العدد 3410 - السبت 07 يناير 2012م الموافق 13 صفر 1433هـ

دمشق تشيع ضحايا الاعتداء الانتحاري عشية التقرير الاول لبعثة المراقبين العرب

شيعت السلطات السورية في موكب رسمي وشعبي كبير في دمشق السبت جثامين الضحايا ال26 الذين سقطوا الجمعة في تفجير انتحاري استهدف حي الميدان بوسط العاصمة، في حين توجهت الانظار الى القاهرة حيث يقدم الاحد المراقبون العرب تقريرا عن مهمتهم المثيرة للجدل في سوريا.

في الاثناء استمر مسسلسل العنف الدموي وحصد السبت 21 قتيلا على الاقل بينهم 17 سقطوا بنيران قوات الامن والاربعة الباقون بانفجار قذيفة استهدفت مسيرة موالية للنظام، بحسب ما افاد ناشطون. من جهة اخرى، قتل 11 جنديا على الاقل من الجيش السوري الاحد في اشتباكات عنيفة مع منشقين في محافظة درعا، مهد الحركة الاحتجاجية في سوريا، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال المرصد الذي مقره في لندن لفرانس برس "دارت اشتباكات عنيفة قبل قليل بين الجيش النظامي السوري ومجموعات منشقة في بلدة بصر الحرير في محافظة درعا (جنوب) قتل خلالها ما لا يقل عن 11 عنصرا من الجيش النظامي وجرح اكثر من 20 اخرين". ولفت المصدر نفسه الى "انشقاق تسعة جنود".

وقالت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) "شيعت من جامع الحسن في موكب شعبي ورسمي مهيب جثامين الشهداء إلى مثاويهم الأخيرة". واضافت انه "بعد أداء الصلاة على جثامينهم الطاهرة جرت للشهداء مراسم تشييع رسمية حيث حملت جثامينهم الطاهرة ملفوفة بعلم الوطن وسط هتافات المواطنين (...) التي عبرت عن استنكارها للأعمال الإرهابية الإجرامية التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة".

وكانت السلطات اتهمت "ارهابيين" بالوقوف وراء الانفجار الذي قالت ان انتحاريا نفذه واسفر عن 26 قتيلا و63 جريحا في حي الميدان الشعبي في وسط العاصمة، في حين اتهم معارضون نظام الرئيس بشار الاسد بتدبيره. ونقل التلفزيون الرسمي مراسم التشييع مباشرة على الهواء. وأم الصلاة مفتي دمشق بشير عيد بحضور جمع من رجال الدين والوزراء والمسؤولين، في حين احتشد الالاف خارج المسجد رافعين الاعلام السورية وصور الرئيس بشار الاسد وهتفوا "بالروح بالدم نفديك يا بشار".
ونشرت صحيفة البعث الناطقة بلسان الحزب الحاكم السبت صورا لضحايا التفجير ولاشلاء بشرية متناثرة على الارض، مؤكدة ان الهدف مما حصل هو "ترويع المواطنين واستنزاف سوريا وتدويل الأزمة".

واضافت الصحيفة ان الاعتداء هدفه "إرباك الدولة والمجتمع، وتحويل سوريا الى حمل وديع في صراعات ومعادلات طالما كانت فيها الرقم الصعب، وهو ما يتجاوز بالتأكيد كل ما قيل ويقال عن شعارات ومطالب محقة ومشروعة". بدورها قالت صحيفة الثورة الحكومية ان "اليوم يختلف عن الامس.. فما كان يسكت عنه لم يعد مقبولا به.. وما كان يتم تجاهله لم يعد متاحا ولا ممكنا.. هي المواجهة مع الارهاب بأدواته.. ومظاهره.. وهي المواجهة مع داعميه ومدبريه ومخططيه".

واضافت ان "الارهاب لا يعالج.. وإنما يستأصل، واستئصاله لم يعد هناك مفر منه، لأنه يستفحل كل يوم تحت نفخ الأصوات المشبوهة والتحريض المقيت للغرائز والدم... واجهناه في الماضي.. بوعينا ووحدتنا واليوم مدعوون جميعا لمواجهته.. لاستئصاله أينما وجد.. وكيفما وجد"، موجهة اصابع الاتهام الى الاخوان المسلمين. والسبت دانت ايران، اكبر حليفة لسوريا في المنطقة، "بقوة" الاعتداء الانتحاري، مؤكدة على لسان المتحدث باسم خارجيتها رامين مهمنبراست ان "وحدة وتيقظ الحكومة والشعب السوريين يخيبان امال اعداء سوريا الذين لا يفكرون الا بالحرب الاهلية وتفتيت البلد واخضاعه لمطالب المحور الاميركي الصهيوني".

وكان الامين العام للامم المتحدة اعرب الجمعة عن "قلقه العميق" اثر اعتداء دمشق، مشددا على ضرورة ان "يتوقف العنف بكل اشكاله فورا". وقال بان "انا ما زلت شديد القلق ازاء الوضع المتدهور في سوريا حيث قتل الالاف منذ اذار/مارس الماضي وحيث يقتل المزيد في كل يوم"، مضيفا "اكرر القول بان كل اشكال العنف مرفوضة ويجب ان تتوقف في الحال". وهو ثاني اعتداء من نوعه يضرب دمشق منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس بشار الاسد منتصف آذار/مارس.

ففي 23 كانون الاول/ديسمبر، اوقع اعتداء مزدوج بسيارة مفخخة استهدف مباني تابعة لاجهزة امنية 44 قتيلا و150 جريحا. واتهمت السلطات انذاك تنظيم القاعدة بينما اتهمت المعارضة النظام بتدبيره. وكانت الخارجية الاميركية اعلنت ان الولايات المتحدة تدين "بحزم" اعتداء دمشق، في حين اتهم حزب الله اللبناني الولايات المتحدة بالوقوف وراء "الجريمة الارهابية".
ميدانيا، اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ان 21 مدنيا قتلوا السبت في اعمال عنف شهدتها محافظتا حمص وادلب، بينهم 17 سقطوا برصاص قوات الامن والاربعة الباقون بانفجار قذيفة صاروخية استهدفت مسيرة موالية لنظام الرئيس بشار الاسد.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس في نيقوسيا "ارتفعت حصيلة القتلى المدنيين في سوريا اليوم (السبت) الى 21 قتيلا، هم 11 في حمص (وسط) و10 في بلدة معرة دبسة في محافظة ادلب (شمال غرب)".
واوضح انه في حمص "اطلقت قوات الامن النار على محتجين ما اسفر عن مقتل سبعة منهم"، في حين "اطلق مجهولون مساء السبت قذيفة ار بي جي على حي الزهراء الموالي للنظام بينما كان سكان الحي يشاركون في مسيرة شموع عن ارواح الضحايا الذين سقطوا في تفجير دمشق الجمعة، ما اسفر عن سقوط اربعة قتلى والعديد من الجرحى".

وتابع مدير المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له انه "في بلدة معرة دبسة في محافظة ادلب قتل 10 مدنيين في اطلاق نار عشوائي من قبل القوات السورية". ويضاف الى هؤلاء القتلى ال21 اربعة اشخاص توفوا السبت متأثرين بجروح اصيبوا بها اثر اطلاق قوات الامن الرصاص عليهم في حرستا بريف دمشق الجمعة. وتأتي هذه التطورات عشية الاجتماع الذي تعقده في القاهرة اللجنة الوزارية العربية للاطلاع على التقرير الاول لبعثة المراقبين التي اوفدتها الجامعة الى سوريا منذ السادس والعشرين من كانون الاول/ديسمبر للتحقق ميدانيا من مدى تطبيق دمشق المبادرة العربية لانهاء الازمة في سوريا.

وقد واجهت مهمة المراقبين الذين لم يكتمل عددهم بعد انتقادات شديدة خلال الاسبوع الجاري. واملت منظمة العفو الدولية ان يكون هذا التقرير فرصة لاظهار "الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان" التي تتواصل في سوريا. وكان قائد "الجيش السوري الحر" العقيد رياض الاسعد طالب الخميس الجامعة العربية باعلان فشلها في سوريا، مشددا على ضرورة احالة الملف السوري الى الامم المتحدة.

بدوره صرح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الجمعة ان بعثة مراقبي الجامعة العربية المكلفين الاطلاع على الوضع في سوريا "ليست قادرة على اداء عملها بشكل صحيح". وفي نيويورك، اعلن متحدث باسم الامم المتحدة ان خبراء في حقوق الانسان قد يدربون مراقبين من الجامعة العربية بهدف مساعدتهم على دراسة ظروف القمع الدامي في سوريا. وجاء هذا الاعلان بعدما قال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني الذي يرئس اللجنة الوزارية العربية حول سوريا، انه يسعى للحصول على مساعدة الامم المتحدة.

والسبت اكد رئيس غرفة عمليات الجامعة العربية المعنية بمتابعة بعثة المراقبين في سوريا، الامين العام المساعد للجامعة عدنان عيسى ان سحب المراقبين غير مطروح على اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بالازمة السورية. وقال عيسى لفرانس برس ان "احدا في الدول العربية لا يتحدث عن سحب المراقبين ولكن حديث الدول العربية وطلباتها للامانة العامة هو دعم بعثة المراقبين بمزيد منهم اذ طلبت فلسطين وموريتانيا والصومال ارسال مراقبين جدد سيصلون هذا الأسبوع الى دمشق للانضمام الى الفرق الموجودة".

واضاف ان "عشرة من المراقبين من المملكة الأردنية سيصلون السبت الى دمشق للانضمام الى فرق المراقبين"، موضحا ان" 43 مراقبا وصلوا الجمعة الى العاصمة السورية وهم من الكويت، والبحرين، والسعودية، والعراق، ومصر". واكد ان "عدد المراقبين الموجودين على الأراضي السورية الان يبلغ 153 مراقبا وسيصبحون 163 بعد وصول المراقبين الاردنيين العشرة".
وقال ان الدول العربية تؤكد ضرورة استكمال المهمة ودعم فرق المراقبين بوسائل النقل والتجهيزات والمعدات التي تسهل عملهم".

واوضح ان رئيس بعثة المراقبين الفريق اول محمد احمد الدابي سيصل الى القاهرة مساء السبت من دمشق "حاملا تقريره التمهيدي الأولي لعرضه على اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية التي ستقوم على ضوء هذا التقرير باجراء تقويم كامل للاوضاع في سوريا". وتترأس قطر اللجنة الوزارية العربية المعنية في الازمة السورية التي تضم كذلك مصر وسلطنة عمان والسودان والجزائر والامين العام للجامعة العربية. وتعتبر المعارضة السورية ان مهمة المراقبين العرب "فشلت" وان "عدد القتلى" يتزايد منذ بدء مهمتهم في 26 كانون الاول/ديسمبر الماضي، وقد دعت الامم المتحدة الى التدخل.
وبحسب تقديرات الامم المتحدة، قتل اكثر من 5 الاف شخص من جراء قمع النظام السوري منذ بدء الانتفاضة ضده في منتصف اذار/مارس الماضي.


 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً