في غضون أيام معدودات، وجَّه الرئيس الأميركي باراك أوباما العديد من الاتهامات، لا بل العديد من رسائل التهديد، للصين، مكرِّساً بذلك آراء محللين وخبراء اقتصاديين عالميين بأنه يسعى إلى حل المشكلات الاقتصادية الكبرى التي تنوء تحتها الولايات المتحدة على حساب التنين الصيني.
في المرة الأولى دعا أوباما الصين، «إلى إدراك أنها أصبحت الآن اقتصاداً ناضجاً، وأن تبدأ في التصرُّف على نحو يتسم بمسئولية أكبر في ما يتعلق بقضايا العملة والتجارة التي تلحق الضرر بالشركات الأميركية».
أضاف أوباما قائلاً في ختام اجتماع قمَّة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (آبيك) في هونولولو «على الصين أن تفهم أن دورها أصبح مختلفاً الآن عمَّا كان عليه الحال قبل 20 أو 30 عاماً عندما كان خرقها لبعض القواعد لا يمثل أهمية حقيقية ولم يكن له تأثير كبير».
ومضى للقول إن «الولايات المتحدة ترحِّب بالصعود السلمي للصين، ولكن كثيراً ما تتهم بكين بالتلاعب بالنظام لمصلحتها. سنستمر حازمين في موقفنا بأن تعمل الصين بالقواعد نفسها مثل الجميع».
إذا أمعنا النظر في تصريحات أوباما هذه، سنجد أنها تنطوي على اتهامات عديدة، تماماً كما تنطوي على تحذيرات وتهديدات عدَّة.
فهو عندما يطالبها بالتصرف بمسئولية، يكون قد اتهمها ضمناً بعدم التصرف بمسئولية. وعندما يقول إن عليها أن تفهم دورها، فهذا أيضاً يشكل اتهاماً ضمنياً بأن بكين لا تفهم دورها.
وأوباما عندما يقول إننا نرحِّب بالصعود السلمي للصين، فكأن لسان حاله يقول إن أميركا ضد الصعود غير السلمي لها.
وعندما يقول إن سلوك الصين خلال الـ 20 أو الـ 30 عاماً الماضية و»خروقاتها» لم يكن لها تأثير كبير فإن هذا يعني أنه لن يسمح لها من الآن وصاعداً بأية «خروقات».
أما عندما يدعو الصين إلى العمل وفق القواعد، فإنه يتهمها بالعمل بشكل مناقض لـ «القواعد». وطبعاً القواعد هنا هي أميركية صرفة، تضعها أميركا وتعدِّلها وتلغيها في أي وقت تشاء.
أنيس ديوب
«أريبيان بزنس
العدد 3411 - الأحد 08 يناير 2012م الموافق 14 صفر 1433هـ