كنت حينها حديث عهد بمملكة البحرين، مازلت في طور الاكتشاف، حين سمعت من محبي الثقافة والبحوث عن ندوة فكرية أو محاضرة بمركز الشيخ إبراهيم بالمحرق، كنت حينها لا أعرف كيف أصل إلى المحرق! لكني وصلت وترجّلت حتى وطئت قدماي ذلك المركز الثقافي التراثي الفني وكان المركز حديث عهد، مولود لم يُتمَّ سنته الثالثة، حيث افتتح رسميا في 12 يناير/ كانون الثاني 2002 كان مشهداً فريداً ما رأيته: محاضر مفكّر من مصر ذائع الصيت وحضور مكثف من كل الجاليات العربية فضلاً عن أهل البلد من المثقفين والسياسيين، شدني المكان بجلال سلطانه الضارب في التاريخ واستبد بي الحوار أتلقّف أطرافه من تدخلات الحاضرين حتى انتشيت، وبقيت وفيّاً مواظباً على حضور معظم برامج المركز حتى الاحتفال بعيد ميلاده العاشر منذ أيام قليلة لأشهد خلال هذه السنوات أنشطة نوعية اختلفت في شكلها ومحتواها لتتفاعل معها كل النخب المثقفة.
ولنعد إلى التاريخ قليلاً، فلقد تم بناء هذا المركز في الموقع الأصلي للمجلس الأول للشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة مع محاولة إبقاء الطراز المعماري المميز لمدينة المحرق.
وما المركز بنشاطه اليوم إلا سليل نشاط الشيخ إبراهيم الأدبي فلقد كان - رحمه الله - شخصية أدبية متمكنة من اللغة العربية ذا ثقافة عالية له اهتمامات خاصة بالأدب والتاريخ وعلى اتصال دائم بالجديد في هذه المجالات.
وكانت المعرفة والسبل إليها ملازمة للشيخ إبراهيم وثابتة في كل مراسلاته مع العواصم الثقافية والمؤسسات الأدبية التي كان يراسلها من أجل الحصول على الإصدارات الثقافية والأدبية، منها والتي كانت مكتبته الخاصة تحتوي على الكثير منها. هذا النشاط الأدبي ترجم إلى واقع ملموس في مجلس الشيخ الذي كان ملتقى للثقافة والمثقفين وملاذاً للأدب والأدباء وبداية للتعليم الأهلي في مملكة البحرين. وقد كان لهذا المجلس زوار متميزون وأدباء جاءوا من سورية ولبنان والشمال الإفريقي وأثْرَوْا رواد المجلس بأفكارهم.
أما اليوم وبرئاسة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة لمجلس أمناء المركز فضلاً عن كونها المسئولة الأولى عن الثقافة في مملكة البحرين؛ فقد حافظ هذا المجلس الأدبي قديماً، المركز الثقافي حديثاً، على وهجه باستقباله ضيوف من القامة نفسها والخامة التي كان الشيخ إبراهيم ينير بها مجلسه على عهده.
ويعتبر هذا المركز اليوم بعد أعمال الترميم والصيانة والإضافة، والذي يتزامن مع مرور عشرة أعوام على إنشائه مع اختيار المنامة عاصمة للثقافة العربية للعام 2012 مركزاً ثقافيّاً حضاريّاً يقصده الدارسون والباحثون عن العلم والثقافة والمعرفة والتاريخ ما جعله مؤسسة ثقافية رائدة في مملكة البحرين حيث استقبل ما يناهز 335 متحدثاً في مجالات شتى كالسياسة والتاريخ والفن والشعر ضمن برنامج محاضرات أسبوعية فضلاً عن المسامرات الفنية والندوات الشعرية.
وما استقبال عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في قصر الصافرية منذ أيام قليلة وزيرة الثقافة رئيسة مجلس أمناء مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إلا تأكيد ومساندة للدور المهم الذي يقوم به المركز في إثراء الحركة الثقافية والأدبية في البحرين وإجراء البحوث المتعلقة بالثقافة وتاريخ البحرين وإحياء التراث والمحافظة على الهوية الوطنية.
وما تفضّل قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة أيضاً برعاية الاحتفال المقام بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشاء المركز إلا شهادة أخرى على دور المرأة المثقفة وقدرتها على تقديم الإضافة النوعية إلى الثقافة في مملكة البحرين... ذلك هو شأن الشيخة مي بنت محمد آل خليفة التي كانت ولا تزال - على حدّ وصف أحد الضيوف الحاضرين للحفل الفني الذي أقيم مساء الخميس 12 يناير 2012 بالمركز- تقود ثورة ثقافية في بلادها جلبت للمملكة الاحترام والتقدير من رموز الثقافة والفكر والإبداع في شتى أصقاع العالم بما أوتيت هذه المثقفة من انفتاح على الآخر مهما اختلفت معه ذلك أن ما يقع اختياره من برامج ثقافية وفكرية لهذا المركز إنما يرقى بالذوق العام ويعزز المعرفة وينمي الحراك الثقافي في المجتمع البحريني بالإضافة إلى دوره في المحافظة على التراث المحلي الأصيل وتبادل الخبرات مع الثقافات الأخرى.
إن مثل هذا المركز يُعَدُّ لبنة عليه تتأسس أمجاد الأمم الثقافية والفكرية ولا شك أن من يؤسس بنيانه على أسس قوية لا يضمن البقاء والاستمرار فحسب؛ وإنما سيجني الثمار، وما المشاريع الثقافية الموازية لنشاط المركز إلا دليل على ذلك؛ فعلى سبيل الذكر لا الحصر مشروع الإصدار الأول ما هو إلا إحدى ثمرات هذا البنيان الثقافي حيث يشجع المركز الباحثين والشعراء الشبان على إطلاق إصدارهم الأول لتجاوز عقبات البداية التي تعترض كل مبدع. وغير ذلك كثير ، ونحن على يقين بأن سنة 2012 ستكون حبلى بالمفاجآت الثقافية في إطار الاحتفال بالمنامة عاصمة للثقافة العربية
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3419 - الإثنين 16 يناير 2012م الموافق 22 صفر 1433هـ
يستحق المركز
شكرا على التفاتتك لهذا المركز
ونرجو له المساهمة في البحرين عاصمة للثقافة العربية
مساهمة كبيرة
نجاح في الماضي ونجاح في الحاضر
لمركز بنشاطه اليوم إلا سليل نشاط الشيخ إبراهيم الأدبي فلقد كان - رحمه الله - شخصية أدبية متمكنة من اللغة العربية ذا ثقافة عالية له اهتمامات خاصة بالأدب والتاريخ وعلى اتصال دائم بالجديد في هذه المجالات.
ثورة ثقافية
أشهد على ذلك كزائر للبحرين حيث يستضيف هذا المركز أسماء متونعة تمثل اتجاهات فكرية عديدة
فعلا هو كذلك
حضرت العديد من المحاضرات والنقاشات الممتعة في هذا المركزاً : ناجح ثقافيّاً حضاريّاً يقصده الدارسون والباحثون عن العلم والثقافة والمعرفة والتاريخ ما جعله مؤسسة ثقافية رائدة في مملكة البحرين حيث استقبل ما يناهز 335 متحدثاً في مجالات شتى كالسياسة والتاريخ والفن والشعر ضمن برنامج محاضرات أسبوعية فضلاً عن المسامرات الفنية والندوات الشعرية.
نرجو أن يتواصل
شكرا للمقال وشكرا أكبر للشيخة مي على جهودها