قال إمام وخطيب جامع عالي الكبير، الشيخ ناصر العصفور، إن «من يعتقد بأنه من الممكن اختزال أو اختصار الوطن في طائفة، فهو واهم، فبلدنا هذا الوطن الصغير لا يحتمل هذه المحن، وما تفرزه من تداعيات خطيرة تنعكس على أمنه واستقراره».
وأكد العصفور، في خطبته يوم أمس الجمعة (6 يناير/ كانون الثاني 2012)، أن «الحياة عمل ونشاط وبناء، والأوطان لا تبنى إلا بذلك، على أساس من المشاركة الفاعلة، فالبلدان بحاجة إلى كل السواعد والكفاءات بلا استثناء أو استبعاد لأحد أو طرف، على أساس من انتمائه».
وتحدث في خطبته عن «ثقافة الحياة والموت»، وقال إن: «الحياة نعمة من أعظم النعم الإلهية على الإنسان، وأنه لابد أن يدرك قيمة هذه النعمة ويعرف قدرها، وقد أشار القرآن في آيات عدة في مقام الاستدلال على الحياة الأخرى والنشأة الأخروية، ويذكر الإنسان بهذه النعمة».
وبيّن أنه «بناءً على ذلك، أثير سؤالاً يتلخص في أن الموت أمر عدمي، فكيف يكون مخلوقاً؟، وكيف يتعلق به الخلق والإيجاد؟، والجواب على ذلك أن معنى خلق الموت أن الله تعالى قدر الموت، أي أن المراد هو تقدير الموت والحياة، فإن من معاني الخلق هو التقدير، كما أننا إذا فهمنا حقيقة ومعنى الموت، وأنه مجرد انتقال من مرحلة إلى أخرى، ومن عالم إلى آخر، وليس هو فناء، فالروح لا تفنى، وعلى هذا يكون الموت من الأمور الوجودية، ولا مانع من وصفه بالخلق».
وأوضح العصفور: «إن الموت والانتقال هو سير في طريقة تكامل، الذي لا يتوقف، والإنسان يأتي إلى هذه الحياة بغير اختيار ولا إرادة منه، ويخرج منها بلا اختيار، لكن الإنسان يستطيع أن يصنع حياته، بما منحه الله من القدرة على الاختيار والحرية، فالإنسان هو الذي يختار مصيره ويرسم معالم حياته من السعادة أو الشقاء أو الصلاح والفساد».
ونوّه «من هذا المعنى المتقدم، يتضح أنه لا يمكن للإنسان أن ينهي حياته بقتل نفسه أو إزهاق روحه، كما أكد القرآن حرمة النفس البشرية وحرمة الدم، وقتل النفس البريئة من أعظم الكبائر، حيث عبر القرآن عن ذلك بأنه اعتداء على البشرية والوجود الإنساني ككل».
وتساءل إمام وخطيب جامع عالي الكبير، «هل يوجد تعبير أروع أو معنى أدق من تعبير القرآن في بيان قيمة الإنسان، وحرمة النفس البشرية وكرامتها، ونلاحظ الآن في عصرنا كيف هو استهتار الإنسان بالدم وحرمة النفس، بحيث أصبحت الأرواح رخيصة ولا قيمة لها في عالم اليوم، من القتل والإبادة وتفجير المفخخات والأحزمة الناسفة التي تستنزف الأبرياء، كما يحدث الآن في العراق من استهداف الآمنين ومجاميع الزائرين».
وأشار إلى أن «الروايات ركزت على جانب الاعتبار وتذكر الموت والآخرة، باعتبار أنه عامل يقظة وتنبيه وتزهيد في الحرام، وعدم الركوع إلى الشهوات»، مبيناً أنه «ليس أمراً سلبيّاً التذكير بالموت والآخرة، كما يتبادر إلى بعض الأذهان، حينما يعبرون عن أننا لسنا بحاجة إلى تذكر الموت، والقبر والنشور، وإنما نحتاج إلى ثقافة الحياة وليس لثقافة الموت، ونحتاج إلى الحث على العمل والإعمار والتنمية بدلاً من كل ذلك.
وأردف قائلاً: «هذا المعنى صحيح لو كان المراد من ذلك (تذكر الموت) الدعوة إلى الخمول والكسل، والانكفاء على الذات، أو الإحباط والتشاؤم، ولكن الواقع أن ذلك يمثل دعوة للحياة والعمل، والنشاط والجد بإخلاص، باعتبار أن الخطاب الديني متوازن في الطرح، بين متطلبات الحياة ودور الإنسان ومسئوليته في الحياة الدنيا، وعمله للآخرة، والمصير الذي ينتهي إليه».
ورأى العصفور أن «هذا التوازن ينعكس على حياة المسلم الفردية والاجتماعية والحياتية، ومسئولياته الدينية والأخروية، والتذكير بالآخرة لا يشكل عائقاً أمام انطلاقة الإنسان، في بناء حياته وإدارة شئونه وصنع مستقبله، بل على العكس من ذلك، هو دافع ومحرك للإنسان للعمل الجاد المخلص».
وقال: «كما إن الإنسان بحاجة إلى عامل الأمل الذي هو عنصر ضروري لاستمرار حركة الإنسان، وما جاء من تحذير في النصوص الدينية إنما هو تحذير من طول الأمل الذي يدفع بالإنسان إلى الاستغراق في الدنيا ونسيان الآخرة».
من جهته أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن الجميع ينشد الإصلاح ومحاربة الفساد، والمطالبة بالحقوق عن طريق القنوات الشرعية، داعياً أهل العلم والخطباء والمثقفين والكتاب إلى رفض الطائفية وتحريض الشباب على العنف.
وشدد القطان على ضرورة حقن الدماء، والمحافظة على الأرواح والممتلكات، مؤكداً على الوحدة الوطنية، والألفة والمحبة بين مختلف أبناء الشعب البحريني».
وحث القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة، «يا أهل العلم من العلماء والخطباء والأئمة والفقهاء والدعاة ويا دعاة الخير، اتقوا الله في وطنكم، وفي شباب وطنكم، وكونوا للصلاح وإصلاح ذات البين، واحذروا التحريض والتجييش للشباب على العنف والتخريب، وسد الطرقات وأذية العباد، وتخريب اقتصاد البلاد».
وتابع في حثه أهل العلم والعلماء والخطباء والأئمة «خذوا بالشارع المشتعل إلى التهدئة وضبط النفس والتسامح، لتحقنوا الدماء والأرواح وتحفظوا الأمن والأمان، فهذا دوركم وتلك مسئوليتكم التي تحملتموها يوم أن عزمتم على حمل راية العلم والدعوة إلى الله، وسيسألكم الله عنها حفظتم أم ضيعتم».
وشدد القطان «تصدوا لآفات التفرقة والشحناء والحقد والبغضاء والطائفية والفئوية من خلال دوركم الرئيسي في الوعظ والإرشاد والنصح في جميع المحافل العبادية والاجتماعية والتعليمية، والسعي لتجديد الخطاب الدعوي بما يتواكب مع احتياجات فئات المجتمع لاسيما الشباب منهم، وبما يسهم في التقريب والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، والمحافظة على الأصول والثوابت، ومعالجة التقوقع المذهبي والمرض الطائفي الذي بدأ ينتشر بين الناس صغارهم وكبارهم».
وأردف القطان في حثه «حققوا للأمة وحدتها بإخلاصكم لدينكم وأمتكم ووطنكم، كونوا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، دعاة مصلحين وعلماء ربانيين يقولون بالحق وبه يعدلون».
وزاد القطان «أيها العلماء والخطباء والدعاة والمثقفون والكتاب والمفكرون وأهل الرأي والعقلاء، اتقوا الله في وطنكم وفي مكتسبات وطنكم، وادعوا الناس ووجهوهم إلى حفظ الأمن والأمان والاستقرار والسلم الأهلي، وأطفئوا نار الفتنة، واسعوا إلى الإصلاح بالرفق والحكمة، وادعوا إلى حقن الدماء، واحموا الأنفس والأرواح والأموال والممتلكات والمقدرات، من كل ما يهدد أمنها وسلامتها».
وقال: «حققوا الوحدة والتلاحم فيما بينكم، وانبذوا الفرقة والخلاف، واقضوا على كل ما يكدر صفو الألفة والمحبة والأخوة، التي جمعت ومازالت تجمع بين أطياف المجتمع البحريني في نسيج أسرة واحدة، واعتبروا بما يدور حولكم في الدول المجاورة من فتن ومحن».
وقال القطان: «يا أبناء البحرين جميعاً يا أبناء الوطن الواحد من سنة وشيعة وغيرهم، يا شعباً لطالما عاش آمناً متراحماً متعاطفاً متكاتفاً، كل منا مسئول عما آلت إليه الأوضاع والأحوال في بلادنا الآمنة، كل منا مسئول عن كل قطرة دم سالت، عن كل طفل بكى فزعاً، عن كل أم تفطر قلبها، عن كل فتاة صرخت خائفة، كل منا مسئول عن قلوب مسها شيء من اللمم بعد أن امتلأت حباً للناس جميعاً».
وناشد القطان أبناء البحرين بالقول: «يا أبناء الجزيرة الصغيرة حجماً، الكبيرة وطناً وعمقاً، الآمنة بأمان الله، يا من شهد التاريخ بأخوتهم التي تجذرت وأثمرت وحدة في مشهد تعددي ما أروعه، يا من عاشوا معاً سنين طويلة أسرة واحدة يستظلون بسماء البحرين الصافية، ويتنسمون عبيرها فوق أرض المحبة والإخاء، لنقف جميعاً في وجه أمواج عاتية من الأخطار والتحديات».
وأضاف «يا من ساهم في بناء وطنه بفكره وعلمه بساعده وعرقه بلسانه وقلمه، قولوا جميعاً وبصوت واحد، لا للطائفية لا لفرقتنا لا للرجوع والتقهقر - نعم للأخوة والوحدة، نعم للمحبة والصفاء والتعايش، يا أهل البحرين الشرفاء الأوفياء، كلنا والله ينشد الإصلاح، ويحارب الفساد والمفسدين، فلنطالب جميعاً بكل ما نريد بلا إفراط أو تفريط، عن طريق القنوات المشروعة، ولتكن كلمتنا واحدة، لتجتمع القلوب ولا تتشتت الجهود، وتضيع المكتسبات والمنجزات التي تحققت في الأعوام الماضية»
العدد 3409 - الجمعة 06 يناير 2012م الموافق 12 صفر 1433هـ
ان الله يرى
قل خيرا او فصمت كلنا اباء هذا الوطن الغالي والذين يريدون التفرقة وزعزعة الامن هم ( المجهولون )
احبج يا البحرين
حقن الدماء يقع على عاتق من؟ حفظ الارواح و الممتلكات من المعتدين هو واجب من؟ هناك من يخل بواجبه للاسف فاصبح بدل ان يكون حافظ امن اصبح هو المعتدي ...