اختتم مؤتمر «الأمن الوطني والأمن الإقليمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية: رؤية من الداخل» أعماله مساء الأربعاء (18 يناير/ كانون الثاني 2012)، الذي نظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، برعاية نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.
وتناولت الجلسة الثانية موضوع التهديدات الداخلية والخارجية لأمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وشارك فيها أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الكويت محمد غانم الرميحي بورقة بعنوان «تهديدات الأمن الداخلي وبرامج الإصلاح السياسي في مواجهتها». كما تحدث أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات العربية المتحدة عبدالخالق عبدالله عن «تأثير التحولات الإقليمية على أمن واستقرار دول مجلس التعاون»، وأستاذ الإعلام السياسي بجامعة البحرين عدنان بومطيع عن الإعلام ومواجهة تهديدات الأمن الوطني والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون.
أما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان «نحو تشكيل مفهوم استراتيجي للأمن الإقليمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية». وتحدث فيها رئيس ومؤسس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن عثمان بن صقر عن «استراتيجية الأمن الإقليمي لمجلس التعاون خلال العقد الماضي والتغيرات التي طرأت عليه». كما شارك رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية اللواء ركن أنور ماجد عشقي بورقة تحت عنوان «التخطيط الاستراتيجي الشامل ودوره في صياغة السياسة الأمنية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمفهومها الوطني والإقليمي».
وأصدر المؤتمر بيانه الختامي إذ أوصى المشاركون بتعزيز الجبهة الداخلية واعتبار النسيج الاجتماعي واحداً مهما تغيرت الاجتهادات، ومواجهة المتغيرات الإقليمية والتحولات البنيوية، التي تواجهها منطقة الخليج العربي باستراتيجية إصلاح سياسي واقتصادي وأمني وتنموي شامل، وتعزيز المشاركة السياسية وتطوير وسائلها، والرقي بمجتمعات دول الخليج وشعوبها في مجال التنمية البشرية وتصنيع رأس مال بشري فاعل حتى يكون قادراً على مواجهة التحديات التي يواجهها على كل الأصعدة، وفتح مجالات الإبداع لفئة الشباب، وتشجيعهم على التفاعل السياسي الوطني، وإشراكهم في بناء الوطن وبحث مفاهيم المواطنة والانتماء، وجعلهم قوة بناء تساهم في نهضة المجتمع وتقدمه.
كما أوصى المؤتمر بإصلاح المشكلات البنيوية في اقتصادات دول مجلس التعاون، ليكون اقتصاداً أكثر تطوراً ومتانة يجني ثمرة ازدهاره مواطنو دول المجلس، ووضع الخطط الاستراتيجية لتحسين مستوى المعيشة، والتوزيع العادل للثروة، وتوفير فرص العمل، ومكافحة الفساد، والحد من الهدر في المال العام، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومنع التمييز بكل أنواعه بين أبناء المجتمع، والعناية بكفاءة التعليم والتدريب، وتطوير الخطاب الديني بما يرسخ ثقافة التسامح بين أبناء المجتمع الواحد.
ورحب المشاركون بالكلمة السامية لعاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وما تضمنته من الإعلان عن إصلاحات دستورية تعزز آليات التمثيل السياسي والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار.
وأوصى المؤتمر بتعزيز الحريات العامة وآليات التواصل بين كل شرائح المجتمع ومؤسسات الحكم، وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان، والرقي بدور وسائل الإعلام وأدوات التواصل الاجتماعي لدعم حرية التعبير وترسيخ مفاهيم المواطنة والانتماء، واحترام الرأي الآخر، وتفويت الفرصة على الجهات الخارجية في توظيف تلك الأدوات لتمزيق النسيج الاجتماعي، وبث روح الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد. إضافة إلى التأكيد على أن مسئولية تحقيق أمن واستقرار المنطقة تقع على كاهل المواطنين جميعاً، وبناءً على ذلك فإنه يتعين بذل الجهود الحثيثة لوضع مفهوم استراتيجي شامل يتضمن آليات فاعلة للدفاع المشترك، وردع التهديدات الخارجية المحتملة في إطار مظلة خليجية مستقلة واسعة.
ورأى معظم المشاركين أن جمهورية إيران الإسلامية هي جارة إقليمية، ويطمح المجتمعون أن تكون شريكاً إيجابياً في تحقيق التنمية وأمن منطقة الخليج العربي، إلا أن تدخلها في الشئون الداخلية لدول المجلس تعرّض الأمن الإقليمي لمخاطر دائمة واحتمالات التدخل الأجنبي، وتربك استقرار المنطقة، كما أن انتشار الأسلحة النووية لا يمثل ضمانة لتحقيق الأمن، بل من شأنه إدخال المنطقة في سباق تسلح لا يعود على دول المنطقة بالأمن ولا على شعوبها بالاستقرار والرخاء.
وقال المؤتمر في توصياته: «نجحت دبلوماسية مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مواجهة العديد من التحديات الإقليمية والدولية، وحازت إشادة المجتمع الدولي بسياستها المعتدلة، وإنجازاتها في تعميق مفاهيم الدفاع المشترك، وتقف دول المجلس اليوم أمام فرصة تاريخية يطمح المجتمعون أن تصل فيه إلى دور محوري في السياسة الإقليمية في منطقة الخليج، وبناءً على ذلك فإن أعضاء المؤتمر يطالبون بالاستفادة من تلك الإنجازات والرقي بها لصياغة استراتيجية أمنية موحدة تعتمدها دول المجلس لتحقيق الأمن الإقليمي ومواجهة الأخطار المشتركة».
ورحب المجتمعون بالوحدة الخليجية وحثوا على بذل الجهود لتنفيذ دعوة خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود في افتتاح قمة مجلس التعاون الثانية والثلاثين، للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد، ووضع الآليات الفاعلة لتحقيق تلك الدعوة التي تمثل مطلباً شعبياً وضرورة استراتيجية ومصلحة أساسية ملحة.
وأوصى المشاركون في المؤتمر بتشجيع البحوث والدراسات، وعقد المزيد من المؤتمرات والندوات وورش العمل وحلقات النقاش في مجالات الأمن الوطني والأمن الإقليمي والقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها على مستوى دول الخليج من أجل إشاعة وعي كامل على مستوى قطاع واسع من المواطنين
العدد 3421 - الأربعاء 18 يناير 2012م الموافق 24 صفر 1433هـ