بينما كنت أمام شاشات بعض الفضائيات العربية، شاهدت فظاعات جسيمة ومجازر مرعبة، وقصفاً متواصلاً لبيوتات المواطنين وترويع الاطفال والنساء، وجثثاً متناثرة في الطرقات، سألت نفسي أين ضمير الأمة العربية، وأين المجتمع الدولي وحقوق الإنسان التي يتشدقون بها؟ وأخيراً أين القمم العربية المتكالبة على سورية في هذا الوقت؟
فلو قمنا بتحليل ردود الأفعال العربية ممثلة في الجامعة العربية، لوقعنا في تحاليل غريبة عجيبة، لكننا سنحاول جاهدين في هذا المقال الشائك الوصول إلى استنتاج دقيق عن ردات فعل للجامعة العربية فيما يخص الدولتين (سورية وغزة) إن صح التعبير على اعتبار أن الأخيرة مدينة تندرج تحت دولة فلسطين.
نلاحظ أن غزة تقصف بين فينة وأخرى من الكيان الصهيوني، واغتيالات لكوادرها على مدى عقود ومجازر لا حصر لها يندى لها الجبين، وحصار مستمر على هذا البلد عربي. كل ذلك لم يحرك نخوة العرب ويشعرهم بالغيرة تجاه إخوانهم!، ولم تهدد الجامعة العربية بتدويل أزمتها دوليّاً، ولم تشكل وفود لمراقبة الوضع في فلسطين، ولم يقدم أي أمين عام للجامعة العربية منذ تأسيسها مشروعاً لمناقشة قضية غزة في مجلس الأمن أو تقديم قضيتها في المحافل الدولية المختلفة. كل هذه الانتهاكات التي تحصل لإخواننا تجابه بالشجب والاستنكارات الخجولة فقط!
وللعلم فقط، حينما كانت غزة تقصف، كان الرئيس شيمون بيريز يتجول في بعض البلدان العربية!
في المقابل، مع أننا لا نبرر لأي حاكم ومن ضمنهم الرئيس السوري قمع شعبه أو انتهاك حقوقهم والقتل الذي يحدث في هذا البلد، إلا أننا نستفسر فقط لماذا هذا التكالب البغيض من قبل الجامعة العربية على معاقبة سورية، مع أنه شأن داخلي وليس اعتداء خارجيّاً من قبل الاحتلال الغاصب كما يحصل في غزة الإباء والشموخ.
طبعاً هذه الازدواجية تضع الكاتب والمفكر والحقوقيين والمحللين السياسيين، وحتى المواطن العربي البسيط في تفكير عميق ومحير، ويريد أن يعرف المفارقة بيت تلكما الدولتين وكيفية التعاطي معهما.
لسنا محللين استراتيجيين كما يسألني البعض أو يستفسر البعض الآخر، عندما يتعلق الوضع بالشأن الداخلي لأن وضعنا معقد إلى أبعد الحدود، ماذا يدور في فلكنا؟ وما هي الحلول الأساسية لوضعنا الداخلي؟، ولماذا بلدنا لم يعطنا حقوقنا في برلمان كامل الصلاحيات؟ وعلى ماذا ترتكز خططه؟ وما هي أهدافه من تسويف الحل؟ هذه الأسئلة مشروعة لدى المواطن البحريني، لكننا لسنا من ضمن من يصوب أو يصل إلى الإجابات الصحيحة والمقنعة فيما يخص بلدنا.
بالرجوع إلى ازدواجية قرارات الجامعة العربية فيما يخص سورية وغزة، وأعتذر عن الدخول في شأننا الداخلي في وسط التحليلات المبهمة والشائكة والمعقدة. نستنتج أن الضغط على سورية والتهديد بتدويل أزمة سورية وتحرك الجامعة العربية بهذا الشكل الغريب والمثير للجدل والاستغراب. هذا المحرك ينبع من القوى الامبريالية، وهذه القرارات التي توصي بها الجامعة العربية ليست من قممنا الفارهة، وانما هناك من يضغط عليها من القوى الاستعمارية وعلى رأسهم الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإضعاف سورية كونها من دول الممانعة التي تهدد الكيان الغاصب.
خلاصة الكلام، ليس الأمر يتعلق بقلق الدول العربية على الشعب السوري، فلو كان كذلك، فهناك شعوب عربية كثيرة تقمع، وهناك شعوب تضطهد وأخرى تقتل. فالأمر يا إخوان هناك خطط تحاك ضد سورية كونها بلد ممانعة وتهدد الكيان الصهيوني، وهذا بالطبع لا يروق لأميركا، فهنا “الكمنجة” كما قالها ممثلنا القدير عبدالحسين عبدالرضا أحد أقطاب الكوميديا في الوطن العربي.
إن كنا في محل تقديم النصيحة نقول للقادة العرب، التئموا مع شعوبكم واتخذوا قرارات من عواصمكم واتركوا عنكم دول الاستكبار، إذ إن الأمان لأمتنا في شعوبنا، والدول الاستعمارية تنظر دوماً لمصالحها، وما يدل على هذا التحليل والقول، ما حدث في تونس وليبيا ومصر عندما تخلَّو عن رؤسائها وهم في أمس الحاجة اليهم، حينما شعروا بأن مصالحهم ستتضرر.
كل عام وأنتم بخير
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3407 - الأربعاء 04 يناير 2012م الموافق 10 صفر 1433هـ
سلمت يا فاضل
استاذنا العزيز اتذكر قول الشاعر اسد عليا وفي الحروب نعامه
لا نبرء ذمه الحكومه السوريه وقبادتها مسؤله عن كل نقطه دم سفكت بغير حق عن كل اعتداء على كل مواطن سوري بغض النظر عن انتمائه واختلاف مشربه من جهه اخرى كل القتل في العراق ولبنان والجريحه فلسطين لم يوقض ضمير الجامعه العربيه ولم يشحذ همتها لستين سنه ورحى الموت تدق ارقاب العرب وفي احسن الاحوال واشجعها تستنكر او تشجب جامعتنا العتيده اينها من ابلول الاسود وغيره من الابادات الجماعيه لماذا ظهرت العضلات المفتوله بس على سوريا هل لسر في قلب يعقوب
إنه عالم الحيوان
أجل يا سيدي الكاتب إننا في عالم الحيوان يسود فيه القوي وحكمه على الضعيف ولا وجود لضمائر أو إحساس أو أية قيمة حياتيه . الله يسهل عليهم و يرتقون إلى عالم البشر .
شكرا للكاتب على الطرح الجميل
يسعد قلمك الشريف وسير على النهج المدافع عن الحق يا مخلص الوطن
مقال جميل لا يفوتكم
كلام جميل يشرح الخاطر يجب قرائته والتمعون فى مضمونه