لم يكن فيلماً عاديّاً في توقيت عادي، إذ كان فيلم «وهلأ لوين» لمخرجته نادين لبكي من الأفلام التي تغزو عن قصد وجدان المشاهد بما بها من مزيج مميز من الموسيقى والاستعراض والسيناريو لتكوين ملحمة كاملة من الملحمات التي تهدف إلى انتصار الإنسانية على الشر.
الشر في الفيلم كان يتمثل في الطائفية بين المسيحيين والمسلمين في لبنان إبان الحرب الأهلية، وهو امتداد للطائفية الواقعية التي يراد لها أن تتعملق في جميع البلدان العربية لأهداف سياسية واقتصادية. وحال مملكة البحرين كحال غيرها من تلك البلدان يراد لها أن تدخل في صراع طائفي يهدم النسيج الاجتماعي الذي اعتاد عليه البحرينيون طوال معيشتهم على هذه الأرض. تلاحم طال الانساب والأعراق فغدت بعض البيوت مثالاً لهذا التسامح والتعايش المذهبي بل وأحياناً الديني.
في الفيلم كانت النساء هن القائدات من أجل تحقيق الوحدة التي عرفت بها الضيعة قبل دخول جهاز تليفزيون إليها، والذي اطلع أهل الضيعة من خلاله على أحداث الحرب الأهلية بين طوائف اللبنانيين، وهو ما ركز عليه جميع من كتبوا عن الفيلم، على رغم بروز دور رجال الدين من كلتا الطائفتين المسيحية والمسلمة في الأمر ذاته، وكيف أنهم رسخوا خطبهم ومواعظهم في إطار الرغبة في احترام الآخر الصديق/ القريب لا العدو/ الخصم، وهو ما نفتقر إليه في البحرين بشكل كبير.
كان الإمام والقس يتباحثان في الفيلم عن كيفية انتشال الضيعة من هذه الفتن الدخيلة إلى أن وصلا إلى قناعة لكي يسيرا خلف النساء اللاتي وضعن أفكاراً متعددة لإعادة روح السلام، حتى أن إحداهن أخفت حزنها على ابنها القتيل وآثرت أن تخفي جثته قبل دفنه كي لا يكون مدعاة لاقتتال جديد بين رجال الضيعة، فأي تسامح وأي قلب هذا الذي يريد احتواء قرية كاملة في ظل حزن كحزن فقد الابن المدلل؟
وإذا ما عدنا إلى الواقع سنجد أن لرجال الدين دوراً كبيراً في قيادة الرأي جنباً إلى جنب مع قادة الرأي الآخرين في مجتمعاتنا الاسلامية، بل ويتخطاهم أحياناً في بعض المجتمعات، فلو اضطلع هؤلاء الرجال من الطائفتين السنية والشيعية في البحرين بأدوارهم واتخذوا من هذه الميزة وسيلة للتقريب بين القلوب ولن أقول المذهبين - إذ إن أكثر ما نحتاج إليه الآن وأسهل ما يمكن تحقيقه - لكسبنا الكثير من الوقت والجهد والمال، وخصوصا مع تأزم الأوضاع في بعض المدن البحرينية التي كانت مثالاً يحتذي به الخليجيون لا البحرينيون فقط في التسامح المذهبي والتعايش، كالمحرق والبديع والآن برزت مدينة حمد على الخط ذاته.
ما يميز المحرق والبديع أن بهما من البحرينيين الحكماء الكثير ممن رضعوا حليب هذه الأرض وعلمتهم تربتها معنى الطيبة والتسامح فاستطاعت أن تخمد النار التي أراد بعض الدخلاء إشعالها، ولكن مدينة حمد بحاجة إلى مثل هؤلاء الرجال كي تتخطى هذه الأزمة، ولا أقول هذا تقليلاً من شأن رجال هذه المدينة، لكن رغبة مني في أن يقودوا حركة تدعو الى التسامح ونبذ الفتن على أرضها لتصل إلى حل الأمور.
من أجل تحقيق السلام النفسي والاجتماعي في البحرين لابد أن نتساءل جميعا ًفي مملكة البحرين «وهلأ لوين»، وخصوصاً بعد تقرير بسيوني الذي فند الكثير من التهم التي أطلقها الطرفان وأهمها الخيانة العظمى التي مارسها المحتجون بتعاونهم مع دول أخرى ضد بلادهم فلم يعد لدينا خونة كما ادعى البعض، وهو ما يدعونا الى إعادة الثقة ببعضنا بعضاً واعادة المحبة التي عرفنا بها منذ القدم على أرض أوال
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3402 - الجمعة 30 ديسمبر 2011م الموافق 05 صفر 1433هـ
أدعو
جميل جدا ، كتب الكثيرين عن الفلم في البحرين ، لأننا فعلا متألمين مما يجري . ادعو لمشاهدة الفلم ، وادعو مثل الكاتبة الجميلة سوسن للتقارب والمحبة كفانا خسرانا
اه على البحرين
للاسف رجال الدين اليوم هم يقودون الطائفية الا من رحم ربي
لو انهم يزيدون من خطب الجمعة التي تدغو الى الاسامح ونبذ للطائفية لما سمعنا اصوات المخربين تعلو
شكرا لانك ذكرتي مدينة حمد ونا حدث بها من احداث نهيفة كادت ان تهز التسيج الاجتماعي للمتطقة
المصالحة خيارنا الاوحد
المصالحة الونية بحاجة الى جهد جبار يقوم به كافة اطياف المجتمع ولس رجال الدين فقط
سلمت اناملك اختي العزيزة سوسن
نحن نفتخر انك منا من بنات هذه الارض الطيبة
جيفري
المثل يقول فرق تسد
لكن المثل عندما ننظر إليه في الواقع نجده يفشل بسررعه لأنه شعوب اليوم ليسوا كشعوب الأمس