالم وخاصة العرب واخص المسلمون وغارقه في الديون وهذا ليس كلامي هذا كلام البنك العالمي صرح بانه امريكا ستصيبها هزه اقتصاديه مفلسه