العدد 3408 - الخميس 05 يناير 2012م الموافق 11 صفر 1433هـ

ماذا قرأتَ عام 2011؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في بداية كلّ عام، تخصّص في مذكراتك صفحةً لجرد الكتب التي قرأتها لمعرفة حصيلتك السنوية... فماذا قرأتَ هذا العام؟

إذا كنت سجيناً استقرت بك النوى، يمكنك أن تقرأ خمسين كتاباً في العام، من مختلف الأحجام والأشكال والعناوين، غير مئات المجلات الثقافية والفكرية والصحية. أما إذا خرجت من السجن وشغلتك الحياة بمتطلباتها، فيمكنك أن تقرأ 12 كتاباً في أحسن الأحوال... بمعدل كتاب لكل شهر. فماذا كانت حصيلتك هذا العام؟

سيدهشك أن تعرف الإجابة: ثلاثة كتب فقط!

الأول «يوميات نائب في الأرياف» لتوفيق الحكيم قرأت نصفه في ديسمبر 2010 وأكملته مطلع يناير؛ «صوت من الخليج» لغازي القصيبي؛ و «الخروج من التابوت» لمصطفى محمود، وتنبهت توّاً أنها جميعاً كتبٌ لراحلين، رحمهم الله. ولم تضم الصفحة أيّ كتابٍ آخر حتى نهاية العام. لقد كانت سنة ثقافيةً كبيسةً عجفاء!

الكتاب الأخير أتممته الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر الجمعة (11/2/2011)، ولم يكن يخطر بالبال يومها، أن عاصفةً استوائية هوجاء ستعصف بالبلد بعد ثلاثة أيام، وتطيح بكل البرامج والمشاريع والكتب التي تنتظر دورها للقراءة.

مع نهاية العام، وتزامناً مع أجواء شهر محرم، اقتنيت كتابين شعريين، «الفائزيات» للشاعر بن فايز، و «ديوان الدمستاني»، وهما من كبار شعراء المنبر الحسيني، وشرعت في قراءة متقطعة لقصائدهما، وأخشى أن يمر العام دون إتمامهما. فرغم مرور أكثر من شهر إلا أن الأجواء لا تبدو مشجعة على القراءة، خصوصاً إذا كنت معتاداً على القراءة بعد الساعة العاشرة، حين تهدأ العيون ويحلّ السكون.

ففي أغلب الليالي، تبدأ في مثل هذه الأوقات تتسلّل أصوات متظاهرين غاضبين. أصواتٌ قادمةٌ من بعيدٍ لا تميّز فيها كلمات ولا شعارات. ولا تمضي أكثر من عشر دقائق، وأحياناً خمس دقائق فقط، حتى تبدأ أصوات طلقات متتابعة، بعضها تُحدِث فرقعةً عظيمةً فتعلم أنها قنابل صوتية؛ وبعضها صوتٌ يذكّرك بصوت الرصاص الذي تشاهده في أفلام الويسترن والكاوبوي. وهناك نوعٌ ثالثٌ تتعرّف عليه من خلال ما يصلك من روائح خانقة وغازات سامة، ويتسرّب سريعاً إلى غرف منزلك ويخنق أطفالك، فيستيقظون من نومهم وهم يكحون ويسعلون ويبكون.

هكذا كان الحال قبل شهر رمضان المبارك، وازداد سوءًا خلال الشهر الكريم، وخصوصاً خلال العشر الأواخر، في إمعان بتطبيق سياسة العقاب الجماعي. وكان يبدأ قذف الحي السكني أحياناً بالغازات الخانقة السامة من الحادية عشرة مساءً حتى وقت السحور. فهل يمكن أن تقرأ كتاباً في مثل هذه الأجواء المعطّرة بالسموم؟

القراءة تحتاج إلى جو هادئ، وأجمل أوقات القراءة في المساء... فكيف تجتمع القراءة مع أصوات المفرقعات والقنابل الصوتية وإمطار الحي بالغازات التي تخنقك وتجري دموعك وتسبب لك الاحتقان؟

في الصباح الباكر، يمكنك أن تشاهد آثار المعركة، فالعبوات المعدنية تملأ الشارع الرئيسي للمنطقة، بينما تتناثر قطع بلاستيكية وطلقات مطاطية في الأزقة الداخلية، بعضها سوداء مستطيلة أو مربعة، وبعضها دائرية كالكرات الحمراء. وفي الأسابيع الأخيرة تلاحظ بقعاً من المواد الكيماوية الصفراء على الأرض، يقال إنها منتجاتٌ كيماويةٌ من إنتاج برازيلي اعتبرها الأميركيون محرمةً دولياً.

ثلاثة كتبٍ فقط هي حصيلة عامٍ كامل... إنها حقاً سنةٌ كبيسةٌ عجفاء

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3408 - الخميس 05 يناير 2012م الموافق 11 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 9:31 ص

      اهنيك

      كيف تستطيع ان تقرأ في سنة ومخيلتك قد ملئت بصور الشهداء واليتامى والمفصولين والمعتقلين والجرحى والانتهاكات اليوميه والتكسير للمنازل والتهديدات في العمل والشارع اليس في الوطن المسلوب

    • زائر 13 | 5:29 ص

      |ابوحسين|

      كتب قرأتها في 2011:
      القبيلة والدولة في البحرين - اسحاق خوري
      الفكر الإسلامي نقد و اجتهاد - محمد اركون
      وعاظ السلاطين - علي الوردي
      عبقرية الإمام - العقاد
      الحب في زمن الكوليرا - غابرييل غارسيا
      طبائع الاستبداد - عبدالرحمن الكواكبي
      بالإضافة إلى كتاب (التقرير العلّة) لمؤلفه محمود شريف بسيوني (تحت الطبع/التنفيذ) !!

    • زائر 11 | 4:42 ص

      قراءات 2011 ... أماطت اللثام

      هدير الظلم والظلمات والتهديد والوعيد وغليان مراجل الحقد لا تُستر نبراته ولا تُطوى صفحاته ،تلك كانت القراءات و بعيون براقة السنا لطبائعنا النبيلة والتي لا تزال متغلغلة في فطرتنا نصبّها في القوالب التي ترضي رسالة الحق ، ولكي نخلق بها أجيالاً تحمل على أكتافها الحقيقة دون تهّرب أو إغماض باستخفاف واستهانة .وتحياتي لكم ... نهوض

    • زائر 10 | 4:40 ص

      me 2

      Me 2 I didn\'t read as usuall this year\' maybe 3 or 4 books only, I read 15 to 20 books a year, the reality and the tragedy here is greater than any book, being uptodate with what is happenning is more important, we will try this year inshalla

    • زائر 9 | 4:27 ص

      رواية الأم

      سيد، أنصحك بقراءة رواية الأم لمكسيم جوركي هذه الأيام



      بوعبداله - العكر

    • زائر 8 | 3:11 ص

      ....

      كلام في الصميم ..,,

      مقال رائع مصحوباً بالحسرة و الشجن الأليم..,,

      لما يحدث في القرى..,,


      يـــــالـــــلــــــــه
      يــــا مـــعـــــيــــن

    • زائر 7 | 3:00 ص

      هذا

      هذا ما كنت أفكر به هذا العام كانت قرائتي في أدنى مستوى لها لأننا تركنا الكتب واتجهنا للميادين التي يُصنع فيها التاريخ الذي سنكتبه ونقرأ عنه مستقبلاً

    • زائر 3 | 1:07 ص

      المذاكرة لامتحان

      استاذي انت تقرأ لمتعة القراءة والثقافة، فمابالك بالطلاب الذين يذاكرون للامتحانات في هذا الجو الخانق من السموم والغازات ، والاصوات التي لا تتوقف حتى بزوغ الفجر

    • زائر 2 | 12:31 ص

      سيدنا بل قرائت انفع الكتب لاصدق الكتاب على وجه البسيطه

      عندما تقراء روايه على وجه ثكلى وما اكثرهم في عندما تقراء اصدق الروايات على وجه يتيم تسللت مدامعه غفله لتسقي وجناته عندما تقراء الحيره والياس لرجل عاش عمره مستور والان يحرم هو وعائلته من رزق قسمه خالقهم لهم ونهبه الزمن لا لجرم اقترفته يده ولكن لانه امن بان الله خلقه حرا ولا يحق لاحد ان يسلب حريته ..........

    • زائر 1 | 11:56 م

      ثلاثة أحسن من لا شيئ

      متأكد أنك معذور في هذا الباب ولكن الكثير غير معذورين ابدا. أما موضوع القراءة في السجن فذاك ولى وراح. في سجون اليوم إذا حصلت على وجبتك غير منقوصة فأنت محظوظ وإذا حصلت على حمام لتستحم بماء بارد مرة في الأسبوع فأنت محظوظ. ......

اقرأ ايضاً