العقل هو القادر على الوقوف في وجه حالة التشظي الطارئة على المجتمع. هذا بعض ما جاء في ذلك الإهداء القيم الذي تسلمته أخيرا من الشاعر والكاتب محمد حسن كمال الدين وهو عبارة عن نسخة من إصداره الأخير الموسوم بـ «كيف نرى العقل؟ أين نرى العقل؟».
وقد شدني العنوان لقراءة الكتاب سريعاً وليس تأجيله كما نفعل أحياناً مع كتب نتشوق لشرائها من المكتبات ثم نتهاون عن قراءتها سريعاً لسبب أو لآخر.
ليس هنا مجال لعرض الكتاب، إلا أنني شعرت منذ الوهلة الأولى بعد قراءته أنه ابن اللحظة البحرينية الراهنة وهو ما نحتاج إليه فعلاً في أن نجيب على التساؤل المشروع بقوة الآن وهو: أين العقل في كل ما جرى ويجري من حولنا؟ ولماذا هوينا سريعاً نحو حالة التشظي وأصبنا بهشاشة العظام منذ أول كسر؟ وما مدى عقلانية تصرفات البعض من حولنا وكأنهم ليسوا من هذه الأرض ولا هذا الكوكب، بل كأنهم كائنات هلامية فضائية ذات عين واحدة في قمة الرأس فلا ترى لا يميناً ولا يساراً.
في هذا المؤلف وفي فصل «بين القدرية والعقل» يطرح الكاتب تساؤلاً مهماً حقاً وهو: هل العقل دليل على وجود العقل؟ ونضيف إليه، هل العقل بما يحمله جهاز المخ من شرايين وأعصاب دموية يعني وجود عقل مفكر ومستوعب فعلاً لما يجري؟ ومنه يعرف الكاتب ماهية العقل بأنها: ملكة الاستدلال الصحيح والقدرة على الاستنباط والاستنتاج، وتقليب الأفكار بطريقة منطقية، وهو القوة المدركة في الإنسان. وحين يتجرد العقل من ظلمات الجهل والخرافة والبلاهة، يكون قادراً على صياغة الحياة، وإعادة صياغتها على أسس من العدل وتعظيم الحرية، حتى يمهد الطريق لانقراض المظالم والآلام. وذيلها هو بيت القصيد في هذه العبارة.
وكل من يعي ويفهم حقاً في علم السياسة وإدارة الدول يعلم بأن الذي يجعل من المجتمع السياسي «دولة» بمدلولها الاصطلاحي الحديث، وليس بمدلول الغاب وبداوة الصحراء، هو تراكم مجموعة من عناصر كيفية على صلب السياسة أهمها: تجانس الشعب وخضوع السلطة فيها للقانون أي لنظام الشرعية، وليس لذات الحاكم، الذي بمقتضاه تخضع السلطة لحاكمية القانون أو سيادة القانون المجرد من التبعية للفرد الأوحد في السلطة. ومن هنا تستمد الدولة سيادتها الداخلية والخارجية وليس من شخص الحاكم مهما كان ومن يكون؟ ومتى ما خضعت السلطة للقانون، كأي فرد في المجتمع، فهي تستطيع حينذاك تحقيق الانسجام الاجتماعي داخل المجتمع وعلى تأكيد استمرار هذا الانسجام، وتبعاً لذلك يمكن تفادي استبداد الحاكمين بالسلطة. لأن انسلاخ السلطة عن شخص الحاكم الفرد الذي هو في النهاية ربما أقل الناس علماً وفهماً حقيقياً للدولة الحديثة؛ يعني إسنادها إلى مفهوم الدولة من ناحية إخضاعها للقانون وعلى قدم المساواة مع المحكومين من ناحية أخرى.
والعقل هنا في حالة هذه الدولة الحديثة، هو القادر على صناعة القانون والدولة. وهو القادر على صياغة وإعادة صياغة الحياة الاجتماعية، وهو القادر على استحداث وصيانة أنظمة الدولة على مبادئ الحرية والمساواة الطبيعية.
والعقل هو القادر عن التعبير عن الإرادة الحرة، وليس الإرادة المكبلة بالخوف والرشا. وهو القادر على خلق دولة عقلانية، وليست فوضوية، دولة خاضعة للعلم ومبادئ الحرية والمساواة. حيث ان الدولة العقلانية فقط هي القادرة على صيانة حقوق الأفراد. وبالتالي فتلك الدولة وحدها القادرة على إشراك الأفراد في صناعة القرار السياسي، حتى يتمكنوا من الذود عن حقوقهم الطبيعية.
ولب الهدف فيما ذكره الكاتب في مؤلفه هو أن الدولة العقلانية هي القادرة على صياغة وإعادة صياغة «مبدأ الديمقراطية» ليكون سلاحاً في وجه الاستبداد السياسي، وفي وجه الفساد البيروقراطي بأشكاله كافة. والدولة العقلانية هي القادرة على خلق مجتمع يؤمن بالتعايش بين الحياة المدنية الطبيعية والسلطة السياسية. الدولة العقلانية هي القادرة على تطوير الإرادات السياسية - باتجاهاتها كافة - وتمكينها من الخضوع الإرادي لسلطة القانون.
الدولة العقلانية هي القادرة على وضع حد لمحاولات الاستلاب الديني، والاستلاب المذهبي، وما أعظمه من استلاب، والاستلاب السياسي. ويؤكد الكاتب أن انتصار العقل سيكون في نهاية المطاف أمراً لا مفر منه، وانه كلما كانت مناهج الحكم أكثر التزاما بقواعد العقل كانت الحريات أعظم.
فلا حرية من دون دولة عقلانية، ولا مساواة من دون دولة عقلانية، ولا حياة طبيعية من دون دولة عقلانية.
إذاً العقل ثم العقل ثم العقل وهذا ما سينتج التعقل ثم التعقل في معالجة كل ما تمر به الدولة من ظروف وأحداث، تبعاً لتحكيم العقل في إدارة هذه الدولة العصرية وليس الكيان البهيمي الذي لا يعرف علفه من خروجه!
فإذا اهتدينا لإجابة السؤالين اللذين وردا في عنوان الكتاب «كيف نرى العقل؟ أين نرى العقل؟» عندها سنكون حقاً قد بدأنا بتطبيق خريطة الطريق بشكل صحيح ولسوف نصل لجميع الحلول قبل أن تفك رموز خريطة الطريق للقضية الفلسطينية.
وزبدة المقال هو قول الرسول الأعظم عليه وآله أفضل الصلاة والسلام: «دين المرء عقله، ومن لا عقل له... لا دين له»
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3419 - الإثنين 16 يناير 2012م الموافق 22 صفر 1433هـ
من لا عقل له
المشكله يادكتور من ليس لديه عقل او لا يستفيد ويفيد من عقله ان يعبد ويقدس في الدنيا من ليس له عقل الا التفكير بان الشخص المعبود هو الاصلح لقيادة الامور
• بهلول •
أهمه ما يبون خريطة طريق ، يبون خربطة طريق.
كلام سليم ولكن هناك من لا يبحث عن العقل بل يبحث عن:
البعض يبحث عن المصالح الخاصة والبعض يبحث عن الفتن الطائفية ونقول ان من في البحرين كل يغني على ليلاه وليس له هم سواها.
لا تغليب للعقل منذ أن بدأت الاحتجاجات التي كان يمكن الوصول الى حلول وسط دون سفك دماء ولكن
العقول تركت بعيدا عن متناول الازمة وبرزت قوة العضلات
والسلاح والقهر والغلبة وهذه لن توصل الى بر الامان.
العقل هو ما جعل الانسان يسود العالم ويصل الى هذا المستوى من التطور وليست قوة السلاح
قوة السلاح تابعة للفكر وأثر من آثاره
نحن في حاجة الى العقل الفعال الأنساني الأيجابي
هناك
About 1,440,000 results (0.22) seconds
ردا عن سؤال
ماذا قال العرب الأوائل في العقل
واعتقد أن البحرين
في حاجة الى العقل الفعال وإشاعة العدل والمساواة والكرامة الإنسانية
ولكن مع الأسف الشديد إن الشائع الآن هو نقصان العقل وانتشار عقلية المصالح الآنية الأنانية الجشعة القريبة جدا من الحيوانية المتوحشة الى درجة القتل وطبعا كلها صالخة للعقل الفعال
شكرا استأذنا على تذكيرنا بالعقل فقد غيب عن سماء وبحر وشجر وتراب البحرين عقود طويلة وقد حان الوقت للمساهمة لوضع الأمور في نصابها الفعال
يهدينا الله
فإذا اهتدينا لإجابة السؤالين اللذين وردا في عنوان الكتاب «كيف نرى العقل؟ أين نرى العقل؟» عندها سنقول بان الصبح بانية واية
إن شاء الله يبان ويظهر عليه الأمان