يظن البعض أنهم وصلوا لدرجة احتواء علوم الأولين والآخرين، وأن بإمكانهم التنظير للناس في حياتهم، وأنهم منزّهون للدرجة التي لا يمكن للخطأ أن يغلف أفعالهم. سبب مصائبنا العربية أننا أمةٌ لا تقبل الاعتراف بخطأ، ولا الاعتذار عن خطأ، ولا ترتضي التراجع عن خطأ.
فالأطباء بشر، يخطئون وقد يتجاهلون قسم المهنة وربما شرفها وقد تتملكهم الأهواء والمطامع الشخصية، وربما استغلوا حدثاً للتخلص من زملائهم، وربما رفض بعضهم معالجة المصابين أو تشفَّى بهم لاختلاف الفكر والمذهب. هذه الفئة من الأطباء بحاجة لإعادة قراءة أعمالها وتقييمها فهم ليسوا ملائكة كما يبدو.
والمعلم ليس رسولاً، فقد أثبت بعض المعلمين أنهم لا يحملون أي هدف يرتقي بالبشرية، ولا يملكون شيئاً من أخلاقٍ أو بقايا ضمير، وأنهم في وقتٍ ما سخّروا أنفسهم كلياً للشكاوى الكيدية ضد زملائهم. نسوا أخلاقيات المهنة، وأسس الخلق الذي يجهدون في إكسابه لطلابهم، ناسين أو متناسين أن فاقد الشيء لا يعطيه. هؤلاء لم يكونوا يوماً رسلاً ولا كادوا، فقد أثبتت الأيام أنهم لا يحملون أي رسالة تعليمية أو أخلاقية ينقلونها لطلابهم.
والعسكري ليس كائناً خارقاً، ينفذ الأوامر، ويحمي الوطن، يتخلص من الأشرار، ويبعد الأخطار، هو أيضاً بشر، لديه مشاعر ومخاوف، وتنتابه نزعات البشرية بخيرها وشرها، بكمالها ونقصها، وقد يتجاوز فعله حدود الأوامر، وقد يرتكب جرائم وتجاوزات، وقد يعرّض حياة الآخرين للموت والرعب، وربما رفض تنفيذ الأوامر، لأسباب شخصية أو إنسانية، هو أيضاً بشر، لا يجب عقابه لإنسانيته، أو تزكيته واليقين ببراءته إن خرج عن إطار الإنسان.
والإعلامي ليس دائماً صوتاً محايداً، يصبح أحياناً صوتاً لأفكاره لا أكثر، لمخاوفه ومصالحه، لاصطفافاته الفكرية والمذهبية، وربما أخطأ في نقل الحدث، وقد يكون ساهم في تأجيج الوضع، ويحدث أحياناً أن يكون سبباً في فتنة، لأنه لم يدرك حين تمادى في غيه وضلاله أنه يضل معه شعباً بأكمله، وجمهوراً كان ينظر إلى رسالته على أنها عين الحقيقة.
والقاضي ليس ميزاناً للحق دائماً، هو أيضاً ليس إلا بشراً، يخطئ ويصيب، تتملكه الرحمة حيناً، والقسوة أحياناً أخرى، وقد تضله أيادي جانبية تسوقه نحو أحكامٍ مضللة، ربما ظلم أحداً دون تأنٍ، وربما لم يراعِ فردية الحالات، ويحدث أيضاً أن تتملكه الأهواء الشخصية، وقد يسعى يوماً للانتقام، فهو بشرٌ يخطئ، وخير الخطائين التوابون.
ورجل الدين ليس ممثل الله في الأرض، لا يزكيه إلا عمله، وليس معصوماً عن الأخطاء، هو بشرٌ، يجتهد فيصيب أو يخطئ، وعليه وزر عمله، وإليه حسنات أفعاله، لا يملك الحلول الشافية لكل شيء، ولا يعبّر قطعاً عن روح الاسلام إذا ما اختار أن يلبس ثوب الله فيوزع صكوك الشرف والغفران على القوم أو يحرم آخرين ويدعو عليهم بالويل والثبور لاختلافهم الديني أو المذهبي. الله لا يحرم عباده الحياة لمخالفتهم إياه، ولا يدعو المؤمنين من عباده لدهسهم وهرسهم إن اختاروا طريقاً لا يؤدي بهم إليه.
خلاصة القول لسنا ملائكة، كلنا لنا تاريخنا الحافل بالأخطاء والزلات، العظيمة منها والضئيلة. أخطاء قد تؤذينا وحدنا، وأخرى قد تسبب كارثة للجميع، ولا ضير في الاعتراف والتراجع، في لحظةٍ ما. علينا جميعاً أن نتوقف، وأن نعيد قراءة أفعالنا، ما حدث وما كان يمكن ألا يحدث لولا تدخلنا. أن نعتذر لأنفسنا لأننا خسرناها في لحظة طيش إنساني، ظننا أننا الأقوى، وأننا الأعظم، وأن أمور الحياة كلها استقرت لنا، وعليه عثنا في الأرض فساداً. علينا أن نعيد قراءة كل ذلك وأن نصحّح مسارنا، بالتراجع عما يمكن التراجع عنه، وبإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الوطن الذي أفسدناه حين ظننا أننا الأعلم والأفضل. أفسدنا هذا الوطن حين أفسدنا قلوب الناس بدغدغتها بالدين الذي قيل يوماً أنه أفيون الشعوب وما كذبوا، حين زينا القتل والتدمير والحرق والسجن والتجويع باسم الله والدين، وسمحنا لأنفسنا بتقسيم أبناء الوطن الواحد إلى شرفاء وخونة، وطعنا في أعراض الناس، واستحللنا متاعهم وأملاكهم وأعراضهم وقطعنا أرزاقهم. لم نفعل ذلك جميعاً لكن بعضنا فعل، وكنا كلنا نراقب وندفع ثمن أخطاء آخرين، وسنستمر في دفعها ما لم نوقف هذا الضجر الديني والإعلامي والمهني الذي يسوق نفسه على أنه منزَّلٌ من عند الله
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3414 - الأربعاء 11 يناير 2012م الموافق 17 صفر 1433هـ
في كل دول الربيع العربي التي شهدت أحداثاً دامية، لم يحدث أن حُوكم كوادرها الطبية بسبب معالجة الجرحى،
في كل دول الربيع العربي التي شهدت أحداثاً دامية، لم يحدث أن حُوكم كوادرها الطبية بسبب معالجة الجرحى،
Sanity at last
This is the first sane article I read at this paper since February 2011, none of us is immune from making mistakes we are all human and we should pay for our mistake and learn from them there is no shame in that it is actually very brave
الأطباء ظلموا ظلما فظيعا وليس لهم في الغنم تيس
بصراحة انا كنت متواجد يوم الفاجعة وقد رأيت الارباك الشديد لدى جميع الكادر الطبي لهول ما حصل والذي لم يكن يتوقع حصوله في البحرين ولكنهم بذلوا قصارى جهدهم لانقاد الجرحى وبصراحة إنني من خلال تواجدي هناك رأيت جهدا جبارا من الاطباء رغم ان الحدث كان يربك من لا يرتبك لذلك من المفروض ان يقدم الشكر والعرفان لما قام به هؤلاء الاطباء وليس ان يحاكموا وسنرى يوم القيامة يوم تظهر الحقائق كم لهؤلاء الاطباء من فضل وكرامة على الله بما قدموا
إننا نبخس الناس أشياءهم ولكن عند الله لا يضيع عمل عامل
ياشمس المنامه
يبنيتى هذا عندما تتكلمين زلات او اخطاء تحدث بعض الاحيان بدون قصد ولذلك بعض الاحيان عندما تصدمين قط او كلب بلخطاء في الشارع ربما لا تنامين لليالي وعذاب الضمير يكون في ذروته ليش مارحت طريق ثاني ليش ما خففت اشلون ما شفته من هلقبيل واما ان انكل واعذب واشوه وربما اقتل اشخاص هم ارفع منى في اكثر من موقع لالغائهم او للاستحوذ على وظائفهم ومراكزهم بغير حق فهذه جريمه مع سبق الاصرار وكل قوانين الجرم والجنح تضاعف عقاب من يقوم بجريمه مع سبق الاصرار والترصد نعم يجب ان نكون ملائكه في علاقتنا مع الاخر ين يبنتي