العدد 3421 - الأربعاء 18 يناير 2012م الموافق 24 صفر 1433هـ

إحباط!

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

فريقان محبطان هذه الأيام في البحرين، الأول يرى في إرجاع المفصولين إلى أعمالهم والإفراجات التي تتم لبعض الموقوفين، وتخفيف القضاء لبعض الأحكام، حالة من التراجع في هيبة الدولة.

والفريق الثاني محبط بسبب سقف التعديلات الدستورية المعلن عنها، وربما سبب إحباطه ليس سقفها الذي يقل عن طموحهم، بقدر ما يرون في هذا السقف، علامة على أن الأزمة في البلاد ستطول، وأن الاستقرار في البلد لايزال أمامه وقت أكبر ليحصل.

الاحباطان الاثنان يحكيان قصة الانقسام الحاصل في البحرين، ليس على مستوى السياسة، بل حتى على المستوى الاجتماعي، فإن كان من المستغرب أن يسعى بحريني لفصل أخيه البحريني من العمل، بل ويفرح إن تحقق ذلك، ويحزن إذا أعيد، أو أن يبدي الشماتة أمام جثة مهشمة الجمجمة... هي حالة وان كانت تثير الاشمئزاز الإنساني - أيا كانت دوافعها - فإنها تعكس مدى الفجوة التي ظلت تترسخ على مدى سنوات، وليس على مدى الأشهر القليلة الماضية كما نظن.

صحيح أن جرعة الكراهية في المجتمع زيد في استخدامها خلال فترة الأزمة التي تمر بها البحرين، إلا أن الكثير من الممارسات كانت ومازالت السبب الرئيسي في بث هذه الروح لدى كل الأطراف في البلاد على مدى سنوات.

لقد لعب الفصل في مناطق السكن والعمل والخدمات على أسس طائفية وعرقية في بلد صغير كالبحرين لعقود من الزمن على ترسيخ حالة الانغلاق التي لم يعرفها آباؤنا حتى إلى أواخر السبعينيات من القرن الماضي، فأصبح نصف البحرينيين لا يعرفون النصف الآخر، ولا يعرفون كيف يتعايشون معه.

الكراهية التي انفجرت في المجتمع البحريني خلال الأزمة، كانت نتيجة ممارسات خاطئة تراكمت من عدة أطراف، وهي وإن كانت بشعة المظهر كريهة الرائحة نتنة، فإنها فقاعة خاوية، تنفخ فيها الأيادي التي لا تريد الخير لهذا الشعب فتنتفخ وتكبر، لكن جوفها فارغ المحتوى لا يقوم على مبررات مقنعة أو حقيقية.

لا أظن أن دينا من الأديان أو عقيدة صحيحة، تحث على الكراهية والحقد والبغضاء والشماتة أو تعليق المشانق لمن يتشاركون معك في الدين والوطن.

ما نراه ونعرفه أن كل دين يدعو إلى التسامح والحب والإصلاح الحقيقي الذي يمنع الاستئثار والفساد، الإصلاح الذي يتساوى فيه الجميع أمام القانون، الإصلاح الذي لا وجود فيه لمواطنين من الدرجة الأولى، وآخرين من الدرجة العاشرة.

إذاً، إن احتكمنا إلى الله وشرعه، فالعدل أساس الخير للجميع، وإن احتكمنا للدستور فالجميع سواسية أمام القانون، وإن احتكمنا إلى المبادئ الإنسانية فبالحب تبنى الأوطان.

إذا كان من إحباط ينبغي أن يصاب به البحريني الذي يحب بلده ويخاف عليه، فإن السبب الذي تدعمه الفطرة الإنسانية والدينية وحتى المذهبية يكمن في حالة الانقسام التي تجعل أفراح هؤلاء حزناً لأولئك، ومصائب هذه الفئة فوائد لتلك الفئة

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 3421 - الأربعاء 18 يناير 2012م الموافق 24 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:11 ص

      الحقد وقطع ارزاق الناس

      البعض يجد متنفسا للمارسة حقده من خلال قطع ارزاق البشر وقتلهم بالجوع

اقرأ ايضاً