لطالما تغنى الناس بقول الشاعر الكبير أحمد شوقي: «قم للمعلم وفّهِ التبجيلا... كاد المعلم أن يكون رسولا»، وكنا حتى وقتٍ قريب نعامل معلمينا كالرسل لما لعملهم من قدسية في إشعال نور العلم للأجيال التي تتربى على أيديهم قبل أن تتعلم الكتابة، فإنها تستقي منهم الأدب والأخلاق، وكثير من القيم التي يتشربها الإنسان بالاحتكاك بأمثلة إنسانية ونماذج عليا ترتكز عليها الكثير من قراءته لأحداث حياته القادمة.
من هنا جاء دور المعلّم ليماثل دور الأنبياء والرسل، يحمل رسالة للبشرية، ينوّر طريقهم بالأدب والعلم والوعي والثقافة، بأن يكون الإنسان إنساناً، يحمل رأياً وفكراً وكرامة.
على أطراف البلاد، وفي بعض مناطقها، فوجئ البحرينيون الطيبون، بلافتات عملاقة تحمل دعوةً لجمع خمسة آلاف توقيع في المساجد، وكلمات حقد وفتنة لم تعتد عليها قلوب البحرينيين الذين عاشوا على مر العقود أخوةً في الدين والوطن. الكلمات تقول باختصار «التعليم وظيفة الأنبياء وليست للخونة»، عبارة لا تجد لها مبرراً بعد كل ما أسدل الستار عليه تقرير بسيوني، وما تمخّض عنه البحث والتحرّي وتقصّي حقيقة الأحداث التي وجد فيها فريق السيد بسيوني أن لا مبرر لفصل الموظفين ومن بينهم المعلمون لأنهم عبّروا عن آرائهم، وهل يصبح الاختلاف في الرأي اليوم بيننا خيانة وقد كان قبل ذاك لا يفسد للود قضية؟
لقد عاد المعلمون لوظائفهم، رضي من رضي وغضب من غضب، لكنهم عادوا بأوامر عليا تجاوباً مع ما ورد في تقرير بسيوني. هو حقٌ وأعيد لأصحابه، ولا يحق لأحد المطالبة بعزلهم أو إقصائهم أو فصلهم من جديد بدواعي الخيانة التي ثبت دجلها.
أحد المربين الأفاضل بعد أن فُصِل توجّه لبيع السمك، قال يومها: «أعطي الدرس الأخير لطلابي». لقد كان درساً في الاستمرارية والإصرار على الحق في الحياة، بعد أن قدم لهم درساً في الحرية والكرامة، ورفض الاستعباد. مازال رسل العصر محاصرين بين عقول لا تقبل الاقتناع بخطئها، وقوانين تُسخّر لإذلال الإنسان، ومن قال إن الرسل كانت حياتهم مخملية؟ ألم يقل العرب قديماً «لا كرامة لنبي في وطنه»؟ فلا عجب أن يُخوَّن معلمونا الآن ويُكذَّبون، وتُلفَّق حولهم الأفاعيل بفعل الطائفية البغيضة. لكن رسالتهم باقية، وعطاءهم زاخر، وإيمانهم بدورهم لم يتزحزح قيد أنملة. لقد عادوا إلى وظائفهم لا لكونها مصدر رزق وكفى، بل لكونها رسالة وعلى الرسول إتمام ما أُمِر به.
لا شك أن البعض سيرقص فوق أشلاء الوطن ماجناً، غارقاً في سكرة طائفيته، وربما أغوى معه البسطاء من الناس أن يسيروا على خطى سوأته، لكن هذا لا يدوم، ولا يبقى للأبد، هذا تقرير بسيوني أمامكم، الرسول الأخير الذي عيّنه الملك ليكون حَكَماً فاصلاً بين ما هو حق وما هو باطل. ها هو يضع يده على الأخطاء ويكشف الحقائق، ويترك للضمائر الحية أو ما بقي منها، أن تنفض عنها أخطاءها، وأن تشارك الآن بإنقاذ التعايش السلمي بين الطوائف في وطننا العزيز
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3421 - الأربعاء 18 يناير 2012م الموافق 24 صفر 1433هـ
صج مسخرة
حرام اعيالنا يطيحون بيد ناس مو متعلمة ولا تعرف شي في التربية وهمهه الاستشفاء بالغير
نعم
ياريت ابعدو السياسة عن التعليم..وما ذنب هالأطفال في السابعة من عمرهم..يجي يقول المدرس من مذهب كذا يصرف معانه كذا..حسبيالله علي السياسة وعلي الي يشتغلون فيها
جميل جدا
مقال رائع وجميل وهذا ما نحتاجه الان انقاذ المتبقي من تعايشنا ونبذ كل ماهو طائفي