على رغم اعتقاد الكثيرين أن شعوب الخليج لم تناضل من أجل الاستقلال فإن ذلك غير صحيح. وقد ناضلت شعوب الخليج بمختلف الوسائل بما في ذلك الثورة المسلحة والانتفاضات والاحتجاجات من أجل قضيتين متلازمتين وهما الاستقلال عن بريطانيا وإلغاء المعاهدات القسرية، وإقامة أنظمة دستورية ديمقراطية، وقد نجح شعبا الكويت والبحرين في فرض دستور معقول حينها يقنن الحقوق والواجبات والسلطات. كما صدرت دساتير في كل من الإمارات وقطر.
وعود الاستقلال
ترافق الاستقلال مع وعود بإقامة الدولة الدستورية، وتدشين مرحلة جديدة يكون فيها الشعب مشاركاً في إدارة الشئون العامة، وإصدار دساتير تقنن ذلك وتشريعات تترجم ذلك، وحياة سياسية تؤمن حرية التنظيم والتعبير، وحقوق المواطنة كاملة.
لقد مرت دول المنطقة بتعرجات ومد وجزر فيما يتعلق بالنضال السياسي والمجتمعي من أجل حكم دستوري وديمقراطي، ودفع المجتمع ثمناً باهظاً من ثروته وفرض التنمية والتقدم والتكامل الحقيقي في إطار مجلس التعاون الخليجي.
وعلى رغم ذلك لم يخبُ الأمل فقد استمرت المنظمات السياسية والنقابية والمجتمعية والشخصيات الوطنية سواء المرخصة منها أو غير المرخصة في سبيل تحقيق الأهداف النبيلة لشعوبها دون أن تتمكن من إحداث اختراق جدي حتى جاء الربيع العربي بنسائم التغيير.
على رغم حركة التغيير أو الانتفاضات التي شهدتها الدول الخليجية بتفاوت وتوقيتات متباينة، قد فاجأ القوى السياسية والمجتمعية والباحثين والأنظمة أيضاً وأجهزتها، والدول ذات النفوذ في المنطقة، بحجمها وتجاوب الشباب ومختلف فئات الشعب منها إلا أن ذلك لا يعني أنها بلا مقدمات كما يلي:
1- إن دول المنطقة مهيئة تماماً لحركة التغيير وشعرت بها كسائر الشعوب العربية تواقةً للحرية والكرامة والعدل، ولإقامة أنظمة تحترم حقوق الشعب والمواطن، وعلى امتداد العقد الماضي، فقد شهدت بلدان المنطقة حركات سياسية ومطلبية، إما لتدعيم المكسب أو لتحقيق مكاسب ديمقراطية وحقوقية، ومثال ذلك حركة «نبيها خمسة»، ونيل المرأة حقوقها السياسية، وإقالة الوزارات المتتالية برئاسة الشيخ ناصر الصباح في الكويت، والحركة الدستورية في البحرين والحركة المطالبة بدستور عقدي وحقوق إنساني في السعودية والمطالبة بدستور ديمقراطي ومجلس وطني كامل الصلاحيات في الإمارات والمطالبة بتفعيل الدستور في قطر والمطالبة بدستور ومجلس نيابي كامل الصلاحيات في عمان، وغير ذلك من المطالب الكثيرة التي تتمحور بشأن نظام حكم دستوري ديمقراطي، والمشاركة السياسية في السلطة وإصلاحات دستورية وتشريعية ومؤسساتية في النظام، بحيث يؤمن الحقوق والواجبات للمواطن وليس كرعية يجود عليها الحاكم بمكرمات.
2- شهدت السنوات العشر الماضية ثورة المعلومات والاتصالات وكانت دول الخليج في قلب هذه الثورة، كما كان الشباب من الرواد فيما أضحى يعرف بثورة التواصل الاجتماعي. ولا عجب كون هذه البلدان تتوفر على أحدث شبكات الإنترنت وشموليتها وسهولة ويسر الحصول على هذه الخدمات بحيث صنفت الدول الخليجية في مقدمة الدول العربية، في تكنولوجيا المعلومات والتواصل فإضافة إلى البنى السياسية والمجتمعية التقليدية من أحزاب وجمعيات واتحادات أهلية، فقد شهدت المنطقة ثورة في استخدام الشباب بشكل خاص وعموم المواطنين والمقيمين في التواصل والتشبيك، والتنظيم ومجموعات الحوار باستخدام الإنترنت والفيسبوك والتويتر كما ظهرت مئات الآلاف من المواقع الإلكترونية والبلوغر والحسابات الشخصية على الفيسبوك والتويتر. وبالفعل فقد نجحت مجموعات شبابية مثل «نبيها خمسة» في الكويت في الطرح والترويج والتعبئة لقضايا سياسية وديمقراطية واجتماعية وقد ذكرنا بعضها سابقاً، وهذا التحرك لا يقتصر على الفضاء الافتراضي بل تطور أيضاً إلى التحرك على الأرض في صورة مظاهرات واعتصامات واحتجاجات أنزلت عشرات الآلاف إلى الشارع وأضحت مساحة الإرادة في الكويت مثالاً وعنواناً لهذا التحرك.
3- انخراط الشباب من الجنسين بشكل متزايد في الشأن العام والنضالات السياسية والمجتمعية، سواء في إطار منظمات قائمة أو استحداث منظمات جديدة أو تشكيل حركات وشبكات خاصة بهم
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 3408 - الخميس 05 يناير 2012م الموافق 11 صفر 1433هـ
لقد قاطعتم
يا اخ عبد النبي , انتم قاطعتم المجلس التاسيسى الذى صاغ الدستور فكيف تتحدث عنه بايجابية بعد ان ناضلت لمحاربته وعدم الاعتراف به ؟