كالجميع ألجأ إلى هذا القسم لأبث شكواي عسى أن تجد لها آذاناً صاغية وأيدياً متحركة قد تحرك من قدري البائس شيئاً، أكتب في هذه السطور ظُُلامتي إلى المسئولين في وزارة التربية والتعليم بعين الخصوص والتي ليست بجديدة في سلك التعليم... أكتبها ليقرأها الجميع أنطق باسمي وباسم كل من عانى ويعاني، ربما سطوري تجدي نفعاً...
كل مجريات الحياة في هذه البحرين تفرض على المرء أن يدرس مستقبله جيداً ويخطط له فقط ليعيش، إذ بات من الواضح أنه عليه أن يكفل نفسه بنفسه دون أن يعوّل على أحد والأدهى والأمر عندما يبذل سنين عمره ثم لا يجد ما بذل لأجله عمره لأسباب هي خارجة عن إرادته مهما فسرها فلن يجد لها سبباً مقنعاً... ولأني من أسرة طموحة متواضعة قررت من صغري أن أصنع نفسي بنفسي، حينها فقط سمحت لنفسي أن أترك كل رغباتي وطموحاتي ولجأت لما يحتاجه سوق العمل وما أضمن معه الوظيفة المناسبة، بناءً على ذلك اخترت بدقة وعناية تخصصي الجامعي، تاركة خلفي ما أريده على أمل أن أتوظف بسرعة البرق بعد سنين الدراسة، رغم أن خطة البعثات ضيقة الخيارات لكنها لم تشكل عائقاً لي طالما مجموعي تعدى 95 في المئة في المسار العلمي.
لم أجد صعوبة في الاختيار فالجميع رجح لي تخصص «التربية الأسرية» إذ إنه لا يُدرَّس بداخل البحرين وفي كل سنة يتم جلب الكثير من المعلمات بجنسيات عربية من الخارج فقط لسد النقص، مازلت أذكر أنه كانت في تلك الأوراق المعتمدة من وزارة التربية والتعليم لخطة البعثات أنه مكتوب بجوار تخصصي «له أولوية التوظيف» الأمر الذي جعلني أجعله خياري الأول رغم أن الدراسة تتطلب مني التغرب خارجاً لمدة 4 سنوات... إلا أنني خضت كل المتاعب بوظيفة الأحلام التي سأنال بها مرادي ختاماً... ذهبت لدولة الكويت الشقيقة لأدرس البعثة التي نلتها، ذللت كل المصاعب والمشاق تصبيراً لنفسي لأتذوق طعم النجاح، حافظت على مجموعي بامتياز مع مرتبة الشرف طيلة الـ 4 سنوات وكان ذلك بشق الأنفس، وكنت حينها وزميلاتي المتفوقات معي مفخرة لبلدنا الحبيب، إذ كنا نمثل هناك بلدنا الصغير وكنا نفخر بذلك، وطالما لقينا المدح والإشادة، لم أتوانَ لحظة في أن أرفع رأس بلادي، شاركت بجد في الكثير من الأنشطة ولم أتردد عن الانضمام لانشطة السفارة والملحقية الثقافية، اعتدت نجاحي هناك بل كان من أسعد اللحظات لحظات التقدير والتكريم ابتداءً من أمير دولة الكويت وسفير مملكة البحرين وحرمه المصون، والملحقية الثقافية آنذاك انتهاء بالدكاترة ومشرفي السكن وزميلات الدراسة...
أشاد الجميع بذلك حتى لحظة تخرجي، حينها انتظرت شواغر وزارة التربية والتعليم بفارغ الصبر لأني شعرت أنني على مقربة من تحقيق هدفي. وأدركت أنني على مقربة من خدمة وطني لأني أدرك تماماً مدى النقص في معلمات التربية الأسرية في البحرين، الأمر الذي يؤكد عليه توظيف من سبقنا من الدفعات جميعها ولقلة عددها استمرت الوزارة في إرسال البعثات لدولة الأردن حتى بعد دفعتنا، وذلك لتغطية المزيد من النقص...
كل مؤشرات النقص تلك كانت بالنسبة لي كبريق الأمل..إذ إننا الدفعة الوحيدة المتخرجة والتي جاء دورها لتنل الوظائف...
لم يثنِني إعلان هذه السنة المحدد في صحيفة واحدة والمحصور في يومين عن التقديم لأني كنت أتابع ذلك الأمر بشكل يومي يعكس اهتمامي وإلحاحي...
قدمت حين رأيت تخصصنا ضمن التخصصات المطلوبة والمدرجة من ضمن النقص. قدمت الامتحان واجتزته بصعوبة ومعي من البنات إجمالاً 35 منهن من الجنسيات العربية الأخرى. وقد رشحن للمقابلة... لم يخبو الأمل بداخلي وكل خطوة رغم صعوبتها كان باجتيازها اقتراباً من تحقيق الحلم...
رُشحت للمقابلة واجتزتها بنجاح... هكذا أخبروني أنني... وبعد طول العناء وبعد نجاحي وتفوقي في كل الاشتراطات التي وضعتها الوزارة... أبقى على قائمة الانتظار... والسبب في ذلك أجهله... كيف ولماذا؟ لستُ أدري... أين تنتهي ظُلامتي؟ حين أعلم أنه تم توظيف أخواتي من الجنسيات العربية لشغل النقص... ولم يتم توظيفي؟ فقط لماذا وأنا أحمل اسم البلد؟ نعم أنا أعلم كل ذلك وأعلم أين وفي أي مدرسة لأني لم أسكت للحظة عن المحاولة...
ما الذي يرجح الأخريات؟ ألم نتساوَ في تجاوز المطلوب من وزارة التربية؟
ألم أكن أولى بذلك حين بعثتني الوزارة لا درس خارجاً وتكفلت بجوانب ابتعاثي... إن لم يكن لذلك نتيجة وكانت ستستغني بأية حال عن خدمتنا؟ فلم أرسلتني وزميلاتي؟علمت ذلك وتيقنت منه وكان ذلك كالصاعقة بالنسبة لي، لم أستسلم، أحببت أن أذكَّر الوزارة علّني سقطتُ سهواً، رفعت أمري بصعوبة بالغة إلى قسم الموارد البشرية، راجعت الوزارة مرات عدة، أجريت اتصالاتي بشكل يومي، أغلبها لا تجاب وإن تم الرد يكون جواباً لتساؤلاتي هي «إن احتاجوكِ سيتصلون بكِ» دخلت على قسم التوظيف ومخاطبته وجهاً لوجه، وقدمت رسالتي أخبرني حينها بأنه إما أنه لا يوجد نقص، أو أنه لم يتم الإعلان عنه لشغله، وسيوافيني بالخبر بعد أسبوع... وهنا أقف هنيهة وأقول إلى من يهمه الأمر في وزارة التربية والتعليم مناشدة الرد والجواب:
- إن لم يكن هناك نقص فلمَ تم الإعلان عنه في شواغر التربية وتم وضع التخصص ضمن التخصصات التي تحتاج لمعلمات؟
- إن لم يكن هناك نقص لما تم توظيف الأخريات من زميلاتي العربيات وهل بذلك مقياس معين؟ وكوننا 5 بنات فهل بصعوبة نتوزع على مدارس البحرين التي تفوق الـ 50 مدرسة. ألم يؤخذ بعين الاعتبار سنين البذل والعطاء والمجموع العالي؟
لستُ ضد توظيف من له الأهلية سواءً عربياً أم بحرينياً، فقط أسأل عن حقي في التوظيف، لأني مؤمنة بأني بعد مسيرة البذل تلك أني أحتاج فرصة لإثبات ذاتي في وزارتكم، ولو لم أكن مؤهلة لما اجتزت جميع الاشتراطات التي وضعتموها قبل التوظيف... ظللت أنتظر الرد أسبوعاً وأسبوعين ثم شهراً وتحول الشهر إلى أشهر... لم يصلني جواب ولم يجبني قسم الموارد البشرية حتى عن سؤالي عن التوظيف للفصل الثاني.
الألم الذي يعتصر قلبي أنا وغيري من عاطلات التربية هو أمل الطموح الذي لم يجد فضاء يتنفس فيه، حين تشعر أن قدرتك على العطاء والإبداع لا تجد لها أحضاناً تستوعبها، حين تشعر أنك تُقدّر خارج بلادك والجميع يتهافت عليك وعلى قدراتك وفي وطنك أنت لا شيء... وكأنك لا تستحق رغم أن المنوال الطبيعي لكل من بذل أن يجد زرعاً يحصده.
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
في خطوة غير مخططة وغير مدروسة لتوابعها السلبية على مصير طفلة سواء من الناحية النفسية من جهة (وترك زميلاتها في المدرسة في وقت مفاجئ غير متوقع) أم على مستقبلها الدراسي من جهة أخرى، تفاجأنا نحن الوالدين بخبر نزل علينا كالصاعقة من قبل ادارة المدرسة - وبالذات القسم الخاص بالمواصلات - مفاده بأنهم لا يستطيعون توفير أي حيز شاغر لابنتنا في الحافلة التي تقل طلاب المنطقة التي تقطنها (الطفلة) كي يتسنى لهم إدراجها ضمن الطلبة المسجلين في المواصلات التابعة لإدارة المدرسة، ولقد كان هذا الخبر - وللأسف الشديد - نتاج وعود وآمال كانت تطلق لنا بين الفينة والأخرى مؤداها قرب علاج وتسوية المشكلة التي نعاني من وطأتها طوال الـ3 أشهر الماضية.
لقد كانت تلك المحصلة النهائية المحزنة على قلب طفلتي، نتاج مشوار طويل من الذهاب والاياب وبعد جولة ماراثونية من قبل الوالدين والمحاولات المستميتة التي خاضوها مع ادارة المدرسة سواء بالتواصل اليومي المباشر من قبل الوالد ام عن طريق التواصل الهاتفي وكانت سبل الوصول الى المسئولين الكبار في الادارة تبوء بالفشل وعلى ضوء كل ما سبق خرجنا نحن الوالدين من سباق الجولة خاسرين على حساب تفوق وتقدم الفئة التي أوهمتنا بوعودها المزيفة وعلى أمل توفير حافلة بحجم كبير تستوعب كل الطلبة المسجلين على قائمة الانتظار؟!
كانت جملة الأعذار التي نطرحها على المسئولين فوق مناضدهم المكتبية، كثيرة وملحة عل وعسى تقبل بها الادارة وتشفع لنا ونخرج من ورائها بإشارة ضوء أخضر تبدي الادارة موافقتها وقبولها في ادراج اسم طفلتنا في «مواصلات المدرسة» ولكن هيهات ان تقبل بها طالما تتصدر المنفعة المادية أجندة أولوياتها واهتمامها على حساب المنفعة النفسية التي سيكون وقعها اكبر بكثير على طفلتي الصغيرة.
المدرسة خلال فترة تسجيل طفلتنا بمرحلة الروضة، أكدت لنا ولأكثر من مرة قرب علاج المشكلة وكانت تطلق لنا وعودا بانه مع نهاية الشهر الجاري ستنتهي القضية العالقة، وقد مضى الشهر، وجاء الشهر الذي يليه ولكن لا حياة لمن تنادي، حتى بلغ السيل الزبى ووقفنا نحن الوالدين حقيقة في وضع لا نحسد عليه، عاجزين ومقيدين عن ايجاد سبل لتسوية المشكلة وتوفير وسيلة مواصلات واحدة لها على اقل تقدير تقلها من منطقة السكن في المحرق الى مقر المدرسة، ناهيك عن الذرائع الكثيرة التي تطلق لنا من قبل ناس طالبانهم بمهمة مقابل اجر ايصال ابنتنا الى المدرسة ولكن تعددت الأسباب والمشكلة ظلت واحدة لم يتغير حالها وهي انعدام وانتفاء وجود وسيلة مواصلات تنقذ مستقبل ابنتي الدراسي.
كانت ادارة المدرسة تعدنا بأنها في غضون فترة زمنية قصيرة جدا لا تتعدى الشهر ستنفرج الامور، وعلى ضوء كل ذلك صبرنا شهرا تلو الآخر، ولجمنا الصعاب والشقاء في تحمل طريق المواصلات الطويل الذي يسلكه والدها في مسار الذهاب ولكن بعدما استنفدنا كل السبل لم نجد سوى حل واحد يفضي لإخراج الطفلة قسرا عن رغبتنا ورغبة الطفلة من الانتظام في المدرسة، والبحث لها عن مدرسة أخرى بديلة رغم انها مازلت تعيش وتمارس دورها كطالبة قضت اجمل ايام حياتها المدرسية، وتحمل ذكريات جميلة مع شقاوة ناعمة ولطيفة تركتها خلف حيطان الفصل الدراسي بزميلاتها المفضلات ومعلماتها الرائعات... نعم لقد أقبل الطلاب للتو على فصل دراسي جديد وتزامن ذلك مع ظروف وتغييرات قسرية تحتم على الأب والام - التي تقع مقار اعمالهم بعيدة كليا عن مقر المدرسة - الى اللجوء لإدارة المدرسة لعلاج قضية المواصلات عبر كل السبل الآنفة الذكر، حتى بلغنا آخر لحظة وآخر نفـَس وخرجنا من عهدتهم بكلام خاو لا يغنى ولا ينفع من جوع مفاده الرفض الابدي! بالاستناد الى حجة الا وهي أن حجم الحافلة التي تقل طلاب المنطقة صغيرة جدا ولا تستوعب حيزا واحدا بغرض إضافة طالب آخر وكانت الضحية هي ابنتي، فيما الادارة العليا ترفض توفير حافلة كبيرة كي تستوعب الطلاب الآخرين المدرجين على قائمة الانتظار، وبالتالي يكون موقفها الرافض ناسفا لكل وعودها السابقة التي اطلقتها لنا وطارت مع ادراج الرياح، فيما يظل وقع الامر أكثر ايلاما وصعوبة على الوالدين والطفلة واللذين ظلا محتارين في تدبير امورها (الطفلة) في هذا الوقت الحرج مع نهاية فصل دراسي وبدء فصل دراسي آخر عوضا عن الصعوبات التي قد تواجها مع اختلاف المناهج الدراسية... بعد كل الذي سردناه من يأخذ بظلامتنا، ويوجد لنا الحل الناجع والمجدي؟ هل نتكل على الادارة التي تكللت محاولاتنا معها بالفشل سابقا وعلى مدى فترة زمنية طويلة ام على وزارة التربية والتعليم المناطة بها مسئولية جسيمة في مراقبة وعلاج أمثال هذه النوعية من المشكلات في اقرب فرصة عاجلة لا تحتمل التسويف، والذي يعود بالصالح على الطفلة وعلى مسألة تراكم الحصص الدراسية التي ستتخلف قهرا عن حضورها بشكل يومي؟
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
لا أبالغ أن ذكرت أننا نعيش في زمن العجائب حيث إن القيادة الرشيدة تكرر في كل وقت وحين بضرورة التيسير على المواطنين في شتى المجالات ولكن رغباتهم تصطدم بتعنت المسئولين الذين يفترض منهم ترجمة التوجيهات إلى واقع ملموس إذ بهم تراهم يتمادون في التعسير والتعقيد ليس لسبب سوى أنهم يتلذذون بتعذيب المواطنين وإلا فبماذا نفسر رسوب أحد المواطنين في امتحان التخليص الجمركي علماً بأنه يعمل في هذا المجال قرابة الخمس سنوات لم يصدر منه خطأ واحد في تأدية وظيفته ولكن بسبب التطوير الذي انتهجته إدارة الجمارك فرضت امتحاناً للمخلِّصين يشبه في تعقيداته كمن يود أن يشغل وظيفة مكوك الفضاء من حيث الأسئلة التي لا تمت بصلة لجوهر التخليص فهي بمثابة أسئلة استباقية لعالم مجهول ولا نعرف سبباً لكل هذه التعقيدات التي ما أنزل الله بها من سلطان. وقد تسببوا بتعقيداتهم هذه أن هذا المواطن سيفقد وظيفته لدى الجهة التي يعمل بها لأنه لا يستطيع الحصول على رخصة تخليص جمركي وليس رخصة سياقة مكوك الفضاء. والأدهى أنه حينما طلب صاحب المؤسسة التي يعمل لديها هذا المواطن من مسئول الامتحانات إبداء أسباب الرسوب وماهيتها حتى يستطيع أن يتدارك أخطاءه مستقبلاً لم يلتفت لطلبه هذا المسئول وكأن الطالب يطالب بأسرار خطيرة وليس ورقة امتحان تخص جهة العمل والعامل، فهل في هذا التصرف شيء العقلانية... سؤال أوجهه إلى إدارة الجمارك لمصلحة من تسببتم في فقد هذا المواطن وظيفته؟
يوسف محمد الأنصاري
العدد 3407 - الأربعاء 04 يناير 2012م الموافق 10 صفر 1433هـ
أختي الفاظلة عاطلة تربوية
قصتك مشابهه للكثير من القصص هنا, أنا من أتباع مذهب أهل البيت و كذلك مجموعة معي, لانوظف سنويا بينما أتباع المذهب الكريم الآخر يوظفون قبل التخرج بأفادة توقع التخرج, لكن ماذا أفعل فوظت أمري ألى ربي فهو ليس غافل عني ولا عن اي شيء يحدث في هذه الدنيا.
عاطلة تربوية
شكرا ً لك من أعماق قلبي يا وسط لانكِ ضممت رسالتي في عددكِ
للتصحيح:
ومعي من البنات إجمالاً 35 منهن من الجنسيات العربية الأخرى..
نحن لم نتجاوز ال15 ومنا من الجنسيات العربية
اكرر شكري .. وامتناني..