لم تكن الثورات العربية التي شهدها العام الماضي مجرد حالة من الإحساس بالظلم أو الاضطهاد أو الإساءة للكرام ولدت مع حرق التونسي محمد البوعزيزي نفسه بعد أن يأس من محاربة النظام التونسي لرزقه، بل جاء هذا الموقف ليفجر شيئا في قلوب وعقول شعوب الدول العربية التي شهدت الثورات، ولد قبل سنوات طويلة وتعاقبت عليه أجيال وأجيال، وكانت النتيجة سقوط بعض من الأنظمة وتراجع البعض الآخر في سياسات كانت تمارسها بحق شعوبها بغض النظر عما إذا كانت ردة الفعل هذه عن قناعة أو غير ذلك.
رفض الظلم ونشد الكرامة وعدم القبول باستخفاف الديكتاتوريات للشعوب جعل مفهوم الثورة وعدم السكوت عن الظلم نوعا من الثقافة، ومتأكدا جدا من أن هذه الثقافة أصبحت ثقافة عامة لدى الشعوب العربية ليس في مجال الوقوف في وجهة الأنظمة (النظام السياسي للبلد) بل على مستوى الأنظمة الأقل درجة التي يعيش في ظلها، كالمدير الذي يدير الإدارة التي يعمل فيها أو رئيس القسم الذي يرأس القسم الذي يعمل فيه أو الرئيس المباشر، وكرئيس النادي الذي يرأس ناديه، وإن ظن هؤلاء بأن نظرة الرعية لهم كما كان سابقا، فهم بلا أدنى شك واهمون.
لما يجد اللاعب نفسه داخل ناديه مهمشا ومطلوبا منه حضور التدريبات ولعب المباريات فقط ويعود للمنزل، دونما أن يعود عليه الوقت الذي يقضيه في النادي بالفائدة على المستوى المعنوي والمادي، لابد وأن تكون له ردة فعل، ولما يجد نفسه اسما ولاسمه صدى لدى المجتمع الرياضي الذي يعيشه ويجد آخرين أقل اسما منه في ناد آخر ينالون من الاحترام والتحفيز المادي لابد وأن تكون له وقفة، والأسوأ من ذلك لما يكون اللاعب على قناعة وعلم وثقة بأن النادي قادرا من الناحية المادية على دعمه ويرفض أن «يتبحبح».
أحد الأندية الوطنية دخل في أجواء «الربيع العربي» ودفع ثمن الثقافة الجديدة، بعيدا عن الدخول في التفاصيل ووضع تصنيفات للسبب الذي أدى لثورة اللاعبين، القصة باختصار أنهم طلبوا مكافأة شهرية تساوي أقل من 100 دولار، ورفضت الإدارة، وأمام تواصل الرفض أخذ اللاعبون قرارا بمقاطعة التدريبات والمباريات الرسمية، اعتقدت الإدارة أن القرار الذي اتخذه اللاعبون سيلغى بكلمة طيبة أو (...)، لم تقتنع الإدارة بإرادة اللاعبين وأنهم وصلوا لطريق اللاعودة إلا عندما امتنعوا عن أول مباراة رسمية، ولتلافي الحرج أمام الناس، قبلت شروطهم كاملة دون نقصان. السؤال هنا هل تحول النادي من دون موازنة إلى امتلاكه موازنةة تمويل طلبات اللاعبين بين ليلة وضحاها؟.
لو استشار محمد البوعزيزي أحدا في رغبته لإحراق نفسه لا أظن أن أحدا سيبارك قراره، ولو سأل اللاعبون العقلاء حولهم عن إضراب خوض المباريات الرسمية لما قبلوا (إن كانوا عقلاء فعلا) فلمثل هذا التوجه أبعاده التاريخية وغير ذلك، إنما العامل المشترك أن القرار في حالة مثل هذه يأتي كردة فعل عن إحساس بظلم، وفي الواقع بالإمكان تجاوزها بكل يسر وسهولة، ومن دون أن تصل الأمور لهذا المستوى، بعقلانية ومسئولية، هذه الحادثة أنقلها ليس من أجل الانتقاد فقط، بل هي رسالة وعبرة يجب أن تصل لمن يهمه الأمر.
الدعوة لإعادة كل المفصولين عن العمل على خلفية الأحداث السياسية وجدت صدى نسبيا لها في القطاع الحكومي والخاص، ولا أدري لم لا نسمع صدى لدى اتحاد اليد بشأن عيسى سويد ورضي حبيب؟ أتمنى أن يحدث ذلك قريبا سواء في مواقعهم الرسمية السابقة (إن رغبا) أو من خلال دورهما الهام والمشهود في كادر التحكيم
إقرأ أيضا لـ " محمد أمان"العدد 3408 - الخميس 05 يناير 2012م الموافق 11 صفر 1433هـ
من يقرأ
اكثر شرئح المجتمع لاتتابع كثير من القضايا الا مايهمها او مايدخل في نطاق مصالحها وبس